افتتحت اليوم الإثنين كل من الدكتورة غادة والي وزيرة التضامن الاجتماعي والدكتور يوسف القريوتي مدير مكتب منظمة العمل الدولية لدول شمال أفريقيا، فعاليات ورشة عمل حول "مبادئ التأمين الاجتماعي وأفضل الممارسات الدولية لإصلاح نظام التأمين الاجتماعي في مصر"، والتي تعقد بالتعاون بين وزارة التضامن الاجتماعي ومنظمة العمل الدولية على مدى يومين بالقاهرة. ومن المقرر أن يقدم مجموعة من خبراء منظمة العمل الدولية والخبراء المصريين في مجال التأمين الاجتماعي عروضا عن تجارب إصلاح نظم التأمينات والمعاشات التي طبقتها بعض الدول ذات الظروف الاجتماعية والاقتصادية المتشابهة مع مصر، علاوة على مناقشة عدد من المبادئ والمعايير المتفق عليها دوليًا في مجال التأمين الاجتماعي. كما ستقوم قيادات الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي وممثلون عن أصحاب العمل وأصحاب المعاشات باستعراض أهم التحديات وأوجه القصور التي تواجه نظام التأمينات في مصر، مع مناقشة وعرض جميع الخيارات وأفضل السبل للمضي قدما لإصلاح هذا النظام. يشارك في فعاليات الورشة رئيسا صندوق التأمين الاجتماعي للعاملين بالقطاع الحكومي العام والخاص، بجانب العديد من قيادات وزارات المالية، والتخطيط، والقوى العاملة والهجرة، والصحة والسكان، والمجلس القومي للأجور، والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، والاتحاد المصري للتأمين، واتحاد الصناعات والغرف التجارية، علاوة على ممثلي الاتحادات والنقابات العمالية، ومراكز البحوث والدراسات، وأساتذة الجامعات المصرية المعنيين بملف التأمينات الاجتماعية، وممثلي أصحاب المعاشات، وكذلك كوادر الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي. ومن المقرر- خلال فعاليات ورشة العمل- تنظيم ثلاث حلقات نقاشية لمجموعات العمل من ممثلي جميع الأطراف المشاركة وهم: الحكومة، وأصحاب المعاشات، والعمال، والخبراء على أن تركز كل مجموعة منها على مناقشة أحد محاور ورشة العمل الأساسية التي تتناول المشكلات التي تواجه نظام التأمينات والمعاشات المصري بهدف التوصل إلى أنسب السياسات لمواجهة تلك المشكلات. من جهتها، أكدت الدكتورة غادة أن إصلاح منظومة الضمان الاجتماعي وتعزيز الحماية الاجتماعية تأتي على رأس اولويات برنامج عمل الحكومة المصرية باعتبارها من أهم آليات مواجهة الفقر والتخفيف من آثاره، وهو ما يعكسه رصد الموازنة العامة للعام المالي الجديد نحو 70 مليار جنيه تمثل 15% من إجمالي مخصصات البعد الاجتماعي بالموازنة البالغة 450 مليار جنيه تمثل 55% من إجمالي الانفاق العام. وقالت أن نسبة الانفاق على برامج الحماية الاجتماعية بمصر تبلغ في العام المالي الجديد 18% من الناتج المحلي الإجمالي وهي الأعلى في منطقة الشرق الأوسط حيث يبلغ متوسط الانفاق بالمنطقة نحو 10.2% وفي المكسيك 7.4% و9.3% في كوريا الجنوبية. وأضافت، في كلمة الافتتاح، أنه رغم تزايد معدلات الانفاق العام على برامج البعد الاجتماعي إلا إن واقع الحال لا يرقي لطموحاتنا خاصة في ظل حقيقة ارتفاع معدلات الفقر التي بلغت نحو 26% كمتوسط وبين الأطفال 40% وفي صعيد مصر نحو 48%، وهو ما يؤكد مدي الحاجة لإعادة النظر في سياسات وبرامج الحماية الاجتماعية الحالية. وأضافت الوزيرة أن الحكومة يقع على عاتقها دور كبير في شرح وتوضيح أسباب ودوافع وأهمية إصلاح نظام التأمينات والمعاشات المصري، وكيفية تأثير عدم كفاءة وفعالية الإنفاق على نظام التامين الاجتماعي على برامج الحماية الاجتماعية الأخرى مثل الأجور، والدعم، والضمان الاجتماعي، وبالتالي على جهود التنمية ومواجهة الفقر. وأكدت الوزيرة أن المتابع الدقيق لأداء نظام التأمينات سيلاحظ أن النظام الحالي يعاني من العديد من الاختلالات والتشوهات أهمها، انخفاض متوسط نسبة التغطية التأمينية الفعلية إلى 63% من إجمالي القوة العاملة في مصر، إضافة إلى ارتفاع تكاليف إدارة النظام إلى 6% من إجمالي الايرادات بالمقارنة بالمعايير الدولية التي تبلغ 3%، وارتفاع نسبة العجز الاكتواري حيث تشير الدراسات الاكتوارية وتقارير الفحص المالي لصناديق التأمينات الاجتماعية إلى تزايد العجز الاكتواري والمتوقع أن يصل إلى 182 مليار جنيه بحلول عام 2075، وهو ما حذر منه بالفعل تقرير البنك الدولي "رأس مال للمستقبل" عام 2013 حيث أشار إلى أنه خلال السنوات المقبلة ستتجه تكاليف نظام المعاشات للارتفاع كنسبة من إجمالي الناتج المحلي في عدد من الدول على رأسها مصر. وقالت أنه من المشكلات المستعصية التي يعاني منها نظام المعاشات المصري أيضا حالة التشابك المالي الشديد بين نظام التامينات والمعاشات والخزانة العامة وبنك الاستثمار القومي، وسوء إدارة السياسة الاستثمارية المتبعة على مر عقود عديدة، كل هذا نتج عنه ارتفاع المديونية المستحقة للصناديق لدى الدولة بنحو 320 مليار جنيه، وهو ما ترجم بمطالبات شعبية جارفة ممثلة في الكيانات المختلفة لأصحاب المعاشات والمؤمن عليهم حيث طالبوا بضرورة حماية أموال التامينات وضمان استقلاليتها، وجاء الدستور الجديد ملبيا لتلك المطالب حيث تقضى المادة (17) من الدستور بأن أموال التأمينات والمعاشات أموال خاصة، تتمتع بجميع أوجه وأشكال الحماية المقررة للأموال العامة، وهى وعوائدها حق للمستفيدين منها، وتستثمر استثمارًا آمنا وتديرها هيئة مستقلة. وشددت الوزيرة على أن عملية إصلاح نظام التامينات الاجتماعية أصبحت ضرورة وطنية ملحة وحتمية، ويجب على جميع الاطراف العمل بأقصى جهد لإصلاح منظومة التأمينات الاجتماعية لضمان استمرارها في تادية دورها في توفير الحماية الاجتماعية للمنتفعين الحاليين والمستقبلين وضمان عدم وقوعهم في براثن الفقر من خلال إصلاح الخلل وسد الثغرات، وكذلك تعزيز الحماية الاجتماعية من خلال التوسع في التغطية ومد مظلة الضمان الاجتماعي لتشمل فئات جديدة في المجتمع، وإضافة تامينات جديدة إذا استدعت الحاجة إليها.