أكد الباحث الأثري أحمد عامر أن الحضارة المصرية القديمة لم تخل من الدبلوماسية السياسية والعلاقات الدولية في التعامل، وذلك في إطار تحقيق التوازن الذي سعى له بعض الملوك في فترة من فترات حكمهم ، مشيرا الى أنه تم عقد عدد من معاهدات السلام قديما بين مصر والآشوريين والبابلين والخيتين. وأوضح "عامر" أن معاهدة الملك رمسيس الثاني التى تم توقيعها عام 1270 ق.م بين ملك مصر المنتصر وبين ملوك الخاتيين لم تكون أول المعاهدات، بل سبقتها معاهدات أخرى ولكنها لم تسجل رسميا بل كانت تتم وفقا لتقديرات ونظرات كل طرف إلى خصمه ومنها تحقيق المكاسب أو تقديم التنازلات في ذلك الوقت . وقال: إن أهم تلك المعاهدات كانت تمت في عهد الدولة الحديثة نظرا لكثرة حروب تلك الفترة ، فنجد الملك "تحتمس الثالث" الذى سجل إنتصاراته علي دولة "مياني" في لوحة "جبل البرقل" في العام الثالث والثلاثين من حكمه ، وقد كان لذلك أثر علي الآشوريين والبابلين والخيتين حيث أنهم اتبعوا سياسية السلم والمعاهدات لنيل الرضا من الجانب المصري . وأضاف أنه في عهد الملك "تحتمس الرابع" أشارت النصوص الى وجود معاهدة تمت بين الملك تحتمس الرابع والملك الميتاني كشكل من تدعيم القوه ضد دولة "خاتي" وقد توجت هذه المعاهدة بالزواج الدبلوماسي للفرعون من ابنة "ارتاتاما الأول" ملك ميتاني تقريباً في عام 1430 ق.م ، فيما نجد في عهد الملك "أمنحتب الثالث" أن مصر قد عاشت فتره من الإرتخاء العسكري ، وقد تمثلت بالزواج السياسي بين "أمنحتب الثالث" وأميرات من بابل وميتاني . وأشار إلى معاهدة السلام المصرية الحيثية التي جاءت عقب معركة "قادش" وذلك لأن المعركة لم تحسم من الذي انتصر في الحرب لأنه من المرجح أن الملك "رمسيس الثاني" لم يطرد بالكامل من شمال الشمال ، ولكن معاهدة السلام كانت ضرورية للجانب الحيثي وقد عَقدت بين الملك "رمسيس الثاني" والملك "خاتوشيلي" ملك الحيثين . وأوضح أن إبرام تلك المعاهدة كان لعدة أسباب منها الصراع داخل القصر الملكي في خيتا ، الصراع بين "مورشيلي الثالث" وعمه "خورشيلي الثالث" علي العرش ، تمرد الممالك الغربية التابعة لخيتا ، تهديد شعوب البحر لكل من مصر وخيتا ، نجاح عاهل آشور "شلمنصر الأول" في إقصاء خيتا عن مناجم النحاس في إقليم "إيساوا" بالأناضول ، إنتصارات "شلمنصر الأول" حتي أصبحت آشور قوه عظمى مواجهة للأمبراطورية الحيثية. وذكر أن تلك المعاهدة قد عقدت في العام الحادي والعشرين من حكم الملك "رمسيس الثاني" فقد كتب نصها علي معبدي "الكرنك" و "الرامسيوم" أما النص الخيتي فقد كَتب علي ألواح من الطين ، لافتا الى أن بنود المعاهدة تضمنت ثلاثة عشر بندا هي مقدمة لأسماء طرفي المعاهدة وألقابها ، الإشارة إلي المعاهدات القديمة بين البلدين ، إعلان المعاهدة الجديدة ، تجديد المعاهدات القديمة ، معاهدة دفاع مشترك بين الطرفين ، العمل المتبادل المشترك الذي يتخذ ضد الرعايا الثائرين ، الاعتراف بوريث العرش عند كل من الطرفين . وأضاف أن المعاهدة تضمنت فى بنودها تسليم الهاربين من المدنيين ، آلهة خيتا ومصر شهود في المعاهدة ، اللعنات علي الذين ينقضون المعاهدة والرحمات علي الذين يحافظون عليها ، العفو عن المذنبين الهاربين ، ومن هنا نجد أن معاهدة السلام حققت أهدافها وتبادلت الرسائل بين الملكين ونجد أن ملك الحثيين في العام الرابع والثلاثيين من حكمه زوج ابنته إلي الملك "رمسيس الثاني".