سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
القمة الأمريكية الإفريقية.. محاولة أوباما الأخيرة للهيمنة على القارة السمراء.. وخطة أمنية والهيمنة لنزع النفوذ الفرنسي.. وواشنطن تسعى لتدشين علاقات اقتصادية جديدة
انطلقت القمة الأمريكية الإفريقية بواشنطن يوم الاثنين 4 أغسطس بحضور العديد من الرؤساء و وزراء الدول الإفريقية، تحت شعار" الاستثمار في الجيل القادم، كان الهدف المعلن منها الاستثمار، ولكن الأسباب الخفيه في هذه القمة تبرز من خلال تصريح أوباما بأن هذه القمة غير المسبوقة ستكون فرصة "لبحث المسائل الأمنية مع إفريقيا"،والتى يحاول من خلالها استخدام الخطة الأمريكية للهيمنة على القارة الأفريقية ذات الموارد الطبيعية الكثيرة والمتنوعة ،ولسحب النفوذ الفرنسي المتواجد في القارة منذ الاحتلال الفرنسي لمعظم دول القارة ،وبسط السيطرة الأمريكية من خلال استغلال أزماتها الاقتصادية والغذائية والصحية التي تعاني منها، تحت زعم إرساء السلم والأمن. و تطمح امريكا الى حجز مكان فى القارة السمراء لتكون شريك اساسى فى المنطقة وتأتي القمة في ظل منافسة على القارة السمراء من طرف دول مثل روسيا وإيران والبرازيل وأساسا الصين التي حققت السنة الماضية قرابة مائة مليار دولار في التبادل التجاري. وتعتبر هذه القمة منافسة حقيقية للاتحاد الأوروبي وخاصة دولة فرنسا التي لديها نفوذ قوي في عدد من الدول وتتولى حاليا التدخل العسكري من أجل الاستقرار كما يجري في مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى. واهتمت وسائل الاعلام الفرنسية بشكل ملفت للغاية بهذه القمة اعتقادا منها أن فرنسا هي الدولة التي قد تفقد الكثير بسبب المنافسة مستقبلا في القارة. وتعتبر فرنسا إحدى الدول الأوروبية التى استطاعت فى النصف الأول من التسعينات أن تحافظ على علاقات وطيدة بمستعمراتها الأفريقية السابقة، وتمكنت من بلوغ هذه المرتبة المتميزة فى علاقاتها الأفريقية، نتيجة لسياسة تعاونية محكمة ودقيقة طبقتها فى بعض الدول الأفريقية فى المجالات العسكرية والاقتصادية والثقافية وكانت لهذه السياسة مرتكزات هامة، تهدف إلى الإبقاء على دورها المؤثر فى السياسة العالمية، لاسيما فى ظل الحرب الباردة بين العملاقين الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد السوفيتى السابق غير أن المتتبع للسياسة الفرنسية الأفريقية. ومن الملاحظ أن ثمة تطورات جدت فى التسعينات وتهدد صلابة النفوذ الفرنسى فى القارة، ولهذه التطورات أسباب عديدة بعضها جاء نتيجة للمتغيرات الدولية، وأن أهم الظواهر التى تعرقل استمرارية التأثير الفرنسى القوى فى القارة هى الثقل الأمريكى المتصاعد فى كثير من الدول الأفريقية، ومنها دول فرانكوفونية، ثم انتشار الإسلام السياسى فى أنحاء مختلفة من القارة. وجدير بالذكر أن أمريكا قامت بطرح سبع مقترحات لتقوية السياسة الأمريكية الافريقية لمحو دور فرنسا في المنطقة و الأستحواذ على ثرواتها لتنشيط الاقتصاد الامريكي وهما أولاً: تقديم توصيات محددة للتحديات العاجلة التي تواجه الولاياتالمتحدة والأمم المتحدة وغيرهما بعد انتهاء الحرب في السودان. ثانياً: توصيات لتقوية الأسواق الرأسمالية في أفريقيا والتوقعات الاقتصادية حول دخل النفط بالقارة من الدول المنتجة للنفط خلال السنوات السبع القادمة. ثالثا: تطوير سياسات الطاقة الأمريكية فيما يتعلق بأفريقيا، والتركيز على نيجيريا وأنجولا، ودول