أجمعت الأحزاب والقوى السياسية المصرية بما فيها ذات التوجه الإسلامي على الرفض التام لدعوات التظاهر يوم 28 من الشهر الجاري تحت اسم "انتفاضة الشباب المسلم" أو "معركة الهوية"، والتي دعت إليها "الجبهة السلفية" وانضم لها تنظيم "الإخوان" الإرهابي. وكان في مقدمة الرافضين للتظاهر حزب "النور"، الذراع السياسية للدعوة السلفية، حيث قام على مدى الأسبوع الماضي بحملة موسعة شملت معظم المحافظات المصرية باسم "مصرنا بلا عنف"، وطافت قيادات الحزب والدعوة بالمحافظات المختلفة للتنديد بهذه الدعوات ورفضها وتأكيد ابتعادها عن الدعوة السلفية التي لم تدع طوال تاريخها إلى العنف، فيما من المقرر أن يعقد الحزب اليوم الأربعاء، مؤتمرًا صحفيًا بأحد فنادق القاهرة يعلن فيه رفضه التام لدعوات التظاهر، وذلك بمشاركة الدكتور يونس مخيون رئيس الحزب، والمهندس جلال مرة الأمين العام، والسيد خليفة نائب رئيس الحزب، والمهندس أشرف ثابت عضو المجلس الرئاسي، ونادر بكار مساعد رئيس الحزب لشئون الإعلام، وعدد من قيادات الحزب. وقال الدكتور يونس مخيون، خلال حملة (مصرنا بلا عنف) في الفيوم أمس، "إن ما تتعرض له مصر هو مؤامرة كبرى تستهدف التقسيم والتفكيك، مشيرا إلى أن أطراف المؤامرة خارجية وداخلية.. وهذه المؤامرة ليست وهما بل أصبحت واقعا لتحويل المنطقة إلى دويلات صغيرة مفككة، الأمر الذي لا يصب إلا في صالح الكيان الصهيوني، فما يحدث في إسرائيل لا ينفصل أبدا عما يحدث في العالم العربي". وأضاف "اسموا أنفسهم الجبهة السلفية، ولا هم جبهة ولا هم سلفيين، مشيرا إلى أن عددهم نحو 15 فردا، وهذه التسمية مقصودة للإيقاع بفصيل وطنى في صدام مع الدولة والشعب، متسائلا "كيف لكيان ضعيف مثل هذا أن يتولى الدعوة لهذه المظاهرات؟ والجميع يعلم من وراءهم ومن الذين يريدون نشر الفتن في البلاد". ومن جانبه، أكد المهندس عبد المنعم الشحات المتحدث الرسمى باسم الدعوة السلفية أن هذه الجبهة اتخذت من السلفية عنوانا فقط، في حين أنها تتبنى الفكر القطبى، وهو ما أكده قادتها في تصريحاتهم الأخيرة، مشيرا إلى أنه لا يوجد فارق بين الجبهة السلفية وجماعة "الإخوان" الإرهابية.. فما هو إلا تبادل أفكار والعمل على تحطيم أي صورة إيجابية تخطر لدى المواطنين حول مفهوم السلفية. ودعا إلى عدم الالتفات لتلك الدعوات التي تدعو إلى التدمير والخراب والعمل على الحفاظ على مقدرات الدولة التي هي ملك ومنفعة عامة لكل المواطنين، وأن الدم المصرى كله حرام سواء جيش أو شرطة أو مواطنين. كما انضم ما يسمى ب"التحالف الإسلامى لدعم الاستقرار" إلى قائمة الرافضين لمظاهرات الجمعة، حيث عقدوا مؤتمرا صحفيا تحت شعار (مصر أولا) اليوم لتوضيح أسباب رفض 28 نوفمبر، وذلك بحضور ممثلين عن التحالف الإسلامى، والجبهة الوسطية، وجبهة إصلاح الجماعة الإسلامية، ومنشقى الجهاد الإسلامى والجماعات التكفيرية، ومنشقى "الإخوان"، وبمشاركة المفكر