وزير الإسكان يبحث مع وزير التنمية الاجتماعية والأسرة القطرية تعزيز التعاون وتوفير السكن الملائم    وزير التموين ومحافظ الجيزة ورئيس مدينة الإنتاج الإعلامي يفتتحون الفرع الرابع لمنافذ «كاري أون» بمقر المدينة.    مجانا ودون اشتراك.. شاهد مباراة مصر ونيجيريا اليوم دون تقطيع بث مباشر - مباراة ودية    الخريطة الزمنية للعام الدراسي 2025–2026.. امتحانات نصف العام وإجازة الطلاب    وزير المالية: خفضنا الدين الخارجي لأجهزة الموازنة بقيمة 4 مليارات دولار.. ومستمرون فى هذا المسار    حسام هيبة: انخفاض عدد شكاوى الشركات بفضل تحسين بيئة الاستثمار    قافلة المساعدات ال95 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة    وزير الخارجية يبحث تعزيز العلاقات الثنائية المشتركة بين مصر والمجر    اليابان ترفع تحذيرها من الزلزال وتدعو لتوخي الحذر بعد أسبوع من هزة بقوة 7.5 درجة    الاتحاد الأوروبي ولبنان يطالبان إسرائيل بالانسحاب واحترام وقف إطلاق النار    الجيش الأوكراني يعلن إسقاط 57 مسيرة روسية    الإمارات: شرعنة 19 مستوطنة بالضفة تصعيد خطير وتقويض لجهود السلام    وزير التربية والتعليم ومحافظ أسوان يتابعان سير العملية التعليمية بمدرسة الشهيد عمرو فريد المتميزة للغات    الأهلي يوافق على عرض إشتوريل برايا لضم محمد هيثم    رمضان السيد: كأس العرب أقوى من أمم إفريقيا.. ومتفائل بمشوار الفراعنة مع حسام حسن    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر والقنوات الناقلة    برلماني بالشيوخ: المشاركة في الانتخابات ركيزة لدعم الدولة ومؤسساتها    نشرة مرور "الفجر".. كثافات مرورية متحركة بطرق ومحاور القاهرة والجيزة    منخفض جوي وسقوط أمطار.. «الأرصاد» تكشف تفاصيل طقس اليوم    «التضامن الاجتماعي» تعلن فتح باب التقديم لإشراف حج الجمعيات الأهلية لموسم 1447ه    التنازل عن أراضٍ لموسكو.. ما سبب المعركة الكلامية ل"زيلينسكي" مع واشنطن؟    دغموم: الزمالك فاوضني ورفضت بسبب مشاكل النادي    البدري: الشحات وأفشة مرشحان للانضمام لأهلي طرابلس    خروقات متواصلة.. الاحتلال يرتكب 5 انتهاكات جديدة لوقف إطلاق النار في لبنان    بدء تصويت المصريين بالأردن في اليوم الأخير لجولة الإعادة بانتخابات النواب    الذهب يرتفع وسط توقعات بخفض جديد للفائدة في يناير    اليوم.. وزير التموين يفتتح مجمعاً استهلاكياً جديداً ل"Carry On"    شبكة Amazon تقدم موعد عرض الموسم الثاني من مسلسل Fallout    الأزهر للفتوى: تداول الفتاوى غير الموثوقة عبر الإنترنت يهدد استقرار الوعي الديني    وزارة الصحة توجه رسالة مهمة للحماية من مضاعفات الإنفلونزا.. اعرفها    مديرية الطب البيطري بالقاهرة: لا مكان سيستوعب كل الكلاب الضالة.. وستكون متاحة للتبني بعد تطعيمها    أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر في سوق العبور للجملة    مباراة دراماتيكية.. مانشستر يونايتد يتعادل مع بورنموث في الدوري الإنجليزي    الجالية المصرية بالكويت تواصل التصويت في اليوم الأخير لإعادة انتخابات النواب    محافظ أسوان: صرف العلاج لأصحاب الأمراض المزمنة كل شهرين    عمرو أديب لمحمد صبحي: هيئة الترفيه لا علاقة لها بفيلم «الست».. هل الدولة ستتآمر على نفسها؟    نقيب المهن الموسيقية: فصل عاطف إمام جاء بعد تحقيق رسمي    محمد القس يشيد بزملائه ويكشف عن نجومه المفضلين: «السقا أجدع فنان.. وأتمنى التعاون مع منى زكي»    حورية فرغلي: بقضي وقتي مع الحيوانات ومبقتش بثق في حد    وكيل صحة الغربية يعلن افتتاح وحدة التصلب المتعدد والسكتة الدماغية بمستشفى طنطا العام    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الثلاثاء 16 ديسمبر    وفاة شخص وإصابة شقيقه في مشاجرة بالغربية    أيامى فى المدينة الجامعية: عن الاغتراب وشبح الخوف!    