هناك قوانين عديدة تحكم العلاقات الإنسانية يمكن إيجازها للتبسيط في قانونين أساسيين هما : قانون الحب : وهو أول قانون في العلاقات نشأ حين أحب آدم حواء وأحبته ومازال هذا الحب يسري في ذريتهما ويجمع المحبين لتعمر بهم الحياة وتنمو وتتطور . وقانون الحب يكتسبه الإنسان في مراحل نموه الأولى حين تحوطه الأم بالرعاية وتلبي احتياجاته فينشأ لديه إحساس بأن الحياة آمنة وأن الآخرين يوثق بهم وبعطائهم وأنهم يستحقون منه المشاعر الطيبة . قانون الصراع : وقد ظهر متأخرا بعد قانون الحب , وتجسد في أوضح صوره فيما نشأ بين قابيل وهابيل من مشاعر غيرة وحسد وتنافس انتهت بأن قتل قابيل أخاه هابيل , واستمر ذلك القانون يعمل بين البشر ويصدر عنه النزاعات والخلافات والحروب في كل زمان ومكان . وقانون الصراع يتولد عند الإنسان إذا نشأ في بيئة مهددة لاتعطيه احتياجاته الأساسية لذلك ينمو لديه الإحساس بأن الحياة غير آمنة وأن الآخرين لا يوثق بهم وأن عليه أن يأخذ حقه بذراعه عنوة وأن يتصارع طول الوقت مع الآخرين الذين يحاولون – في نظره – أن يسلبوه ذلك الحق. ومن حكمة الله ورحمته أن قانون الحب نشأ قبل قانون الصراع , وأنه يظل أقوى وأكثر امتدادا وتغلغلا منه , والدليل على ذلك استمرار الحياة على الأرض وتطورها ونموها على الرغم من الخلافات والصراعات والحروب . وهناك توازن بين القانونين يسمح باستمرار الحياة والتفاعل بين الناس , ولكل من هذين القانونين وظيفة يؤديها لا غنى للناس عنها فقانون الحب يكمن وراء كل المشاعر الجميلة بين البشر ويكمن وراء كل عوامل البناء في الحياة , وقانون الصراع يربض وراء المنافسة والمغالبة وتطوير أدوات الحياة وتسخين درجات التفاعل بين البشر وتنشيط الحواس والعقل للعمل وتنقية الأرض مما يلحق بها من فساد (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض) . فالإنسان لا يستطيع أن يعيش بأحد القانونين منفردا , ولكن صحة الحياة وصحة العلاقات تتوقف على مدى نسبية ومساحة كل من القانونين في النفس البشرية , ومتى يعمل كل قانون منها وفي أي الظروف يعمل وفي أيها يتوقف , وما هي ضوابط العمل والتوقف لكل قانون. أسباب اضطراب العلاقات الانسانية بين البشر وتأتي مشاكل العلاقات من مصادر كثيرة متصلة بطبيعة النفس البشرية واختلاف توجهاتها واحتياجاتها وأطماعها ودوافعها ومخاوفها وظنونها وصراعاتها الداخلية والخارجية . إذن فالإختلاف يكاد يكون هو أهم مصدر للمشاكل في العلاقات فلا شك أننا كبشر مختلفون بدرجات متفاوتة , وبعضنا يتحمل هذا الإختلاف ويتقبله والبعض الآخر لا يتحمل ويدخل معنا في صراع . وبعض الناس لديهم توقعات بأن يكون الآخرين مثلهم في طريقة التفكير وفي السلوك , وأن من يختلف عنهم يصبح عدوا لهم أو على الأقل مهددا لاستقرارهم . والصراع بين البشر على مستوى العلاقات لا يتوقف على الغرباء بل قد يكون بين الأقربين أشد , وأول وأشهر صراع واضطراب في العلاقات في التاريخ الإنساني كان بين قابيل وهابيل وانتهى بأن قتل قابيل أخاه هابيل وكانت أول جريمة قتل في التاريخ الإنساني بسبب الغيرة والتنافس.