انتهاء فرز الأصوات ب عمومية المحامين لزيادة المعاشات    مصدر ب«التعليم» يكشف خطة التوسع بالمدارس اليابانية في مصر    مصر تجذب 520 ألف سائح أمريكي خلال العام الجاري    مكتب إعلام الأسرى: 275 طفلًا في سجون الاحتلال حتى سبتمبر الماضي    ريال بيتيس ضد برشلونة.. هاتريك توريس يمنح البارسا التقدم 4-1 "فيديو"    بث مباشر لمشاهدة مباراة منتخب مصر ضد الإمارات في كأس العرب (لحظة بلحظة) | انطلاق المباراة    إغلاق ميناء نويبع البحرى بسبب سوء الأحوال الجوية    سرق أسلاك كهرباء المقابر.. السجن 3 سنوات لشاب بقنا    صور تجمع مصطفى قمر وزوجته فى كليب «مش هاشوفك» قبل طرحه    قطر تبحث مع نيجيريا والبوسنة والهرسك سبل تعزيز علاقات التعاون    مؤسسة أبو العينين عضو التحالف الوطني تحتفل باليوم العالمي لذوي الهمم    بايرن ميونخ يكتسح شتوتجارت بخماسية.. وجولة مثيرة في الدوري الألماني    الإصلاح مستمر في ماراثون الانتخابات.. وحماية الإرادة الشعبية "أولاً"    تقرير عن ندوة اللجنة الأسقفية للعدالة والسلام حول وثيقة نوسترا إيتاتي    وزير خارجية ايران يدعو اليابان إلى لعب دور محوري في تأمين المنشآت النووية    أحفاد أم كلثوم يشيدون بفيلم الست عن كوكب الشرق.. دينا ونادين الدسوقي: عمل رائع وشكرًا لكل صناع العمل.. خالد الدسوقي: عمل مشرف وتخليد لذكراها خرج بأفضل مما كنت أتوقع.. وكنت أقرب حفيد لكوكب الشرق..    جيش الاحتلال الإسرائيلي يصيب فلسطينيين اثنين بالرصاص شمال القدس    بحضور قيادات المحافظة.. إنهاء خصومة ثأرية بين عائلتين ببني سويف صور    إسرائيل ترد على طلب ترامب بالعفو عن نتنياهو: الديمقراطية فوق كل اعتبار    الجيش الباكستاني يعلن مقتل 9 مسلحين في عمليتين استخباراتيتين بولاية خيبر باختونخوا    سكرتير عام الجيزة يتابع جهود رفع الإشغالات وكفاءة النظاقة من داخل مركز السيطرة    خالد محمود يكتب: أفضل أفلام 2025    محافظ الأقصر والسفيرة الأمريكية يفتتحان «الركن الأمريكي» بمكتبة مصر العامة    صحة المنوفية تتفقد 3 مستشفيات بمنوف لضمان انضباط الخدمة الطبية    بيطري الشرقية: استدعاء لجنة من إدارة المحميات الطبيعية بأسوان لاستخراج تماسيح قرية الزوامل    اسكواش – تأهل عسل ويوسف ونور لنهائي بطولة هونج كونج المفتوحة    الفريق أحمد خليفة يلتقى رئيس أركان القوات المسلحة القطرية    هيئة الكتاب تهدي 1000 نسخة من إصداراتها لقصر ثقافة العريش دعمًا للثقافة في شمال سيناء    الإعدام لمتهم والمؤبد ل2 آخرين بقضية جبهة النصرة الثانية    عمرو عابد يكشف سر عدم تعاونه مع أبطال «أوقات فراغ»    الاتصالات: 22 وحدة تقدم خدمات التشخيص عن بُعد بمستشفى الصدر في المنصورة    نظام «ACI».. آلية متطورة تُسهل التجارة ولا تُطبق على الطرود البريدية أقل من 50 كجم    ضبط عاطل اعتدى على شقيقته بالمرج    هذا هو موعد عرض فيلم الملحد في دور العرض السينمائي    خبير اقتصادى يوضح تأثير انخفاض سعر الدولار عالميا على الدين الخارجي المصرى    الدوري الإنجليزي.. موقف مرموش من تشكيل السيتي أمام سندرلاند    لماذا يزداد جفاف العين في الشتاء؟ ونصائح للتعامل معه    مفتي الجمهورية: التفاف الأُسر حول «دولة التلاوة» يؤكد عدم انعزال القرآن عن حياة المصريين    احذر.. الإفراط في فيتامين C قد يصيبك بحصى الكلى    15 ديسمبر.. آخر موعد للتقدم لمسابقة "فنون ضد العنف" بجامعة بنها    الشرع: إسرائيل قابلت سوريا بعنف شديد وشنت عليها أكثر من ألف غارة ونفذت 400 توغل في أراضيها    وزير الصحة يشهد انطلاق المسابقة العالمية للقرآن الكريم في نسختها ال32    الإعلان التشويقى لفيلم "القصص" قبل عرضه فى مهرجان البحر الأحمر السينمائى الدولى    فيلم السلم والثعبان.. لعب