الإسلامى الدكتور ناجح إبراهيم، والحاج عبد العال أبو السعود نائب رئيس القبائل العربية بسيناء، والشيخ فؤاد الدواليبى القيادى السابق بالجماعة الإسلامية، ورئيس جبهة إصلاح الجماعة الإسلامية، والدكتور أمل عبد الوهاب الأمين المساعد للتحالف، والدكتور صبرة القاسمى أمين عام التحالف الإسلامى، ومحمود الفقى القيادى الإخوانى المنشق. وعلى خلاف ما هو متوقع أكدت الجماعة الإسلامية، أحد أضلاع ما يسمى ب"تحالف دعم الشرعية" عدم مشاركتها في مثل هذه التظاهرات. وأكد الدكتور عصام دربالة رئيس مجلس شوري الجماعة الإسلامية عدم المشاركة فيما يطلق عليه "انتفاضة يوم 28 نوفمبر"، داعيا من أطلق هذه الدعوة لمراجعة موقفه، لافتا إلى أنه لا يجوز دعم تنظيم "داعش" الإرهابي ولا الانتساب إليها ولا العمل تحت لوائها. وبدوره، رفض حزب "مصر القوية" المشاركة في هذه التظاهرات، حيث صرح أحمد إمام المتحدث الإعلامي للحزب بأنه لن يشارك في التظاهرات التي تمت الدعوة لها يوم 28 نوفمبر، مشيرا إلى أن الحزب يرى أن الخلاف مع السلطة الحالية ليس خلافا حول الهوية، مؤكدا رفض الحزب لأى دعوة تحرض على العنف، مطالبا الجميع بالتزام السلمية ورفض العنف وعدم تبريره. وأضاف أن حزب مصر القوية مرجعيته الأساسية هي مبادئ ثورة يناير التي قامت من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية، وليست من أجل معارك وهمية كمعركة الهوية، وأن مثل تلك المعارك المفتعلة كانت من الأسباب التي أدت إلى ما نحن فيه الآن من تشرذم. وعلى صعيد متصل، غلب الاستنكار والمطالبة بتطبيق القانون بكل حسم على مواقف الأحزاب المدنية المصرية التي وقفت صفا واحدا في مواجهة دعوات التظاهر دفاعا عما يسمى ب"الهوية الإسلامية" في يوم 28 نوفمبر الجاري، بما يتضمنه ذلك من دعوات للصدام، حيث أصدر حزب "الوفد" بيانا أكد فيه أن الدعوات للخروج يوم الجمعة المقبلة تأتي من خوارج هذا العصر رافعين المصاحف مخططين لإراقة دماء المصريين وإن اختلفت انتماءاتهم وأفكارهم وتوجهاتهم وتخريب منشآت الدولة المملوكة لشعب مصر في هذا التوقيت الدقيق الذي يواجه فيه رجال قواتنا المسلحة الأبطال ورجال الشرطة البواسل عصابات القتل والإرهاب والدمار. كما أكد أن تلك المحاولات اليائسة محكوم عليها بالفشل قبل أن تبدأ، مناشدا مصر بألا ينخدع بتلك الدعوة المسمومة وألا ينزلق للنزول يوم 28 نوفمبر حفاظا على مكتسبات الثورة وحفاظا على الدماء المصرية الزكية. ومن جانبه، وصف الدكتور عفت السادات رئيس حزب "السادات الديمقراطي" الدعوة للتظاهر يوم الجمعة المقبلة بأنها "دعوة لإحراق مصر"، قائلا "إن الغرض من التظاهرات الآن تعدى فكرة إسقاط النظام الحالي وأصبح يهدف إلى التدمير الكامل لكل مقدرات الوطن، وأن المعركة يوم 28 نوفمبر ليست ضد نظام أمني ومتظاهرين سلميين، بل بين الدولة والإرهاب الذي يريد كسرها، مشددا على أن المصريين لن يسمحوا بأن ينال