حصل الدكتور محمد سويلم، مدرس ونائب رئيس قسم الفيزياء بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، على جائزة الدولة في التكنولوجيا المتقدمة لتصميم جهاز نانومتري ولأبحاثه في مجال البصريات، التي تعرف ببصريات النانو. نال سويلم جائزته، إضافة إلى 43 باحثًا مصريًا بارزًا حصلوا على جوائز في مجالات العلوم والتكنولوجيا هذا العام، من بين 350 شخصا تقدموا للترشح لجوائز الدول كان تركيز سويلم في بحثه، طوال الثلاثة أعوام الماضية، على تصميم أجهزة بصريات النانو، التي تنقل البيانات بسرعة فائقة باستخدام الومضات الضوئية بدلًا من الإشارات الكهربائية، والتي تبشر بتواجد تطبيقات في مجال الكمبيوتر والاتصالات. تصنع أجهزة بصريات النانو عالية الجودة هذه في الأساس باستخدام البلورات الضوئية، التي تنقل البيانات إلكترونيًا بترددات ضوئية، وبالتالي تتيح النقل السريع لكميات هائلة من البيانات عبر أسلاك صغيرة الحجم بدلًا من أسلاك ضخمة. وقال سويلم: "يمكن استخدام هذه الأجهزة الآن لبناء أنظمة اتصالات ضوئية متكاملة، فعلى سبيل المثال، يمكن استخدامها لنقل البيانات عبر الإنترنت، وتعود الفائدة الرئيسية لأجهزة النانو الضوئية إلى حجمها الصغير للغاية، حيث يمكنها الاحتفاظ بكميات هائلة من البيانات بدون شغل مساحة كبيرة". ويساعد ذلك عند استخدام أنظمة الروابط الضوئية التي ستجعل سرعة الكمبيوتر على الحساب أسرع كثيرًا، حيث يتم إرسال البيانات عبر اللوحة الأم كومضات ضوئية. وتابع: "نحن نهدف إلى تصغير حجم الأجهزة الضوئية ليكون حجمها صغيرا كالترانزستور في التكنولوجيا الحالية، وفور قيامنا بذلك، يمكننا استبدال الإلكترونيات بدوائر ضوئية واستخدام الضوء لحمل البيانات في الأجهزة الاستهلاكية مثل أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة، والتي ستكون أكثر سرعة وأكثر عملية أيضا،ً يستخدم سويلم وفريقه تلك الأجهزة لإقامة معمل بالكامل على رقيقة واحدة، وهي التكنولوجيا التي تسمى "معمل فوق الرقيقة". وأضاف: "تتطلب هذه التكنولوجيا مجسات صغيرة وحساسة للغاية لوضع الكثير من المجسات على رقيقة واحدة، ويمكن استخدامها لإجراء تحليل لصورة دم كاملة باستخدام نقطة دم واحدة فقط.. نحن نحاول أن نجعلها أكثر صغرًا وحساسية باستخدام تصميماتنا الجديدة من موجه موجات البلورات الضوئية". ويتناول بحث "سويلم"، جزءا مهما عن تحدي تصميم أجهزة بصريات النانو عالية الجودة على مثل هذا المقياس الدقيق بأبعاد طول موجات صغيرة. وقال سويلم: "تعتبر هذه العملية معقدة للغاية لأنه يجب ألا تتعدى أبعاد الجهاز 500 x 500 نانومتر، ومع ذلك يجب أن يكون فائق الأداء، وبالطبع، يتطلب تصميم مثل هذه الأجهزة صناعة واختبارات تتميز بالتكنولوجيا العالية للغاية، وهو ما يعتبر تحديا في الوقت الحالي في مصر، وقد ساعدت معامل الجامعة الأمريكية بالقاهرة وتمويلها بصورة هائلة في هذا الخصوص". نال سويلم جائزة الدولة عن خمسة أبحاث، والتي يصفها بالركائز المهمة في تاريخ عمله، هذا إضافة إلى عمله بالكامل في مجال أجهزة بصريات النانو وإسهاماته في تحقيق المزيد من التقدم في هذا المجال. يقول سويلم مجددًا: "إنها المرة الأولى التي يتم تقدير عملي فيها من قبل الحكومة المصرية، لقد شعرت بسعادة بالغة لتقدير مجهودي وعملي في تصميم وقياس أجهزة النانو، خاصة أن معظم الأبحاث الخمسة التي قدمتها كنت قد أجريتها بعد التحاقي بالعمل بالجامعة الأمريكية بالقاهرة عام 2011، وقدمت بالاشتراك مع فريقي، مقترحات لتصميم العديد من الأجهزة الضوئية الجديدة بأبعاد النانو والتي لديها وظائف هائلة". وتابع: "قمنا بصناعة أسلاك النانو من السيلكون، والتي يمكن استخدامها للخلايا الشمسية، واستشعار الألياف البصرية، والاتصالات، تعتبر تلك الأسلاك صغيرة للغاية بحيث يبلغ قطر سلك واحد نحو 20 نانومترًا، أو بضعة ذرات من السيلكون كحد أقصى". ويفتح عمل "سويلم" في تصنيع أسلاك النانو من السيليكون، آفاقا جديدة من عدة جوانب، إلا أن الجانب الأهم هو احتواء تلك الأسلاك على خواص مختلفة بسبب العدد المحدود من الذرات لديها. ويقول سويلم، "صنعنا أسلاك النانو من السيلكون وأجرينا اختبارات عليها واكتشفنا أن لديها خواص جديدة ومثيرة للاهتمام للغاية، ويعني هذا أن خواص مادة ما تتغير حينما تتكون من خمسة أو ستة ذرات، على سبيل المثال، بدلًا من عدد لا نهائي من الذرات، إضافة إلى تقديره من قبل الدولة، فقد تلقت أبحاث سويلم جوائز من مؤسسة مصر الخير، ووزارة الأبحاث بأونتاريو، وجامعة ماكماستر. وقد حصل مؤخرًا على منحتين دوليتين ومنحة من مصر من هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات لإجراء المزيد من الأبحاث باستخدام السيلكون في أجهزة النانو البصرية والاتصالات الضوئية. ويبرز سويلم أهمية بحثه قائلًا: "يعالج عملنا المشكلات التي سنواجهها بعد خمسة أو ستة أعوام، لذلك يعتبر موضوع البحث مهما للغاية، فحينما قدمت البحث لترشيحه للحصول على جائزة، كنت أشعر بالقلق لأن مجتمع العلوم البصرية في مصر يعتبر صغيرًا، إن هذه الجائزة تعد خاصة للغاية بالنسبة لي لأنها تبرز مجال بحث غير متطور في مصر".