عيال يحصد 65 مليون جنيه خلال 24 يوم عرض    الزراعة توزع أكثر من 400 "فراطة ذرة" مُعاد تأهيلها كمنح لصغار المزارعين    مواقيت الصلاه اليوم السبت 6ديسمبر 2025 فى المنيا..... اعرف صلاتك بدقه    وزير الأوقاف يعلن عن أسماء 72 دولة مشاركة في مسابقة القرآن الكريم    تحليل فيروسات B وC وHIV لمتعاطي المخدرات بالحقن ضمن خدمات علاج الإدمان المجانية في السويس    السيسي يوجه بمحاسبة عاجلة تجاه أي انفلات أخلاقي بالمدارس    حارس بتروجت: تتويج بيراميدز بإفريقيا "مفاجأة كبيرة".. ودوري الموسم الحالي "الأقوى" تاريخيا    اندلاع حريق ضخم يلتهم محتويات مصنع مراتب بقرية العزيزية في البدرشين    اسعار المكرونه اليوم السبت 6ديسمبر 2025 فى أسواق ومحال المنيا    فليك يعلن قائمة برشلونة لمباراة ريال بيتيس في الليجا    وزير الأوقاف: مصر قبلة التلاوة والمسابقة العالمية للقرآن تعكس ريادتها الدولية    الصحة: فحص أكثر من 7 ملابين طالب بمبادرة الكشف الأنيميا والسمنة والتقزم    الصحة: توقعات بوصول نسبة كبار السن من السكان ل 10.6% بحلول 2050    لاعب بلجيكا السابق: صلاح يتقدم في السن.. وحصلنا على أسهل القرعات    مصر والإمارات على موعد مع الإثارة في كأس العرب 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيناريو المواجهة قد يعجل بحرب أهلية ودول الخليج الخاسر الأول.. الحوثى يعيد رسم خارطة اليمن
نشر في الأهرام العربي يوم 17 - 09 - 2014


إبراهيم العشماوى
يتذكر سكان صنعاء بمرارة وألم حادثتين لانتهاكها وحصارها مرتين عبر تاريخها الحديث، الأولى عندما أباحها الإمام أحمد بن حميد الدين ملك اليمن للقبائل لدخولها وسلبها عقب فشل ثورة عام 1948، والثانية حصارها لمدة 70 يوما من القوات الملكية ومرتزقيها بعد انسحاب القوات المصرية بموجب اتفاق الخرطوم فى نوفمبر 1967.

غير أن ما تشهده صنعاء حاليا من حصار شبه عسكرى من قبل من يعرفون ب"أنصار الله" الحوثيين تحت ستار ثورة شعبية تستهدف إقالة الحكومة اليمنية وإلغاء الجرعة المعروفة بتخفيض حجم دعم المحروقات والمطالبة بحكومة كفاءات وطنية، هذا المشهد قد يكون الأصعب فى تعقيده وتداعياته المحتملة على شكل وملامح خارطة اليمن السياسية، وقد يعيد ترتيب القوى السياسية الحاكمة فى صنعاء.
ومع أن الرئيس اليمنى القادم من الجنوب وينتمى إلى المؤسسة العسكرية عبد ربه منصور هادى، يحظى بدعم إقليمى ودولى كبير سواء من مجلس التعاون الخليجى أم مجلس الأمن والقوى الدولية الكبرى فى مواجهة محاولة التمرد الحوثى لفرض كلمته على المشهد اليمنى، فإنه يواجه على أرض الواقع أكبر أزمة منذ انتخابه رئيسا توافقيا لمرحلة انتقالية فى نوفمبر 2012 ضمن مبادرة الخليج للتسوية السياسية والتحول الديمقراطى فى اليمن، فالرجل يحارب على جبهات عدة سياسية واقتصادية وأمنية وعسكرية فى آن واحد، فى مقدمتها تحديات تنفيذ مقررات ومخرجات الحوار الوطنى الشامل، الذى بموجبه سيتم تأسيس دولة اتحادية من أقاليم ستة مع صياغة دستور جديد، كما يواجه أعنف هجمات لتنظيم القاعدة فى جزيرة العرب والمعروف بأنصار الشريعة فى شرق وجنوب ووسط اليمن، فضلا عن مشاكل مع قيادات من الحراك الجنوبى الداعى إلى انفصال الجنوب عن الشمال مرة أخرى، بالإضافة إلى أزمة اقتصادية ومعيشية خانقة تمثلت فى زيادة رقعة الفقر المدقع بنسبة غير مسبوقة تجاوزت نصف السكان وتضاعف نسبة البطالة بين الشباب إلى أكثر من 60 %، وشحة الموارد المالية الخارجية من المساعدات والقروض وهروب الاستثمارات نتيجة القلاقل الأمنية وقطع الطرق من مسلحى القبائل وضرب السياحة وتفجير محطات وخطوط الكهرباء وأنابيب نقل البترول والتى تجاوزت جميعها خسائر بقيمة 4 مليارات دولار حسب تقديرات البنك الدولى والأمم المتحدة .