الإرهاب والتطرف من هيبة دولتهم أو مسيرة تقدمهم". وأشاد بموقف مشيخة الأزهر الرافض لمثل هذه الدعوات، مطالبا الإعلام المصري بضرورة إفساح المجال أمام العلماء الأزهريين لشرح خطورة وجود مثل هذه الكيانات، وتفنيد ما يقومون به من أعمال تبتعد عن صحيح الدين. ومن جهته، أكد الدكتور صفوت النحاس نائب رئيس حزب "الحركة الوطنية المصرية" والأمين العام للحزب أن قيادات الإخوان داخل السجون المصرية هي المحرض الرئيسى للجبهة السلفية للنزول إلى الشارع وإثارة الشغب وخلق نوع من الفوضى، مطمئنا جموع الشعب المصرى أن الدولة بجيشها وشرطتها قادرة على السيطرة على الموقف والتصدى للداعين للتظاهر، وان أحدا لن يستطيع أن يكسر هيبة الدولة. وقال "إن الجبهة السلفية ومعها جماعة "الإخوان" الإرهابية دقوا المسمار الأخير في نعشهم بالدعوة إلى تظاهرات يوم 28 من الشهر الجاري الهادفة إلى التخريب والتحريض على العنف وإثارة الفوضي في الدولة". وأعرب حزب "حراس الثورة" عن استيائه الشديد من الدعوات الطائفية التي أطلقتها إحدى الجماعات المجهولة، والتي تتمسح بالإسلام في محاولات مستميتة منهم للعودة مرة أخرى لسدة الحكم مستخدمين شعارات عفى عليها الزمن كتلك التي رفعت أثناء الفتنة الكبرى، وذلك بحسب ما ورد في بيان للحزب. ومن جانبه، حذر حزب المحافظين من الاستهانة بدعوات 28 نوفمبر، وقال شريف حمودة الأمين العام للحزب "إن ظهور الدكتور محمد البرادعي، ووائل غنيم مباشرة قبل دعوات التظاهر في 28 نوفمبر الجاري يثير الكثير من علامات الاستفهام، متسائلا هل ظهورهم في ذلك التوقيت بناء على تعليمات خارجية؟ أم وفقا لتخيلاتهم بحدوث ثورة أخرى يصبح لهم دور فيها؟". ودعا قوات الأمن إلى عدم الاستهانة في التعامل مع الدعوة للمظاهرات المسلحة بحجة فشل جماعة "الإخوان" في الحشد مثل المظاهرات السابقة، موضحا أن التظاهرات السابقة لا تعد مؤشرا على استعداد الإخوان وبعض الجماعات السلفية التكفيرية لهذا اليوم، مؤكدا أنهم سيسعون بشتى الطرق للتدمير وإحداث الفوضى فيه، ورأى أن هناك من سوف يستغل يوم 29 نوفمبر (نطق الحكم على الرئيس الأسبق حسني مبارك) لاستمرار المظاهرات، من خلال الدفع بمتظاهرين من معارضي "منطوق الحكم" إلى الشارع سواء كان الحكم في صالح مبارك أو ضده. ولفت الحزب "الاشتراكى المصرى" إلى تواكب هذه الدعاوى الإجرامية مع توجيهات تنظيم "داعش" لعناصر الجماعات الإرهابية بنقل المعارك والإعمال التخريبية من سيناء إلى قلب العاصمة والمدن المصرية، وإلى الدور التحريضي المتصاعد للتنظيم الدولى لجماعة "الإخوان" الإرهابية، فضلا عن العملاء والمرتزقة في الداخل، ويمثلهم في مصر التحالف الموالي للإخوان "تحالف دعم الشرعية"، والأشكال الإرهابية الجديدة، التي طرحت لتعويض فشل هذا التحالف مثل "المجلس الثورى" و"جبهة تحرير مصر"، التي هي في الواقع صنائع بائسة لجماعة "الإخوان" الإرهابية المنحلة.