عدّد المركز الإقليمى للدراسات الإستراتيجية بالقاهرة عوامل اتجاه المقاتلين الأجانب إلى الانضمام لتنظيم داعش. وقال إن أول هذه العوامل هو التشدد الفكري، حيث يتسم التنظيم بتشدده الفكري والعقائدي، الذي وصل إلى درجة أنه أصبح محل انتقاد من قبل منظري الفكر الجهادي، وعلى رأسهم أبو محمد المقدسي، الذي وصف فكر التنظيم بأنه "شديد التطرف والعنف"، مما وفر فرصة للتنظيم لضم عناصر من التيارات الجهادية الأخرى الأقل تشددًا، خاصة أن تلك الأخيرة تسعى، من الناحية الفكرية، للالتحاق بالتيارات الأكثر تطرفًا، التي تعتبر، في رؤيتها، "أكثر إيمانًا". أما العامل الثانى بحسب دراسة نشرتها اليوم وحدة دراسات الأمن القومى بالمركز والتي تحمل عنوان" الجاذبية الفكرية: أسباب وتداعيات اتجاه المقاتلين الجهاديين إلى الانضمام ل "داعش"- فهو إعلان "الخلافة الإسلامية"، والذي مثل حدثًا فارقًا في تاريخ التيارات الجهادية. ولفتت الدراسة إلى أنه لأول مرة يقدم تنظيم جهادي أو إسلامي على إعلان "الخلافة" وتنصيب "خليفة"، وهو الهدف الذي يسعى معظم الجهاديين حول العالم إلى تحقيقه، بشكل دفع كثيرا منهم إلى الانضمام لتنظيم "داعش". ومثلت الأبعاد الطائفية للصراعات في المنطقة العامل الثالث من عوامل انضمام المقاتلين الأجانب إلى التنظيم، حيث تمكن التنظيم - بحسب الدراسة- من حشد وتعبئة كثير من الجهاديين حول العالم للمشاركة في القتال ضمن صفوفه، من خلال التأكيد على أنه "جهاد من أجل الدفاع عن أهل السنة ضد اعتداءات الشيعة الذين يحاولون القضاء عليهم"، وهو ما دفع العديد من الجهاديين إلى الانشقاق عن التيارات التي كانوا ينتمون إليها والانتقال إلى القتال ضمن " داعش". أما العامل الأخير فهو الحرب الدولية على "داعش"، والتي منحت التنظيم فرصة لاستقطاب تعاطف وتأييد العديد من التنظيمات الجهادية والتيارات السلفية المنتشرة في المنطقة، مما أدى إلى تدفق الجهاديين بشكل واضح، خاصة من منطقة شمال أفريقيا التي تعد المورد الأول للمقاتلين في "داعش". وقالت الدراسة إن تزايد أعداد المقاتلين الأجانب في صفوف "داعش" يفرض تداعيات خطيرة تتمثل في تصاعد ظاهرة "العائدين من الجهاد"، إذ من المتوقع أن يتجه الآلاف من المقاتلين الأجانب الذين انضموا إلى "داعش"، للعودة إلى دولهم الأصلية، وهم يتبنون الأفكار المتطرفة والعنيفة، بشكل ربما يؤثر على السلم الاجتماعي في تلك الدول، خاصة إذا حاولوا تطبيق هذه الأفكار داخل مجتمعاتهم. كما يؤدى إلى تمدد الفكر "الداعشي" فربما يؤدي أي سقوط محتمل لتنظيم "داعش" بفعل الضربات التي يتعرض لها، إلى خلق حالة من "التشتت الجهادي"، سوف ينتج عنها، في الغالب، توزيع المقاتلين على مناطق أخرى، سواء بالعودة إلى دولهم أو الهروب إلى دول أخرى، وهو ما يدعم من احتمالات نشر الفكر "الداعشي" الذي أصبح يؤمن به ويعتنقه هؤلاء المقاتلون في المحيط الذي سيتواجدون فيه، مما يؤدى أيضا إلى ظهور جيل جديد من الأفكار المتطرفة، لا سيما أن "داعش" يجمع تحت مظلته العديد من الجهاديين الذين يتبنون أفكارًا جهادية متباينة، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى نشأة جيل فكري جديد ربما يكون أشد تطرفًا من الفكر "الداعشي" ذاته.