وجه ياسر عرمان أمين عام "الحركة الشعبية بالسودان قطاع الشمال" نداءًا عاجلا لقوى المجتمع المدني في السودان، لحثها على التصدي لما أسماه "هجمة الاستثمار الطفيلي"، في أعقاب إعلان حكومة الخرطوم اعتزامها إخلاء منتزها عريقا في واجهة "مقرن النيلين" بالخرطوم، تمهيدًا لاستثمار موقعه، ونوه إلى أن التقاء النيلين الأبيض والأزرق، يعتبر تُراثا طبيعيا عالميا وفق تصنيف "اليونسكو" ومنظمات دولية مهتمة بالتراث، لا تجيز إغلاق الواجهات المائية. واتهم عرمان- في تصريح لموقع "سودان تربيون" مساء أمس السبت- حزب المؤتمر الوطني الحاكم بالتصرف في كل السودان بالبيع والشراء وتمزيقه إلى قبائل، وقال إن النظام تبرع أيضا بحدوده في عقود إذعان مع العالم الخارجي ومع الدول صغيرها وكبيرها مستخدما الموارد ضد شعوب السودان وقبائله. ووصف اعتزام الحكومة بيع واجهات وشواطئ النيلين في الخرطوم بالمشروع الخطير علي البيئة، وقال إنه بدأ بغابة السُنط "غابة الخرطوم" حينما حاولت الحكومة من قبل انتزاع 20% من تلك الغابات لبناء ميدان للعبة "الجولف" بالاتفاق مع بعض رجال الأعمال بينهم أسامة داوود. واتهم عرمان، والي الخرطوم الأسبق عبد الحليم المتعافي بوضع مخطط لإغلاق الواجهات المائية وتشييد بنايات وأبراج سكنية يختلط فيها غسيل الأموال والنهب واستباحة موارد الشعب السوداني مع فضلات أكثر من 200 ألف من ساكني تلك الأبراج "وفق تعبيره". وأشار إلى أن المقرن يعتبر من المتنزهات القليلة التي تبقَت لسكان العاصمة "الخرطوم" في وجه النهب الاستثماري، ولفت إلى أن كثيرا من الخبراء حذروا من أن التضييق على النيل الأبيض الذي يتوسع في مناطق الغابة والأراضي الممتدة بالقرب منه عند الفيضانات سيؤدي إلى إغراق بعض جزر الصيادين في النيل الأبيض. وقال عرمان إن وزير الاستثمار السوداني مصطفى عثمان إسماعيل، لن يتوان في بيع السودان كله إذا وجد مشترٍ، وعدها وسيلة للاستمرار في الحكم قبل الدخول في انتخابات جديدة بحثا عن شرعية، التي لن تأت أبدا "على حد قوله". وكشف أمين عام "الحركة الشعبية - قطاع الشمال" عن إجرائه العديد من الاتصالات أثناء الفترة الانتقالية ببعض المهتمين بقضايا البيئة والتراث والتاريخ وبالمثقفين، فضلا عن إثارته القضية في البرلمان الانتقالي والصحف، وأنه رفض الرضوخ لاتصالات من جهات منتفعة باسم الاستثمار حاولت حثه على تهدئة الحملة. ونقلت تقارير صحفية في عام 2013 عن منظمة الشهيد، أنها سترحل كل الألعاب والمباني بالمنتزه للاستفادة من مساحته في مشروع استثماري يؤمن تطوير المنطقة ذات السمات الجمالية العالية. وكانت حكومة ولاية الخرطوم باعت في وقت سابق حديقة الحيوانات على شارع النيل للحكومة الليبية، التي شيدت مكانها فندق برج الفاتح "كورنثيا حاليا". وفي السياق، نقل المركز السوداني للخدمات الصحفية، عن المتحدث باسم حكومة ولاية الخرطوم محمد يوسف الدقير، اليوم قوله: "إن قرار الأخلاء جاء بناءا على توجه الولاية لجعل منطقة "مقرن النيلين" واجهة سياحية ومتنفسا للمواطنين. تجدر الإشارة، إلى أن منتزه "المقرن" الذي افتتح إبان عهد الرئيس الأسبق جعفر نميري، آل إلى "منظمة الشهيد" بعد وصول نظام الإنقاذ إلى سدة الحكم بالسودان في يونيو 1989، وأطلق عليه منتزه "الشهيد"، ويقع عند مقرن النيلين الأزرق والأبيض تماما، مما يجعل موقعه نادرا ومميزا من الناحية الاستثمارية.