انهيار ضريح وظهور رفات الجثامين يثير موجة غضب في المنوفية    إنقاذ قلب مريض بدسوق العام.. تركيب دعامتين دوائيتين ينهي معاناة 67 عامًا من ضيق الشرايين    5 أعشاب تخلصك من احتباس السوائل بالجسم    محافظ القليوبية ومدير الأمن يتابعان حادث تساقط حاويات من قطار بضائع بطوخ    كأس العرب، حارس مرمى منتخب الأردن بعد إقصاء السعودية لسالم الدوسري: التواضع مطلوب    لجنة فنية للتأكد من السلامة الإنشائية للعقارات بموقع حادث سقوط حاويات فارغة من على قطار بطوخ    تحطم زجاج سيارة ملاكي إثر انهيار شرفة عقار في الإسكندرية    نقيب أطباء الأسنان يحذر من زيادة أعداد الخريجين: المسجلون بالنقابة 115 ألفا    منذر رياحنة يوقّع ختام «كرامة» ببصمته... قيادة تحكيمية أعادت الاعتبار للسينما الإنسانية    الثلاثاء إعادة 55 دائرة فى «ثانية نواب» |139 مقرًا انتخابيًا بالسفارات فى 117 دولة.. وتصويت الداخل غدًا    حضور ثقافي وفني بارز في عزاء الناشر محمد هاشم بمسجد عمر مكرم    هل الزيادة في الشراء بالتقسيط تُعد فائدة ربوية؟.. "الإفتاء" تُجيب    كيف أرشد الإسلام لأهمية اختيار الصديق؟ الأزهر للفتوي يوضح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 15-12-2025 في محافظة قنا    حُسن الخاتمة.. مفتش تموين يلقى ربه ساجدًا في صلاة العشاء بالإسماعيلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسلم بين الإيمان الحق.. والتأسلم (19)
نشر في البوابة يوم 01 - 12 - 2012

والحقيقة أن الشيخ علي عبد الرازق لم تهبط عليه الليبرالية فجأة، ولم يكن كتابه وليدًا لفكرة طارئة، وإنما هو ومنذ نشأته الأولى كان واحدًا من مؤسسي تيار ليبرالي تبلور في إطار مجموعة من الشبان المستنيرين قبيل ثورة 1919 وما بعدها، فقد كان علي عبد الرازق وشقيقة مصطفى عضوين في مجموعة ليبرالية تضم د. محمد حسين هيكل، ومحمود عزمي وعزيز، ود. منصور فهمي وغيرهم، وكان الأب الروحي لهذه المجموعة أحمد لطفي السيد، ولكي نطل على بعض أفكار هذه المجموعة نستمع إلى شفيق غربال وهو ينعي هيكل: “,”تحدث محمد حسين هيكل عن زيارته لباريس هناك، فقال: ومرت الأيام وأنا أرى في مدينة النور ألوانًا من الحياة تفسح أمام النظر أفق التفكير، وتزيد الإنسان إيمانًا بحرية العقيدة والرأي، وبأن التعصب ذميم، وأن أول واجب للإنسان أن يديم البحث عن الحقيقة“,”.
ويمضي د. غربال: “,”لقد ترجم هيكل أجزاءً من كتاب روسو وأهداها إلى مصر الحرة، إلى القلوب الخفاقة بمعاني الحرية والعدالة والإخاء“,” [مجلة اللغة العربية – (مجموعة 1962) – كلمة شفيق غربال في تأبين الدكتور هيكل – ص212 وما بعدها].
كما أصدر شقيقه الشيخ مصطفى مجلة السفور لتدعو الى التحرر في فهم الدين. [لمزيد من التفاصيل حول دور هذه المجموعة راجع: د.رفعت السعيد – عمائم ليبرالية [2002] ص111 وما بعدها]، هذا هو الرجل والكتاب فماذا عن التداعيات، يتحدث محمد أركون عن الكتاب قائلاً: إنه “,”كان يمثل موقفًا راديكاليا أبعد من أن يكون بحثًا عن نصوص دينية تحرم الكهنوت والاستبداد، كما فعل من سبقوه كما أنه أعمق وأبعد من مجرد محاولة التوفيق بين نصوص الشريعة ومبادئ الحضارة الغربية، بل هو أول دراسة للحقيقة الدينية وارتباطها بشرعية السلطة السياسية، كما أنه أول نقد يظهر التضامن التاريخي بين الفكر الثيولوجي ومجموعة البني السياسية والسلطوية التي استخدمت الأديان في بناء كل الإمبراطوريات“,” [مجلة تحولات – العدد الرابع – [1991] مقال لمحمد أركون بعنوان فك الارتباط ما بين اللاهوت والسلطة] ولعل هذه الفكرة الجوهرية التي أثارت الضجيج الزلزالي الصدى في المجتمع المصري والعربي والإسلامي في هذه الفترة، فإذ تعرض الشيخ لهجوم من أنصار الخلافة تحركت شخصيات وقوى ليبرالية للدفاع عنه، فأصبحت القضية كما يقولون في أيامنا قضية رأي عام.. ونقرأ في مجلة “,”الهلال“,” “,”أن كل أمة إسلامية حرة لها انتخاب من تريده حاكما عليها، وسواء كان الأستاذ علي عبد الرازق قد وفق في أن يستند في نظريته إلى الدين- كما يعتقد- أو لم يوفق فإن هذه النظرية تتفق وأصول الحكم في القرن العشرين الذي يجعل السيادة للأمة دون سواها من الأفراد مهما كانت ولادتهم وميزاتهم الأخرى“,” [الهلال – يوليو 1925] ويكتب سلامة موسى “,”لعلي عبد الرازق الحق في أن يكون حرًّا يرتئي ما يشاء من الآراء دون أن يقيد بأي قيد سوى الإخلاص“,” [الهلال – أكتوبر1925] وتكتب مجلة المقتطف “,”إننا نعتقد أن كل ما قاله حضرة القاضي علي عبد الرازق وأمثاله قرين الصواب، وخال من الخطأ، وكذلك فإن قيام بعض المفكرين ووقوفهم موقف الانتقاد والشك يشحن الهمم ويغري بالبحث والتنقيب“,” [المقتطف. أغسطس 1925] ويجب أن نضع كل هذه الكتابات في إطار وضع شائك فقد تكاثرت على نطاق مصر والبلاد العربية في ظل الدعوة لمؤتمر الخلافة التي روجها بعض الأزهريين لحساب فؤاد، وهو المؤتمر الذي انتهى إلى الفشل في إطار هذا الضجيج وتحديدًا في مايو 1926.
