استطاع الزعيم اليمني "عبد الملك بن بدر الدين الحوثي"، زعيم حركة " أنصار الله" المعروفة، باسم جماعة الحوثيين، بأن يكون أصغر زعيم استطاع أن يقدم تأثيرا، ويغير الكثير من المعادلات في اليمن، وذلك بتحقيق مطالب حركته، والسعي لإرضاء الحركة التي أضحت الصوت العالي في اليمن، بعد أن كسرت شوكة الإخوان" الإصلاح". ويمكن القول بأن عبدالملك الحوثي، زعيم الحوثيين، " 32 سنة"، والذي تولى الحركة بعد وفاة شقيقة الأكبر حسين بدر الدين الحوثي، أصبح أحد أذرع إيران الجديدة في السرق الأوسط والوطن العربي خاصة، بل وصورة جديدة للقيادي الشيعي اللبناني " حسن نصر الله"، ليكون لإيران بذلك شوكتان عظيمتان في المنطقة، تستطيع عبرهما التأثير في المحيط العربي وقلب العملية وفقا لرؤيتها، ومصلحتها الخاصة. ألقى الحوثي كلمة ليلة الجمعة إلى أنصاره كانت كفيلة بأن تغير ميزان العملية السياسية في صنعاء، التي تحولت إلى ثكنة عسكرية لأنصار الحوثي الذين بدأوا العمل بتظاهرات واعتصامات مكثفة في العاصمة، أعقبها تحركات عسكرية، وتوجهات للاستحواذ على الأماكن الحيوية في اليمن، والوزارات المؤثرة، بل ووصلوا لرئاسة الوزراء، ليبدأ التفاوض من منطق أن الحوثي هو الرجل القوى، وصاحب اليد الطولى في اليمن الآن. ونظرًا للأوضاع التي عايشتها العاصمة اليمنية، توجه المبعوث الأممي إلى اليمن " جمال بن عمر" إلى صعدة، لإجراء تفاوضات مع الحوثي، ومن أجل الوصول إلى حل يخرج اليمن من أزمة كانت في طريقها إلى التصاعد، لتشهد اليمن وتعيش من جديد في مستنقع الحرب الأهلية. وبرغم كل ذلك، يحسب للحوثي أنه وافق على التفاوض، رغم أنه ورجاله أصبحوا مسيطرين كامل السيطرة على العاصمة وقادرين على إملاء شروطهم، كونهم المسيطرين على المشهد. وعلى ما يبدو أن تسريبات المصادر الدبلوماسية، والسياسية اليمنية النافذة، التي تحدثت عن اتفاق جرى مع الرئيس عبدربه منصور هادي، مع الحوثيين، بعد مشاورات سعودية إماراتية، أمر فعلي وذلك لكسر شوكة الإخوان المتصاعدة، والتي بدأت تضيق الخناق على كل شيء في اليمن. لكن على صعيد آخر فإن هذا النجاح الحوثي الساحق بمثابة إعلان عن حسن نصر الله جديد في المنطقة، وحزب الله بنكهة يمنية، وهو الأمر الذي يدق ناقوس خطر تخوفا مما قد تعيشه المنطقة، في ظل التلاطم الطائفي بين سنة وشيعة. عبدالملك الحوثي الآن يظهر بصورة الزعيم الملهم، وهناك تلميحات كثيرة لوصل حالة الحوثي ونصر الله، حيث لا يستبعد محللين أن تكون كلمة عبدالملك الحوثي، وما أعقبها من كلمة لحسن نصر الله في نفس اليوم هي مقصودة، وليست من باب المصادفة، بل انهم يرجحون مسألة التنسيق المسبق لأبعد مدى. عبدالملك الحوثي في خطابه المتلفز اليوم خرج على أنصاره أولا وعلى اليمنيين والعالم ليقدم نفسه زعيم إقليميا وبطلها شعبيا جديدا، حيث خرج في البداية ليهنئ أنصاره بنجاح ثورتهم رغم وقوف بعض الدول ضده، ملمحا إلى أن حركته استطاعت