اختار أيمن الظواهري زعيم القاعدة عاصم عمر الباكستاني أميرًا لجناح جديد للتنظيم في جنوب آسيا ملقيا على عاتقه مهمة صعبة لإحياء الحركة المتشددة في وقت تتصدر فيه أخبار الدولة الإسلامية عناوين الصحف وتجتذب المجاهدين. ولا يعرف الكثير عن الرجل الذي تشكل تفكيره في مدارس دينية متشددة في باكستان وسيقود أنشطة القاعدة في منطقة تمتد من افغانستان إلى ميانمار. وفي كلمة مصورة بثت الأسبوع الماضي اختار الظواهري عمر أميرا للجناح الجديد للتنظيم الذي خطط لهجمات سبتمبر ايلول 2001 في الولاياتالمتحدة. وكشفت لقاءات مع مقاتلين ومصادر في المخابرات ان عمر الذي يعتقد انه في منتصف الاربعينات من العمر معروف كمنظر وليس كمقاتل ويشتهر في الدوائر الإسلامية في جنوب ووسط اسيا كمفكر وخطيب مفوه. وقال جهادي من المناطق القبلية في باكستان الواقعة على الحدود مع افغانستان والذي يعرف عمر شخصيا إن الظواهري اكتشف مواهبه في وقت معاصر تقريبا لمقتل اسامة بن لادن الزعيم الراحل للتنظيم عام 2011 في غارة أمريكية سرية. وقال المصدر "عقب مقتل أسامة بن لادن شرع الزعيم الجديد أيمن الظواهري في إعادة تنظيم القاعدة وانصب اهتمامه على جنوب اسيا." وتابع "بدأت القاعدة تجند مقاتلين وتدربهم في افغانستان وعين مولانا عاصم عمر أميرا لجنوب آسيا. لديه اتصالات قوية بالمعاهد الإسلامية في باكستان." وقال المصدر إن عمر هو الذي سهل انتقال بن لادن لمنزل آمن في مدينة ابوت اباد الباكستانية حيث عاش لسنوات دون ان يتعرف عليه احد حتى اكتشفت القوات الامريكية مخبأه. حركات متنافسة تم تفسير إعلان الظواهري على نطاق واسع على انه محاولة لاستعادة زمام المبادرة من تنظيم الدولة الإسلامية المنشق على القاعدة الذي اجتاح مساحات شاسعة في سورياوالعراق. واستقطبت الدولة الإسلامية انصارا من الشبان من حول العالم ولجأت لاساليب وحشية من بينها الصلب والذبح بل سجلت بعضا منها في لقطات فيديو كوسيلة للدعاية. بينما وجه الظواهري أحدث رسائله في خطاب طويل ألقاه امام عدسات الكاميرا. وترتبط القاعدة بعلاقات وثيقة مع طالبان في افغانستانوباكستان اي لها وجود قوي في جنوب اسيا. ويقول مراقبون انها قد تسعى لتوسيع نفوذها في حين تستعد معظم القوات الاجنبية التي تقودها الولاياتالمتحدة لمغادرة افغانستان في نهاية العام الحالي مما سيسمح للمقاتلين بحرية الانتقال الى أماكن أخرى. وحتى الآن لم تظهر أدلة على وجود التنظيم في الهند حيث يعيش نحو 175 مليون مسلم.وفي الوقت نفسه بدأت الدولة الاسلامية بالفعل التسلل إلى المنطقة وشوهد انصارها يوزعون منشورات مقلقة في مدينة بيشاورالباكستانية ورفعت راياتها في تجمعات حاشدة مناهضة للحكم الهندي في المناطق التي تسيطر عليها الهند في كشمير. ودفع اعلان القاعدة عن جناحها في جنوب اسيا الأسبوع الماضي الهند لاعلان التأهب في عدة اقاليم وأجج القلق في منطقة تعاني بالفعل من عدم الاستقرار بسبب تمرد طالبان والصراعات الطائفية. مسألة التدين قالت مصادر مطلعة على تفكير عمر انه شديد التدين وانه قام بتأليف أربعة كتب على الأقل تدعو للجهاد أحدها عن شركة الأمن الامريكية بلاكووتر التي عملت في العراق. ويضع عمر شبه القارة الهندية نصب عينيه منذ سنوات طويلة وبث عدة فيديوهات موجهة لمسلمي كشمير للانضمام للمقاتلين في معاركهم ومحاربة "الكفرة". وفي لقطات فيديو بثت في شهر يونيو حزيران من العام الماضي ذكر عمر متابعيه بامجاد الحكم المغولي الذي حكم اجزاء من الهند لقرون. وتقول مصادر باكستانية انه امضى 16 عاما على الإقل في افغانستان وكانت المرة الأولي التي انخرط فيها في دوائر الجهاديين حين درس في جامعة العلوم الإسلامية في كراتشي. وكان من أهم أستاذه الجامعة مفتي نظام الدين شامزاي وهو من مؤيدي طالبان ودعا للجهاد بعد ان قادت الولاياتالمتحدة الحرب في كل من افغانستانوالعراق وحث المسلمين على استهداف الاجانب. واغتيل شامزاي في كراتشي في مايو ايار 2004. كما درس عمر في دار العلوم الحقانية وهي مدرسة اسلامية كبيرة في شمال غرب باكستان يديرها مولانا سامي الحق المعروف "بأبي طالبان" الذي قالت مصادر من المقاتلين انه كان يدرس لعدد كبير من قادة طالبان. واشتهر عمر بمهارته اللغوية الاستثنائية وترجم كتبه لعدة لغات من بينها البشتون والاوزبكية والعربية. وقال مصدر "يقال انه كاتب وخطيب جيد." وفي وقت لاحق سافر مع عدد كبير من خريجي دار العلوم الحقانية إلى افغانستان حيث تردد انه التقى مع بن لادن ثم انضم لمقاتلي حركة الجهاد الإسلامي وهي جماعة متشددة لها أفرع في جنوب اسيا لمحاربة القوات الهندية في كشمير. واشتهر عمر بعمله الدعائي وخطبه النارية ولم يتضح إلى اي مدى انخرط في القتال. وبعد انهيار حركة الجهاد الإسلامي عقب الإطاحة بطالبان في افغانستان انضم قائدها السابق الياس الكشميري إلى قادة القاعدة وطالبان الباكستانية المختبئين في المناطق النائية على الحدود بين أفعانستان وباكستان. وقال مصدر من المقاتلين إن الهدف من اختيار عمر أميرا للقاعدة في جنوب اسيا هو تعزيز انشطة التنظيم في الهند وبنجلادش وميانمار. وأضاف "بما أن الجماعة التي كان ينتمي أليها عاصم (عمر) -حركة الجهاد الإسلامي- كان لها أجنحة في ميانمار وكشمير فانه يتمتع باتصالات قوية هناك ويمكنه تنفيذ المهمة التي كلفه بها الظواهري."