الحظ لا يعرف من يسكن في مكانه ويرضى بما ارتضته الحياه له. الحظ يهرول سريعا تجاه من يركضون خلفه بحب. هذا ما ينطبق على إيناس عبد الدايم، عاشقة الفلوت، الفنانة التي تولت حقيبة وزارة الثقافة مؤخرًا. كانت الترشيحات كثيرة وكان السباق عليها بقوة واستخدمت الحرب الإعلامية لتنجيم عدد من الشخصيات المرشحة لنيل المنصب أبرزها الدكتور “,”صابر عرب“,” وزير الثقافة السابق والدكتور “,”أحمد مجاهد“,” رئيس الهيئة العامة للكتاب. الكل تحولت أنظاره ناحية المنصب ولم يكن يغري عبد الدايم سوى “,”الفلوت“,” الآلة التي تعشقها بعد ابنتها الوحيدة “,”إيمان“,”. تلتقط الآلة ولايمنعها شيئ عن العزف، تقترب من ذاتها بمحبة وسلام كلما التصقت شفتاها بأطراف “,”الفلوت“,” تتأكد موهبتها بقوة. تندمج في العزف ولا تفيق إلا على التصفيق الحاد من قبل الجمهور. خرجت من الأوبرا وهى حزينه ومتهمة من قبل وزير الثقافة السابق، المنتمي “,”شكلاً“,” لجماعة الإخوان، “,”علاء عبد العزيز“,” بالفساد بعد قراره بإلغاء ندبها وقررت أن ترفع ضده قضايا لسب سمعتها، رافضة بكبرياء أن تبكي. فقط حدث هذا يوم 3 يوليو عندما ألقى “,”السيسي“,” بيان القوات المسلحة معلنًا تضامنه مع إرادة المصريين. في تلك اللحظة انفجرت ايناس عبد الدايم في البكاء على سلالم وزارة الثقافة، وكادت أن تحتضن شاشة التلفاز. انتشت بالفرحة بعد 30 يومًا كاملة قضتها فى اعتصام المثقفين ضد وزيرالثقافة . لم تبخل على “,”مسرح الثورة“,” الذى تم نصبه أمام مقر الثقافة بيوم كامل لتقدم فيه عرضا أوبراليا بامتياز وهى لا تنظر إلى أجرها. آمنت أن “,”الفن مقاومة“,” فكان هذا الشعار عنوانًا لهذا اليوم. وقفت على المسرح والهتافات المؤيدة تعانق آلتها وهى تعزف ومعها الفنانة “,”بسمة عبد العزيز“,” على آلة الماريمبا وعازفة الهارب “,”منال محيى الدين“,”. جلعت الفن يتحدث عن نفسه فى وقت كانت فيه مصر أيضًا تتحدث عن نفسها رافضة حكم الإخوان، بينما المثقفون يقودون ثورة ثقافية كانت بروفة ل 30 يونيو التي تفجرت فى كل ميادين مصر عبدالدايم التى تتقن ثلاث لغات بدأت دراستها فى سن مبكرة بكونسرفتوار القاهرة، وبعد حصولها على البكالوريوس بدرجة “,”امتياز“,”، سافرت في منحه دراسية لفرنسا حتى يناير 1990. وعرفت معنى الفن في بلد الحرية والموسيقى فواصلت طريقها. كان إيمانها يؤكد لها أن الشمس لن تغيب عن بلادها، وحين تولى الإخوان الحكم توجهت أنظارهم إلى الأوبرا بإعتبارها قلعة فنون “,”العراه“,” وقبل أن تناقش “,”عبد الدايم“,”ميزانية الأوبرا فى مجلس الشورى أطاح بها وزيرالثقافة فرفضت أن تعود إلى بيتها منهزمة، وأدركت أنه لابد من المواجهة بالفن فهتفت مع المتظاهرين. عبد الدايم بوصولها المنصب تصبح أول وزيرة تتولى حقيبة الثقافة في تاريخ مصر، ولكنها قبل ذلك كرمت فى عدد من المحافل العالمية حيث حصلت على جائزة أبرزعشر نساء فى مصر فى مارس 2000، ونالت كذلك في عام 2001، جائزة الدولة التشجيعية للفنون، وشغلت منصب مدير أوركسترا القاهرة السيمفونى وعميد المعهد العالى للكونسرفتوار 2004-2010 ونائب رئيس أكاديمية الفنون بالقاهرة لعامى 2010-2011.