وإزاء هذا الوضع المتأزم فشلت الحكومة اليمنية فى تحقيق التطلعات الشعبية لإدارة المرحلة الانتقالية بكفاءة، ربما لتعذر تدبير الموارد أو سوء إدارتها والفساد المالى أو الاضطرابات الأمنية والمكايدات السياسية أو هذه الأسباب جميعا، ومن المعروف أن الحكومة تتكون من ائتلاف يضم مناصفة حزب المؤتمر الشعبى العام الذى يتزعمه الرئيس السابق على عبد الله صالح وحلفاءه، وأيضا تكتل اللقاء المشترك الذى يضم تجمع الإصلاح " الإخوان المسلمين "والحزب الاشتراكى اليمنى والتنظيم الوحدوى الشعبى الناصرى . وفى الوقت الذى انشغلت الساحة اليمنية بخلافات الرئيس السابق على صالح الذى أطلق على نفسه الزعيم بعد انتفاضة شعبية أطاحت به بداية عام 2011، وبين خصومه التقليديين من الإخوان المسلمين والقبائل الداعمة لهم، يرى قطاع واسع من اليمنيين أن صالح لا يزال يلعب بأوراق مؤثرة فى القرار اليمنى ويحاول إضعاف خلفه فى إدارة السلطة، لكن هناك أيضا اعتقادا لدى الكثيرين بأن الإخوان المسلمين اختطفوا ثورة الشباب اليمنى لصالح أغراضهم الشخصية، وأنهم وبدعم قطرى حولوا الثورة إلى أزمة سياسية تقاسموا على إثرها المغانم .
ووسط كل هذه الانشغالات وعلى أنقاض الوضع المرتبك، نجح عبد الملك الحوثى وهو شاب لم يتجاوز الرابعة والثلاثين من عمره ووالده مرجع زيدى كبير وشقيقه حسين قتل أثناء مواجهات مع القوات اليمنية عام 2004 فى استثمار المشاكل لقلب الطاولة على خصومه والتسلل بسرعة وقوة إلى مركز صناعة القرار السياسى بصنعاء ليصبح فى فترة وجيزة أحد أهم اللاعبين الأساسيين على الساحة اليمنية من خلال تنفيذه ثلاث مراحل من التصعيد الشعبى لم تواجهه الدولة اليمنية إلا بحشد مضاد له فى الشوارع فقط وكثير من المفاوضات العقيمة، حيث تتضمن المرحلة الثالثة والتى بدأت قبل أيام العصيان المدنى لساعات محدودة، وشل حركة المرور ومحاصرة الوزارات المهمة وقطع طرق الإمداد الرئيسية عن صنعاء من الآلاف من أنصاره الذين يلتزمون بأوامره بشكل مثير، ويطلقون عليه " السيد " حتى إنهم يحملون البنادق والأسلحة الآلية فى المسيرات دون مشاكل . وعلى الجانب الآخر تبدو هيبة الدولة اليمنية إزاء ما يحدث مهددة وعلى محك صعب وفى وضع لا تحسد عليه، فهى لا تقوى دفعة واحدة على تلبية طلبات الحوثى بإقالة الحكومة فورا أو إلغاء قرار زيادة أسعار المشتقات النفطية، كما لا تقوى على تحمل تبعات غضب الحوثى الذى انضم إليه قطاع واسع من اليمنيين لأغراض متعددة، ومنهم بعض أنصار الرئيس السابق على صالح الذى دخل مع الحوثيين فى ست حروب. وإكتفت الرئاسة اليمنية بالتلويح بفض معسكرات وخيم الحوثيين بالقوة، وأرسلت وفودا شتى إلى عبد الملك الحوثى فى معقله الرئيسى بصعدة شمال البلاد ومقترحات غالبا ما يرفض أغلبها، وبدا واضحا أن الرئيس هادى يمارس أقصى درجات ضبط النفس للتوصل إلى حل سياسى للأزمة عبر التفاوض والحوار والتهدئة، لإدراكه بحجم المخاطر التى يمكن أن تنجم عن التصعيد من إشعال فتنة مذهبية أو حرب أهلية قد يتسع نطاقها