منذ أن جاءت الدكتورة ناهد عشري، وزيرة القوى العاملة والهجرة، للوزارة أخذت على نفسها عهدا، بأن تجعل مصر جنة خضراء، كأفضل من أية دولة في الاتحاد الأوربي أو أمريكا وذلك عبر الأقوال وليس الأفعال، على قاعدة "هو الكلام بفلوس"، فلا يمر يوم إلا وتخرج علينا الوزيرة بتصريحات تؤكد توافر الآلاف من فرص العمل للشباب في شتي المجالات، حتى يظن المتابع لتصريحاتها بأن مصر بإمكانها استيعاب بطالة الوطن العربي. ويتسبب إعلان الوزيرة المتكرر عن وظائف أغلبها وهمية وخاصة ولاتلبي أدنى احتياجات الشباب، في حدوث حالة إحباط كبيرة لهم، حيث يروي بخيت عبيد خريج كلية تجارة أنه يقرأ كل يوم في الصحف تصريحات لوزيرة القوى العاملة عن توافر الآلاف من فرص العمل وعندما يتقدم لأي منها يجد أنها "هلامية" ولا تتوافر فيها أي من عوامل الأمن والأمان، وأغلبها وظيفة مندوب مبيعات يقع فيها الشاب فريسة لإحدى الشركات التي تشترط عليه بيع منتجاتها في الشوارع والمنازل ليحصل على عمولة لاتذكر، ويظل يتجول بالشوارع أويتعرض للإهانة على أبواب المنازل دون جدوي. ويقول محمد رمضان خريج كلية آداب، أنه تقدم لإحدى هذه الوظائف، فوجدها تتبع للقطاع الخاص حيث لا تأمينات اجتماعية أو صحية، ولا يتوافر فيها أبسط قواعد حفظ كرامة العامل، فضلا عن أنها لاتناسب المؤهلات التي حصلنا عليها بعد كد وتعب. ويضيف عادل محمد، حاصل على ليسانس آداب، أنه تقدم لوظيفة معلن عنها عبر وزارة القوى العاملة، وبعد قبول طلبه وجد أن إدارة الشركة تريد منه أن يوقع على استقالة مسبقة وإقرار بحصوله على جميع مستحقاته المالية، إضافة إلى التوقيع على شيكات على بياض، وعندما سأل عن سبب ذلك قيل له أن هذه الإجراءات لضمان عدم مقاضاتي للشركة في حال فصلي تعسفيا. أما سعيد خضري الحاصل على كليه حقوق، فأكد أنه عند ذهابه لاستلام وظيفته التي عرفها من إعلان للوزارة، فوجئ بإدارة الشركة تقول له أنه سيعمل لمدة 6 أشهر بلا أجر حتى يتم تعيينه، وعندما سأل عن الراتب بعد انقضاء ال6 أشهر، فوجئ أنه أقل بكثير عن المعلن عنه. ويري الدكتور مرتضى السيد، أستاذ الإدارة بجامعة القاهرة، أن عددًا من الوزراء والمسئولين وخاصة وزيرة القوى العاملة، اتبعوا منذ اليوم الأول لهم في الوزارة، قاعدة "ليس في الإمكان أفضل مما كان" و"كله تمام ياأفندم"، فخرجوا علينا بتصريحات وردية تصور للمتتبع لهم أننا لانعيش في مصر، وإنما نعيش في أمريكا أو فرنسا على سبيل المثال، رغم أن الواقع يكشف تزايد معدلات البطالة في مصر بشكل مخيف، حيث أعلن مسئول بالبنك الدولي أن نسب البطالة في مصر تقترب من ال 25%، في حين حددتها الحكومة نفسها ب13 % من السكان. وطالب الوزيرة بدراسة فعلية لواقع الحياة في مصر، ومنها معدلات البطالة، والإعلان عن كل المشكلات دون خجل أو حياء، ثم إشراك المتخصصين في البحث عن حلول واقعية تحل ولو بعضا من هذه المشكلات. وقال السيد إنه يجب أن تتأكد الوزيرة من هذه الوظائف وجدية أصحابها في تشغيل الشباب في عمل محترم لايقلل من آدميتهم، وأن تطمأن إلى صحة المرتبات المعلنة وواقعيتها، وضمان تعيين الشباب بعد فترة تدريب، وذلك قبل التسرع والإعلان عن هذه الوظائف بمعرفة الوزارة. وحذر من مشكلة التعالي على المشكلات، والتي يعاني منها بعض المسئولين، مطالبا الحكومة بالعمل على جذب الاستثمارات للمساعدة في تشغيل الشباب، وإنقاذهم من طابور البطالة. ومن جانبه قال ياسر الشربيني المتحدث الرسمي باسم وزارة القوى العاملة، إنه تم تعيين 30 ألف مواطن حتى الآن، وذلك من خلال إعلانات التوظيف بالوزارة، وأنهم تسلموا العمل بالفعل، وهناك 42 ألف مرشح للعمل يتم إخضاعهم حاليًا للاختبارات داخل الشركات. وأضاف الشربيني في تصريحات "للبوابة"، أن الوظائف المتاحة ليست بالضرورة أن تكون متناسبة مع الشهادات الحاصل عليها المتقدم فخريجي كليات الآداب والحقوق قد لا نجد وظائف لهم فنقوم بتوظيفهم في أقرب الوظائف المناسبة معهم. وأكد أنه لم تصلهم أي شكاوى من المتعينين، قائلا: نحن لا نجبر أحد على شغل الوظيفة فهي فرصة جيدة للتدريب، وشغل وظيفة مؤقته لحين العثور على وظيفة أفضل. وبسؤاله عن الشكاوى من بعض المتقدمين، أن الوظائف دون المستوى، قال إننا نريد تغيير الطريقة التي ننظر بها للأمور فالوزارة تتعامل مع جميع منشآت القطاع الخاص من شركات ومطاعم وفنادق، لا يقلل من شأننا، وان شغل وظائف متواضعة افضل من الانتظار في طابور البطالة، "فلو سافرنا للخارج سنوافق على هذه الوظائف فلماذا لا نوافق عليها هنا؟". وأكد أن الوزارة تقوم بمتابعة من يتم تعيينهم وعند حدوث أي مشكلة مع العامل فبإمكانه التقدم بشكوى للوزارة وهي تقوم بدورها في اتخاذ الإجراءات الضرورية، حيث تتدخل الإدارة المركزية والنقابة العامة للعاملين، ونطلب ممثل عن إدارة الشركة للتحدث مع العامل المتضرر، ونحاول التوصل لحل ودى وإذا لم نستطع حل المشكلة فمن حق العامل اللجوء للقضاء.