بذلك هزيمة دول بعينها، وكأنه إسقاط على حرب حزب الله مع إسرائيل في 2006. الحوثي في كلمته قال بأن " اللجان الشعبية" هي من توجت جهود اليمنيين بخطوة فاعلة وحاسمة، أزالت عقبة أمام هذه الثورة والقرار السياسي، في إشارة إلى اقتحامهم للمؤسسات الحكومية والعسكرية. الحوثي في كلمته أشاد بالجيش أيضا، ولفت إلى أنه كان له دور بارز في نجاح ثورتهم وكان لهم حضورهم المتميز، فرفض تولي الجرائم بحق المتظاهرين، وأثبت الجيش وطنيته وانه واع لطبيعته ودوره الحقيقي عندما رفض أن يكون أداة قذرة بيد عناصر الإجرام، رفض أن يكون درعا للفاسدين. كلمة الحوثي كانت خطابية مليئة بالإشارات القوية لفيصل يتحدث من منطق قوى ويطرح نفسه كأهم الرموز التي لن يستهان بها مستقبلا في المشهد اليمني، مشددا على أن ما قاموا به " ثورة" وردها عدد من المرات في خطابه، لافتا إلى أنهم تمكنوا من إسقاط حكومة الفساد القائمة على صيغة المحاصصة، كما نجحوا في إسقاط الجرعة عبر مرحلتين الأولى التخفيض والثانية اتخاذ إجراءات اقتصادية حقيقية تخفف من معاناة الشعب. وأشار إلى أن المرحلة القادمة سيواجه فيها من يقفون أمام تنفيذ اتفاق التسوية والمتضررين من اتفاق الشراكة، والمرحلة هي مرحلة بناء دولة عادلة وهذا يتطلب تعاون الجميع، فأصحاب منهج الاقصاء هم من يحرصون على مصادرة حقوق الآخرين. وأكمل: ويتبقى أما شعبنا أيضا التحدي الأمني المتمثل في تنظيم القاعدة أتباعه غربية الصنع، والمتمثل فيمن أسقطته الثورة، وهذا يتطلب تضافر الجهود الشعبية، وفي سياق الواقع الأمني يمكن للجان الشعبية أن تكون جنبا إلى جنب مع الأمن والجيش في الحفاظ على الأمن والاستقرار. وبدأ الحوثي في تقديم حلول للأزمات والتحديات في اليمن، لافتا إلى أن هناك جملة من العوامل التي تساعد على التغلب على التحديات، منها الإيمان بمبدأ الشراكة وأنها هي من تجسد العدالة، لأنه لا يمكن أن يأتي طرف ما أن يفرض نفسه على الشعب اليمني، ويجب حل أي مشكلة قادمة بالحوار. وقدم أيضًا مبادرة لحزب الإصلاح كونه صاحب اليد العليا بد أن كسر شوكته، قائلا "نمد أيدينا للإخاء والسلام والتعاون لحزب الإصلاح وانه حزب يمكن أن يعيد لحمته بناء على مبدأ الشراكة الوطنية، كما يتطلب في المرحلة الراهنة إنصاف الجنوبيين ورد مظلوميتهم، فنحن نصر على ضرورة الخطوات الجادة في اتجاه تحقيق العدالة للجنوبيين، وسنكون بجنبهم إلى حين انصافهم ورد حقوقهم". ويشدد الحوثي من جديد على منطق "ثورة الشعب"، لافتا إلى أن هدفها الأكبر إقامة العدل وإرساء مبدأ الشراكة، مشيرا إلى أنهم ليسوا يسعون على تصفيات الحسابات، ولا يهدفون إلى الانتقام من أي أحد أو أي طرف سياسي. ولم ينس الحوثي أن يوجه رسائل تطمينيه لدول الجوار وبالأخص المملكة السعودية، والتي لم يذكرها صراحة، قائلا " كل ما يريده شعبنا أن يعيش بحرية وكرامه، بلدنا لن يضر أي دولة شقيقة، إلا إنه يصر على أن يكون حرا".