لكن ما يستحق التوقف والدراسة المتأنية هو أن أشد لطمه وجهت إلى الكاتب والكتاب جاءت من سعد زغلول الزعيم ذي المهابة ورئيس الحزب الذي يفترض البعض أنه كان على الدوام حزب الليبرالية المصرية.. ويكتب سعد زغلول: “,”قرأت كثيرًا للمستشرقين ولسواهم فما وجدت من طعن منهم في الإسلام بحدة كهذه الحدة في التعبير على نحو ما كتب الشيخ علي عبد الرازق.. فعرفت أنه جاهل بقواعد دينه بل لبسيط من نظريته“,”، راجع لمزيد من المعلومات حول موقف سعد زغلول ضد الكتاب [د. غالي شكري - النهضة والسقوط في الفكر العربي الحديث – ص244 وما بعدها] كما أسرع الشيخ محمد نجيب المطعني بإصدار كتاب يناقض به كتاب الإسلام وأصول الحكم ويقول فيه: إن الشيخ علي عبد الرازق أراد به أن يعطل الأداة التي بها يمكن إحداث التغيير والتطور في الإسلام، كما أنه يقضي في آخر الأمر إلى إنكار الشريعة ذاتها“,” [محمد محمد حسين – المرجع السابق ص85] وتتعالى نبره التهديد والتحريض فيكتب رشيد رضا “,”لا يجوز لمشيخة الأزهر أن تسكت عنه لئلا يقول هو وأنصاره أن سكوتهم عنه إجازة له أو عجز عن الرد عليه“,” [المنار – 21 يونيو 1925 – مجلد 26 – ص104] وينتفض الشيخ الخضر حسين ليصدر كتابًا بعنوان “,”نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم“,” ثم يهديه بكتابة تحريضية إلى “,”خزانة حضرة صاحب الجلالة فؤاد الأول ملك مصر الأعظم برجاء التفضل بالقبول“,” ثم “,”والصلاة والسلام على النبي وآله وكل من حرس شريعته بالحجة والحسام“,” كما أصدر الشيخ الطاهر عاشور كتابًا بعنوان “,”نقد علمي لكتاب الإسلام وأصول الحكم“,” [1344 ه].
وقبل أن نتحول إلى ردود الفعل الرسمية وتداعياتها يتعين أن نتوقف عند مفارقة ظلت تمثل لغزًا استوجب تحليلات عديدة، فالحزب الذي ساند أحد مؤسسيه وهو الشيخ علي عبد الرازق هو حزب الأحرار الدستوريين الذي جرى تصنيفه على الدوام على أنه المدافع والممثل لمصالح كبار الملاك العقاريين، وهو الحزب الذي كان منذ بدايته الأولى وعلى يدي أحمد لطفي السيد [حزب الأمة] الذي كان يرفض أي فعل فاعل ضد الاحتلال منذ مطالع القرن مطالبًا بأن تبدأ مصر رحلة الاستقلال عبر مسيرة طويلة وممتدة تستهدف نشر الأخلاق والنهوض بالأسرة، ثم تصادم في شكله الجديد [الأحرار الدستوريين] مع سعد زغلول وانحاز إلى الملك فؤاد، وحاول قدر استطاعته أن يلجأ إلى أيه تسوية مع الاحتلال.. هذا الحزب ساند الكتاب والكاتب بينما سعد زغلول يقف ضده.
وهذه الظاهرة ظلت على الدوام معلقة أمام المؤرخين والسياسيين الى أن تولى محمد محمود باشا رئاسة الحزب، فانهال بقبضة قوية على كل مقولات الديمقراطية، بحيث تناقض تماماً مع أفكار ومقولات مؤسسية، ولكن الأمر لم يزل بحاجة إلى دراسة أكثر تدقيقًا لفهم حقيقة هذا التناقض.
ولم يزل زلزال “,”الإسلام وأصول الحكم“,” قادرًا على التحرك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.