هل تعتقد أن تجربة المراهق لسيجارتين يومياً لا تجعله يدمن على النيكوتين؟ إذاً أعد التفكير مرّة أخرى لأن دراسة حديثة قد أظهرت أن أدمغة المراهقين الذين يدخنون سيجارتين يومياً تستجيب للتدخين بنفس الطريقة التي تستجيب فيها أدمغة البالغين المدمنين بشدة على التدخين أي تستجيب بالإدمان على لذّة السجائر. الدراسة التي أجراها الباحثون في جامعة كاليفورنيا قسمت المشاركين إلى مجموعتين مجموعة تدخن خمس سجائر في اليوم الواحد ومجموعة من المراهقين غير المدخنين. ويقول الدكتور مارك روبينستاين: "إن معظم برامج مكافحة التدخين تتطلب أن تدخن ما لا يقل عن 10 سجائر باليوم للانخراط فيها، ولكن إن تدخين أقل من خمسة سجائر في اليوم يثير للجدل حول ما إذا كنت بالفعل مدمناً وحتى لو كنت تدخن كل يوم" ويضيف أن نتائج هذه الدراسة مهمةُ جداً: "لأنه قد تبين أن الأشخاص الذين يبدأون التدخين في سن المراهقة هم أكثر عرضةً ليتحولوا إلى مدخنين مدى الحياة بالمقارنة مع الذين يبدأون التدخين في مرحلة عمرية أكبر". واعتمد الباحثون في الدراسة على الرنين المغناطيسي والوظيفي وذلك لمراقبة مناطق النشاط في ادمغة المراهقين والتي تتفعل عند مشاهدة مجموعة متنوعة وعشوائية من الصور المرتبطة بالتدخين كصور علب الدخان أو رجل يحمل سيجارة ومقارنة هذا النشاط في الدماغ مع النشاط الحاصل لدى عرض صور حيادية كصورة شخص يحمل قلماً. وركزّ الباحثون على نظام الدوبامين في الدماغ أي شبكة الممرات العصبية التي تتحكم باللذة والإدمان، ومن المعروف أنه عندما يدمن الناس على شيء ما فإن الإشارات البصرية أو الصور المتعلقة بمحور الإدمان تثير ردة فعل في الدوبامين مماثلة لتلك التي يثيرها الشيء المدمن عليه. حيث أظهرت النتائج أنه عندما يشاهد المدخنون المراهقون صوراً للتدخين تتنشط مناطق الدماغ التي تفرز الدوبامين بالطريقة التي تتنشط فيها في أدمغة المدخنين المدمنين بشدة، بينما لم يلاحظ هذا التأثير في أدمغة غير المدخنين من المراهقين أو لدى عرض الصور الحيادية. ويعقب الدكتور مارك روبينستاين على ذلك بقوله: "إن هذا يشير إلى أن المدخنين يبدأون بإظهار التفاعل الإدماني في الدماغ حتى في هذه المرحلة المبكرة" ويتابع حول هدفه في هذه الدراسة بقوله: "إن هذه الدراسة تهدف إلى الحد من تدخين المراهقين قبل أن يبدأ والقضاء على هذه الظاهرة تماماً". وختاماً نذكر أن الدكتور مارك بدأ بالفعل بمحاولة تطبيق نتائج هذه الدراسة في عيادته ويقول حول ذلك: "لقد استخدمت فعلاً هذه المعلومات لدى مناقشتي المراهقين حول الإقلاع عن التدخين وذلك في محاولة لحملهم على تأجيل البدء بالتدخين، ولقد خفضت الحد الأدنى لمكافحة التدخين من عشر سجائر يومياً إلى خمس وأنا في محاولة لخفضها إلى أقل من سيجارتين يومياً".
حيث على ما يبدو فإنه حتى بكميات قليلة جداً وأقل بكثير مما نتوقع فإن السيجارة تستطيع إثارة إدمان قد ندفع ثمنه من صحتنا.