أكد الشيخ نشأت زارع، خلال خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في مسجد الشرطة في مدينة جمصة بعنوان "الدروس المستفادة من حجة الوداع" أنه في الحج تذوب الفوارق وتتلاشي العصبيات والقبليات، فلا مذهبية ولا طائفية، فالكل ينادي نداء واحدا لبيك اللهم لبيك، هذا درس لنا أن نبتعد عن هذه الأمراض التي تدمر البلاد والعباد، وهى محرقة الأوطان أن يدب فيها أمراض الجاهلية القديمة الولاء للقبيلة وللعصبيات والحزبية، ولكن الشعار الوحيد أن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون. وقال: لقد شرع الله العبادات لحكم ومقاصد سامية، ولكي يصل الإنسان إلى قيم ومبادئ الإنسانية، ورسولنا الكريم وهو يودع المسلمين في حجة الوداع، ويعطيهم خلاصة تجاربه لأنه تعب مع العرب، وهو يبرئهم من علل يكاد الشفاء منها يكون مستحيلا؛ لذلك هو يجمع الدين كله في كلمات معدودة في خطبة الوداع. وتساءل ماالذي أوصلنا إلى هذا الحال في بلاد المسلمين؟ حيث عادت حروب داحس والغبراء مرة أخرى، وبشكل أبشع وأجرم في القرن ال21 ورأينا حرب البسوس مرة ثانية، ولم ننتبه إلى تحذير النبي في حجة الوداع لنا من الفرقة والتنازع والتشرذم، ومن الطائفية والمذهبية والعصبية، وأكد أن المشكلة الكبرى تكمن في الصراع السياسي الملعون والذي من أجله تفرقت الأمة وتشرذمت ودب فيها داء الأمم، ولقد وضع الرسول"صلى الله عليه وسلم" كل هذه الأمراض الجاهلية في حجة الوداع حيث قال: ألا وإن كل شيء من أمور الجاهلية موضوع تحت قدمي، وأمور الجاهلية كانت الربا والحروب الأهلية والعصبية والقبلية، وأشار إلى أن النظرة الصحيحة للإسلام أنك لاتعادي أحد بسبب عقيدته أو مذهبه أو جنسه، وإنما اختلاف العقائد للتعارف وللتكامل وللتعايش، وتبادل المنافع وليس للعداء والكراهية، والنظرة الصحيحة أيضا أن البشرية بأكملها بينهم قاسم مشترك أنهم أولاد أبا واحدا وأما واحدة كلكم لآدم وآدم من تراب فلايصح العداء بينهم، ولكن التعاون والتعايش والتكامل لعمارة الأرض"وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا"، وأكد أنه من أسباب الخلل أن هناك نسخة تدين مغشوشة في إفهام كثير من المسلمين لقد طلب الله منا الحد الأدنى من العبادات والحد الأعلى من القيم والمبادئ والإنسانية والتسامح ونفع الإنسان، ولكننا فعلنا العكس فكانت النتيجة هذا الوضع المنهار، ووضوح أن جنس الأفعال التي فيها نفع للناس لها أولوية وأفضلية عن الأعمال التي فيها نفع خاص أو نوافل فردية فالأضحية مثلاً لأن فيها نفع للناس وتوسعة على الفقراء فلها فضل عظيم، ومن الأولويات أيضا في الحج أن نقتدي بالرسول، فهو لم يحج إلا مرة واحدة وهى حجة الوداع وخاصة في هذه الأيام والزحام شديد، فمن السُنة أن تحج مرة واحدة حتى تفسح المجال لغيرك، أن يحج بدون مشقة فكثير من الناس يحج المرة الثانية والثالثة والرابعة، ولو نظروا للأولويات لأخرجوا هذه الأموال لخدمة الإنسانية والتوسعة على الفقراء وفك كرب المعوزين، وأصحاب الحاجات ودعم اقتصاد أوطانهم كل ذلك أحب إلى الله عز وجل، وفي نهاية الخطبة وجه التحية لرجال الشرطة والجيش، الذين يضحون بأرواحهم فداء للوطن، وقال: اللهم أجمعهم مع النبيين والصديقيين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.