أخوضُ البحرَ فى عينيكِ مجترءًا فلستُ أخافْ أنا البحَّارُ يا أسما سفينى الحبُّ و المجدافْ سِمانٌ كل أحلامى و شِعرى ليس فيه عجافْ حملتكَ بين أحضانى سبَحتُ مخاطرًا فى اليمْ أنا التابوت يا موسى أتذكرنى ؟ و هل تهتمْ؟ فمَنْ أنجيتَهم عادوا وعاثوا فى الديار و كمْ أعضُّ عليكَ من غَيْظى فلا يا إصبعى تفْزعْ تُطاوعُ غضبتى سِنِّى فكنْ يا صاحبى أطْوَعْ تَولَّى أمرَنا قَدَرٌ مِن الأحزان لا يَشبَعْ سأضربُ تارةً أخرى برأسى فى أشدِّ جدارْ أنا مَن بعتهم قدرى فكانوا أسفل التجارْ سماسرةٌ بلا شرفٍ بضاعتهم دمُ الأزهارْ أنا يا صاحبى وطنٌ مُشوَّهةٌ ملامحُهُ و نيلٌ لم يعدْ عذبًا فأحزانى تُمَلِّحُهُ و جِذعٌ جفَّ أخضّرُهُ فقلْ لى كيف تُفلِحُهُ ؟ على أبوابها أرَقٌ و حرَّاسٌ بغير سلاحْ و ليلٌ ما لهُ قمرٌ و شمسٌ عاقرٌ و نواحُ و دارٌ ليس يسكنها سوى جمعٍ من الأشباحْ عليك تحطُّ أحلامٌ و ترحل عنكَ لا تشفيكْ و نَفْسُ البنت لم تبرحْ بمسكنها الذى يبقيكْ و نَفْسُ الجرح لم يبرأْ و طير الشوق يأكلُ فيكْ يقول الفارسُ المهزومُ لمَّا عاود الكَرَّهْ و لم يظفرْ بما يرضيهِ مِن صيدٍ و لا مَرَّه لعلَّ النحسَ فى فرسى فعاودَ راكبًا غيرَهْ أسيرُ الضمةِ الأُولى لنهدٍ قاربَ العشرينْ وكنتُ ابنَ انفلاتاتى صبيًّا غارقًا فى اللِّينْ و ما زالت بنشوتها تُرافقنى إلى الخمسينْ على شُرُفات أحزانى تنَزَّلَ طيفها بالسّلمْ وأغنيةٍ بناى القلب تفتح مُدخلًا للحلمْ و فى لحظات نشوتنا برُوحَينا تلاشى الغيمْ أنا ابنُ التسعِ آياتٍ و بيِّنَتى بنهر النيلْ و قلبى خِرقةُ البردِى وسَعْفٌ من جريد نخيلْ مِدادى الآيةُ الكبرى و مِشكاتى من التنزيلْ سأُنزل آيةً أخرى تضىء بسحرها الآياتْ و تبطلُ كيْدَ ما صنعوا ويلقفُ صدقُها الحياتْ سأضرب بالعصى بحراً فينفلقُ الدُجى طرقاتْ تمرُّ علىَّ كل صباحِ مثل أميرة الأربابْ تُوزِّع خبزَها الروحىَّ للجَوْعَى من الأحبابْ تسوقُ الشِعرَ لى مطرًا وترزقنى بغير حسابْ رأيتُ حبيبتى فى النهر تسبح فى دوائرها كلؤلؤةٍ بحجم الكون تخطف عينَ ناظرِها همَمتُ بلمسها ذابتْ لأغرق فى ضفائرها وقالت هل تلاقينا هناك وهل تعارفنا ؟ وهل كانت لنا دارٌ هناك وهل تعانقنا ؟ فقلتُ سكرتِ من روحى هناك فكان ما شئنا تقول بكم تبيع رفاتِ هذا القلب للشارى ؟ ليصبحَ دفترَ الأشعارِ مِثقالًا بدينارِ فقلتُ مَعاذ أنْ أحيا بلا قلبى و أشعارى لها عينان مذهلتان أوركيديةُ الطَلَّهْ تنام بشَعرها الأحلام أطفالًا بلا حُلَّهْ ولى قلبٌ يفارقنى إليها كلَّما ولَّهْ سأنشىءُ جنةً للحبِّ مكتوبٌ على الأبوابْ بها عينان من وَلَهٍ وغسلٌ باردٌ وشرابْ وشِعرٌ خمرهُ حلْوٌ ومقصورٌ على الأحبابْ أرتِّلُ آىَ أشواقى بلا سأَمٍ و لا نصَبِ ولى فى الضفة الأخرى جنانٌ طرْحُها تعبى وأنهارٌ بطعم الصبر غدَّاقٌ بلا سُحبِ أنا والعشق لؤلؤتان فى عِقد الرؤى المفقودْ وأنتِ القبلةُ الأولى نُوَلِّى شَطرها ونعودْ أظلُّ إليك متجهاً و أشعارى بغير سجودْ بألف طريقةٍ أخرى سأعرُج للسماء أبىّْ سأخرقُ فُلكَ أحزانى و أقتلُ ألفَ ألفِ صبىّْ أقيمُ جدارَ أحلامى و إنْ بخلتْ بقلب نبىّْ على إيقاع ضحكتها و مشيتها الفراغ اختلّْ و ضاءت فانتشى قلبى بمقدم جيشها المحتلّْ ذبيحٌ و الهوى قدرٌ لِسكِّين الهوى قد تَلّْ بطول الشارع الممتدِّ من عينى لعينيها و فوق رصيف أشواقى و تحت ظلال كفَّيها أقمتُ موائدًا للحبِّ فى ساحات نهديها بحقِّ النور فى قلبى و ما فى الروح أضرمتِ لأنسلخنَّ من جسدى ليسكنَ كهفَهُ صمتى و أسكنَ جوف أغنيةٍ تكون حروفها أنتِ و قالت هِئتُ يا شَغَفى فقال لربِّهِ إلَّا و قالت نسوةٌ أكْبَرنَهُ قمرٌ إذا طلَّا و قالوا ضلَّ بالإغواء قال قميصُهُ كلَّا إذا قالت يقوم الشعر رَكْضًا فى معانيها و تهمس فى خواطرهِ فيشرد فى ضواحيها و قلب الشاعر المسكين يحلم لو يدانيها بعينيها يجىء الفجر مثل الطفل حين يجىءْ يضىء فراشها همساً بنورٍ ناعمٍ و بطىءْ تُرى لو طرف إصبعها بليلٍ حالكٍ سيضىءْ إذا مرَّتْ على جسدى أذاب الملحَ ماءُ النبعْ أعود للحظة الميلاد منتشياً بهذا الوضعْ يظل الغيثُ مُنهمراً على روحى ليالٍ سبعْ بغار الشعر يا أسماءُ شاء العشق أنْ أصبأْ و كل جوارحى بكرٌ و قلبٌ بعدُ ما أخطأْ أنا الأمىُّ فى لغة الغرامِ فكيف لى أقرأْ ؟ بشاطئك الرحيب أقمتُ لا خوفٌ ولا أرقُ و من شفتيك قَطْرُ الشعر يعشق ضمَّهُ الورقُ ففى عينيك يا أسما يضيع الشاعرُ الوَثِقُ أنا بينى وبين الحبِّ جسرٌ فوق بحر الخوفْ عليه أسير مُنفرداً سأعبر دون صُحبة زيفْ فلا كانوا لنا مطراً و لا ظلاًّ بغيمةِ صيفْ على عتَبات نهديها خلعتُ قصائدى الأولى و حين ارتبتُ قالت كُنْ تكنْ بالقلب مَوْصُولا و عند الضمة الأولى تَهاوى الشعر مقتولا بطعم التوت يا أسما و نكهةِ قبلة الأحبابْ و رائحةِ اشتهاء الدفْء وقت تجَمُّع الأصحابْ عرفتُ الحبَّ كيف ينامُ طفلاً تحت ظلِّ كتابْ قصور الشوق فى عينيك تنتظر الفتى الأسمرْ و لى فى الظلِّ أغنيةٌ بخمر حُروفها أسكرْ مضَى بى العمرُ و الأغلال أحْجيةٌ و لم تُكسرْ بِوادى طُهركِ القدسىّ آنستُ الهوى نارا و حين تجلَّت الأنوارُ خَرَّ القلبُ مُنْهارا خلعتُ مجاوباً جسدى و ما أدركتُ إبصارا ستأخذنى إلى عينيكِ ألفُ قصيدةٍ أخرى لتتركنى بوادٍ غير ذى نومٍ ولا ذكرى و عند النظرة الأولى أرى ينبوعكِ البِكرَا أنا أنتِ التى كانت و فيكِ المنتهى سيكونْ و طعمُ الصرخةِ الأولى و ثورةُ طفلِكِ المكنونْ أنا السرُّ الذى استخفى بكاف المُبتدى والنُّونْ على أعتابكِ الخضراء قمتُ مُصلِّيًا ناسِكْ أنا المختارُ فى عينيكِ ممزوجٌ بأنفاسِكْ أنا النيل الطفولىُّ المنابِعُهُ بإحساسِكْ قرأتُ بصفحة العينين ما أدركتُ شيئًا ما وفيها كلَّما أبحرتُ ما أحصيتُها عِلمَا فقولى أنتِ مَن أنتِ ؟ و كيف أتيتِ يا أسما دخلتُ مدينةَ العشاقِ مستخفٍ بها ضَيْفا مكثتُ بها لأعوامٍ أحلتُ شتاءها صَيْفا و لمَّا خِلتُها مِلكى فررتُ لوحدتى خَوْفا ركبتُ البحر فى شفتيكِ أطوىِ موجَهُ طَيَّا و لمَّا حُوصرتْ سُفنى و صار المَوتُ حتميَّا دخلتُ جزيرة النهدين عُدتُ بفضلها حَيَّا يضيع العام تلو العامِ و الماضى هو الحاضرْ و نفس تَعثُّرِ الأحلامِ فى بطن الرؤى العاقرْ خلعنا خرقةَ الماضى لنلبسَ حيرة الخاطرْ يقول البحرُ يا أسماءُ و الأنهارُ و الشجرُ بصوتكِ منبعٌ للشعرِ أجرى عَذْبَهُ القدَرُ و فى شفتيكِ مِحرابٌ بهِ الزَلَّاتُ تُغتَفَرُ أصوم الدهرَ إلَّا عنكِ و الأشعارِ يا أسماءْ أصلِّى الخمسَ ثم أقوم ليلِى عاشقًا بكَّاءْ و حلْمى حجَّةٌ كُبرىَ لكعبة سيِّد الشهداءْ سأُلقى قُبلةً بيضاءَ فى الغمَّازتيْن فإنْ ضحكتْ و سال الشوقُ بين الرافديْن سأُلقى قُبلةً حمراءَ فيما بيْن بيْن مُبعثرةٌ خُطى قلبى أحاول جمعها فتضيعْ و تنكر صُحبتى الطرقات باعتْنى و سوف تبيعْ و ما أدركتهُ أنَّا بقايا من فتات ربيعْ بمعطف صمتكِ الوردىِّ آلاءٌ من الهمَساتْ و فوق أريكتى العذراءِ أنتِ و صُحبةُ الساعاتْ يمرُّ قطاركِ اليومىُّ ينثر فى دمى الكلماتْ أنا يا طفلتى وجعٌ على ساقين لا أكثرْ مدادُ قصائدى خمرٌ و كأس الشعر لا تُسكرْ و خمرُ الحبِّ مُسكرةٌ و قلبى منه يستكثر أنا و الليل يا أسما على قلبى حليفانِ مدامتنا شقاوتنا و راقصةٌ ونهدانِ و حين أراكِ مُقبلةً أنا و الليلُ خصمانِ تقاطرَ من سحاب الهمسِ فيضٌ من رؤىً وخيالْ و حين نظرتُ فى ذاتى تجلَّى العشق فى التمثالْ و سال النبض فى قلبى و قرَّتْ فى العيون أمالْ سألقى اللهَ مبتسمًا لأنَّ الله عارفُنى و يعرف كم أمانعها و عنِّى كم تراودنى و رغم قميصىَ المقدودِ من قُبُلٍ فقابِلُنى سأُسقطُ آخرَ الأمطار فاهتزِّى لأمطارى و كونى آخر الأزهارِ و الأولى بأشعارى و إنْ نُبِّئتِ عن سفَرى فقولى لم يزلْ جارى سأخطو آخرَ الخطوات نحو فضائك المجهولْ سأحرقُ آخر الكلمات أُغرقُ خلفىَ الأسطولْ ففى عينيكِ معركتى و سيْفى عشقىَ المسلولْ يقول الشاعر المجنون ويح كتابة الأشعارْ إذا لم تجتذبْ أنثى بنهديها تفور النارْ فما جدوى السفين إذًا بلا بحرٍ ولا بحَّارْ ؟ هنا فى الركن عصفورٌ على غصن الرؤى انتفضا و طائر عشقك الأبدىّ ينقضُ عُشَّهُ نقْضَا يرى العصفورَ مُتهمًا أضاع النفْلَ و الفرضا