أكد د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، أن التواضع قيمة إسلامية عظيمة، وأدب من آداب النبوة - نبه إليه القرآن الكريم والسنة المطهرة، لما فيه من أثر بالغ في تآلف النفوس، وغرس المحبة، وترسيخ السلام المجتمعي. وأوضح في بيان له أن فضيلة المساواة التي هي الأصل الإسلامي الذي يستند إليه التواضع تكاد تتلاشى وتذهب أدراج الرياح، وخاصة في مجتمعاتنا التي تفشت فيها المفردات الطبقية: "البيه، والباشا، وأصحاب السمو، وأصحاب الفضيلة، وأصحاب السعادة"، ولو أنك أخطأت في هذا من الممكن أن تُلام، وقد تلاشت هذه المفردات في الدول الغربية، وأصبحوا أقرب إلى روح الإسلام من المسلمين أنفسهم في مسألة "الطبقية " فآخر ما عندهم من الألقاب "سيد" لا يوجد لديهم ما نراه عندنا، فلدينا من قد يتعدى لقبه سطرين كاملين، انتهى هذا الكلام في الغرب منذ زمن، ونتمنى أن ينتهي عندنا؛ لأن الإسلام جاء بقيمٍ في منتهى الرُّقي، إذا طبَّقناها سنكون شعوبًا محترمة، يرحم بعضُنا بعضًا، ولا ينظر أحد إلى الفقراء والبائسين وأصحاب الحرف أو الأعمال المتواضعة نظرة دونية، فهذا ليس من الإسلام، ولا من حضارة الإسلام. وأوضح أن قوله صلى الله عليه وسلم: «أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعِّفٍ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ، ثم قال: أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ»، نص على وجوب التواضع للفقراء والبسطاء مهما تدنت درجاتهم في الحياة الدنيا فهم أهل الجنة، فلا يجوز لأحد أن يتكبر عليهم، وإنما ينبغي التواضع لهم وللناس جميعًا؛ لأن الإسلام جاء ليهدم "الطَّبَقِيَّة"، ويُسَوِّيَ بين الناس، ففي الحديث الشريف: "النَّاسُ سَوَاسِيَةٌ كَأَسْنَانِ الْمِشْطِ" وفي حديث آخر: "كُلُّكُمْ لِآدَمُ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ" إذن مبدأ الإسلام أن الناس كلهم سواسية، حتى في الخِلقة، يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)- فإذا كان الناس سواسية، فإنه من الضروري أن يتواضع كلُّ أحدٍ لأخيه.