غرب أفريقيا. رابعا: وضع سياسة لترشيد استهلاك الطاقة في أفريقيا، ولحماية الموارد الطبيعية بها. خامسا: تقوية جهود الإدارة الأمريكية في مكافحة الإرهاب في إفريقيا سادساً: استراتيجية محددة لمواجهة المشكلات المزمنة، وحالات عدم الاستقرار من خلال تقوية الجهود الدبلوماسية ومساندة عمليات حفظ السلام. سابعا: توصيات بشأن ضمان استمرار قيادة أمريكا لجهود العالم في مقاومة انتشار مرض الإيدز. لذلك قامت واشنطن بافتتاح قمة الولاياتالمتحدة-افريقيا والتي تشارك فيها 50 دولة أفريقية وتركز على الاقتصاد، على مكافحة الفساد وحماية حرية التعبير وكذلك أيضًا وبشكل خاص على احترام تداول السلطة. والهدف الأساسي لهذه القمة هو نسج علاقات اقتصادية أكثر متانة بين الولاياتالمتحدة وأفريقيا وتطمح واشنطن من خلال هذه القمة الى حجز مكان لها كشريك اساسي في منطقة وصفها الرئيس الامريكي باراك اوباما قبل عام "بقصةالنجاح الكبرى المقبلة في العالم". ومن هنا نري أن رؤية واشنطن واضحة، فهي تدخل قارة تخترقها محاور تقليدية متنافسة، وفي مثل هذه الحالات، فإنها دائما تختار التعامل مع الجميع واللعب على التناقضات، وتؤسس دائما منطقها في التدخل على خيار الديمقراطية وحقوق الإنسان من جهة، وعلى مكافحة الإرهاب في الجهة المقابلة، وفي أغلب الأحيان ما توظف هذين المسارين لخدمة مصالحها الاستراتيجية، وتضطر إلى استبعاد الدول التي تفسد رؤيتها تماما كما فعلت عندما استبعدت الدول التي تعيش حالة السودان وزينبابوي وغيرها. وفي جانب آخر، تعتبر فرنسا نفسها الخاسر الأكبر من هذه القمة بحكم وجود تناغم بين لندنوواشنطن في كل الملفات الدولية، ولهذا لن تتأثر مصالح بريطانيا في افريقيا من هذه القمة. وستعمل فرنسا على الحفاظ على مصالحها في افريقيا مما قد يؤدي بها الى منافسة علنية وصامتة مع امريكا، لاسيما وأن إفريقيا هي آخر معقل لباريس للحفاظ على حضورها الدولي . ومن الملاحظ ان واشنطن لم تنافس فرنسا فقط في الهيمنة على اقتصاد الدول الافريقية بل اعلنت علني عن منافستها للصين وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد طرح مقترح القمة بين واشنطن والقارة السمراء خلال الزيارة التي قام بها السنة الماضية لعدد من الدول الإفريقية. وتأتي دعوته في وقت بدأ اهتمام القوى الكبرى بهذه القارة نظرا للموارد الطبيعية الضخمة التي تتوفر عليها. وكانت دولة الصين سباقة الى القمة الثنائية مع إفريقيا حيث عقدت ومنذ سنوات القمة الأولى بين الطربفين وتبعتها قمم أخرى. ونجحت الصين في إرساء تغلغل مالي وصناعي صيني في القارة، وتحولت إلى شريك رئيسي لها متجاوزة بعض الدول مثل فرنسا. و من التناقض ان ينفي البيت الأبيض أن تكون القمة ردا على التواجد الصيني في افريقيا بل العمل من أجل إعطاء أمل التطور للقارة التي يعتبرها الجميع قارة للمستقبل. بينما قال اوباما في مجلة ذي ايكونوميست "نصيحتي للقادة الافارقة هي التأكد من انه اذا شيدت الصين طرقا وجسورا، فمن جهة ان توظف عمالا افارقة ومن جهة اخرى الا تكون الطرق لربط المناجم بمرفأ شنغهاي فقط بل ان يكون للحكومات الافريقية كلمتها في الشكل الذي ستكون عليه البنى التحتية مفيدة على الامد الطويل". لذلك فتسير امريكا على نهج الإمبراطورية البريطانية ولكن بأسلوب حديث ليس عن طريق الاستعمار ولكن عن طريق مد المساعدات الاقتصادية للدول الافريقية و مناداة بتحقيق حقوق الانسان والاستقلال .