إلى أكثر من مدينة ومنطقة يمنية، ولهذا نحا باتجاه تأسيس اصطفاف وطنى عريض لمواجهة التحديات والتصدى لانتهاك مقررات الحوار الوطنى، لكنه وجد نفسه فى الختام ومع تعنت زعيم الحوثيين مضطرا إلى اتخاذ خطوات عملية بفض اعتصام أنصار الحوثى فى طريق مطار صنعاء بعد وضعهم قواطع خرسانية لسد الطريق، مما أسفر عن مقتل شخص وإصابة العشرات، واعتبر المراقبون ذلك شرارة توسع المواجهات المحتملة. وبينما يصرح الحوثيون أنهم لا يستهدفون إسقاط صنعاء عسكريا أو الإطاحة بالرئيس هادى، فإن المراقبين للشأن اليمنى يرون أن استثمار الحوثى لحالة الغليان الشعبى واللعب على وتر الفساد والفقر والبطالة لن تتوقف عند تغيير حكومة بأخرى، بل قد تطال كل مفاصل الدولة اليمنية من أعلاها إلى أدناها فى ظل حروب فعلية يخوضها الحوثى حاليا ضد قوات الجيش اليمنى المدعومة من القبائل فى محافظتى الجوف ومأرب خلفت عشرات القتلى، وسيطرته على مساحات واسعة من محافظة عمران القريبة من صنعاء بخلاف نفوذه التقليدى فى محافظتى صعدة وحجة. وقويت شوكة الحوثى فى السنوات الثلاث الأخيرة بعد خروج الرئيس صالح من السلطة، حيث تمكن من إعادة تنظيم صفوفه بعد ست حروب مع الدولة لم تهزمه فيها كلية، وبدأ تمدده بالهجوم على مقر معهد دار الحديث السلفى بدماج بصعدة ودخوله فى حروب مع قبائل مسلحة تدعم السلفيين، كما نجح فى توجيه ضربات موجعة لقبيلة حاشد ورموزها من أبناء الشيخ عبد الله الأحمر، حيث نسف لهم أكثر من منزل بمناطق خمر وحوث وغيرها، وواصل الحوثى توسعه بالاستيلاء على محافظة عمران وغنم أسلحة كاملة للواء من الجيش اليمنى وقتل قائده قبل أن يتراجع جزئيا ويسلم مبنى المحافظة للدولة.
ويتفق كثير من المحللين اليمنيين على أن حل الأزمة الحالية فى اليمن لن يخرج عن احتمالين: الأول وهو المرعب والمخيف، ويتمثل فى مزيد من الحصار الحوثى لصنعاء وإحكام خنقها، وصولا إلى شل قدرة مؤسسات الدولة وما قد تتبعه من فوضى عارمة قد تفسح المجال لانقلاب عسكرى أو سياسى على الرئيس هادى بقيادة الحوثى أو عسكريين متحالفين معه، وهذا الحل الأصعب وإن كان يتعزز على الأرض فى ظل الشحن والتصعيد فإنه غير مضمون العواقب حتى على الحوثى نفسه، وقد يفتح المجال لتمزيق البلاد ودخولها فى حرب أهلية طاحنة .
أما السيناريو الآخر فيتمثل فى إمكانية التوصل إلى حل وسط عبر التفاوض يحفظ للرئيس بعض ماء وجهه، ويمكن الحوثى من اقتناص مساحة واسعة من النفوذ فى إدارة الدولة اليمنية والمشاركة فى الحكومة الجديدة المرتقبة بحصة ربما لا تقل عن الثلث، وهذا الحل الأخير تدعمه بقوة دول الخليج التى لا ترغب فى اشتعال بؤرة خلاف جديدة مع حلفاء إيران فى المنطقة، وهم الحوثيون الذين كشفوا بوضوح عن علاقتهم بحزب الله وإيران دون مواربة، كما تخشى من أن يمكن إضعاف السلطة فى اليمن تنظيم القاعدة من تكوين دولته المزعومة فى شبه جزيرة العرب، مهددا أمن وسلامة دول الخليج وإمدادات النفط فى العالم .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.