لم تكن مظاهر الترحيب الواسعة، التي شهدتها مملكة البحرين خلال الأيام الماضية، ترقبا لاستقبال صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، رئيس مجلس الوزراء، بعد إجراءه فحوصات طبية ناجحة في الخارج وعودته سالما معافى إلى أرض الوطن، مجرد حفاوة من المواطنين باستقبال قائد ومهندس السياسة الداخلية للمملكة صاحب الانجازات الملموسة التي قام بها طوال تاريخه المجيد منذ عام 1954؛ بل تعبر عن موقف أصيل للشعب البحريني في مساندة رئيس حكومته أمام الهجمة الشرسة التي تقوم بها أطراف خارجية وداخلية، مدعومة من الخارج أيضا، لوقف مسيرة الإصلاح والتنمية التي بدأها خالد الذكر الأمير عيسى بن حمد آل خليفة، والتي واصلها باقتدار جلالة الملك حمد بن عيسى، وصاحب السمو الملكي سلمان بن خليفة آل خليفة، حيث مثلت مظاهر الترحيب أبلغ الرد على المعارضة، في وقت تنتظر فيه المملكة عرسا انتخابيا بعد أيام. وكانت البحرين قد شهدت الأيام الماضية، مظاهر ترحيب وحفاوة بعودة صاحب السمو حيث اشتحت الشوارع والميادين بطول البحرين وعرضها بصور سموع مزيلة بعبارات التهاني بعودته سالما إلى أرض الوطن، وأيضا شهدت مواقع التواصل الاجتماعي بأنواعها المختلفة العديد من التعليقات والتهنآت والمباركات لسموه، حيث تسابق الجميع في تقديم أطيب العبارات والثناء الجميل لسموه، لعودته إلى دياره وأبناء شعبه الذين يقدرون عطاءاته ودوره الوطني على مدى عقود، وما قدمه للبحرين من وقت وجهد حتى أصبحت نموذجا في التنمية والنهضة والازدهار. هذه المظاهر الترحيبية والاحتفالية لا يمكن وضعها خارج السياق العام لمجهودات صاحب السمو الملكي، إذ أن ما قام به المواطنون من مظاهر ترحيب وثقة في قائد الحكومة، لم يأت من فراغ، بل جاء نتيجة تاريخ طويل لصاحب السمو أفنى خلاله حياته وجهده في سبيل صمود المملكة أمام التحديات الداخلية والخارجية، مما يعكس جدارته بالثقة التي منحها له جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، من جهة، والشعب البحريني من جهة أخرى. ولم لا وقد جاءت جل تعليقات المواطنين بأن سموه دائم الحرص على التواصل مع المواطنين ومشاركتهم في مختلف الأوقات والظروف، وأن توجيهات سموه الدائمة هدفها المواطن أولاً وأخيرًا، كما أن سموه يبادر دائماً إلى متابعة مشكلاتهم التي تنشرها وسائل الاعلام ولا يتأخر مطلقًا عن حلها، فأعطى سموه بذلك المثال والقدوة لكل مسؤول في القرب من المواطنين وتلمّس احتياجاتهم، حيث لم تمنعه مسؤولياته الجسام عن أن يكون في موقع الحدث ولا يحجبه بروتوكول عن لقاء المواطنين في مواقعهم ومصافحتهم والسؤال عن أحوالهم. أيضا يعلم المواطن البحريني، التاريخ الطويل لصاحب السمو الملكي، الذي بدأ حياته العملية بالعمل في ديوان والده الشيخ سلمان بن خليفة الحاكم، فدخل العمل السياسي مبكرا حيث أوكلت إليه العديد من المهمات من قبل الحاكم مباشرة والتي كانت تتعلق بأمور المواطنين وخاصة الجوانب الاجتماعية، مما قربه أكثر من البسطاء وعامة الشعب، ونظرا لنجاحه في حل القضايا الاجتماعية تم تعيين سموه عضوا ضمن لجنة الإيجارات لدراسة مشكلة الإيجارات، وقتها، مما زاد من قربه للمواطنين، ثم انتقل عقب ذلك إلى قطاع التعليم، حيث كانت النهضة التعليمية على يده متمثلة في النهوض بالمستوى التعليمي وتطوير قطاعاته، حيث كان سموه واسع الأفق بنظرته المبكرة لأهمية أهمية التعليم في بناء الأمم، فأدخل الأساليب الحديثة لأول مرة في مدارس البحرين، حتى صارت الحركة التعليمية البحرينية تحتل موقعا رياديا على مستوى الخليج العربي والمنطقة، إلى أن تولى رئاسة مجلس المعارف، في يناير 1957، حيث استطاع رسم سياسة تعليمية متكاملة أثمر تطبيقها إنجازات في قطاع التعليم المدرسي والعالي، ما انعكس على المؤسسات التعليمية ومخرجاتها والمستفيدين منها من الأجيال التي ساهمت أيضا بدورها في تدعيم هذه المكتسبات وإثرائها. وعقب ذلك انخرط في العمل السياسي بتوليه منصب رئيس البلدية، الذي يعد من أرفع المناصب في ذلك الوقت، وقد شهد مقر البلدية، خلال رئاسته، تطورا وأحداثا هامة تعتبر علامات بارزة في تاريخ البحرين. ومنذ توليه مسئولية مجلس الوزراء، أحدث طفرة إدارية هائلة، حيث يعود الفضل إليه في إنشاء الهيكل الأساسي للأجهزة الحكومية، وإنجاز مجموعة متكاملة من الأنظمة والقوانين التي كفلت ما تم الوصول إليه من إصلاحات إدارية. إذن فهذا التاريخ الطويل المضي لصاحب السمو، لا يمكن فصله عن مظاهر الحب والترحيب التي يستقبل بها البحرينيين رئيس وزرائهم، وفي الوقت نفسه، فهذا التاريخ الطويل يقطع الطريق على المزايدين في ادعاءاتهم بحق صاحب السمو الملكي، وعلى المشككين أن يدعوا التاريخ يتحدث!