سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المصريون في ليبيا.. رحلة موت من أجل لقمة العيش.. الميليشيات تمارس البلطجة وتفرض الإتاوات على البسطاء.. ولا أمن ولا حياة ولا كرامة في رحلة البحث عن الرزق
يتعرضون للقتل والسرقة بالإكراه وامتهان الكرامة.. البعض يغادر البلاد على ساقية ويعود إليها محمولًا في نعش خشبي.. السائقون المصريون تحت رحمة الميليشيات المسلحة يومًا بعد يوم تزداد أحوال المصريين في ليبيا سوءًا في ظل تردى الأوضاع الأمنية بأراضيها، على خلفية الصراع الدائر بين قوات الجيش الليبي بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر وجماعات إرهابية مسلحة، ويكاد لا يمر يوم دون أن تحمل الأخبار الواردة من ليبيا عمليات قتل أو احتجاز أو اعتقال مصريين يعملون هناك. هذه الحالة أصبحت مسلسلاً يومياً يشهده المصريون، ولا تملك الحكومة الليبية توفير عنصر الأمن والأمان لهم وحمايتهم من البلطجية واللصوص، خاصة أن ليبيا تعيش في الوقت الراهن تحت رحمة الميليشيات المسلحة التي تفرض إرادتها على العمال المصريين البسطاء وعلى كافة أوجه الحياة اليومية لهم، وتهدد بقاءهم أحياء يتسولون قوت يومهم، الذي تركوا من أجله الأهل والأقارب في محافظاتهم بدلتا وصعيد مصر. مأساة المصريين تبدأ منذ وصولهم لمنفذ السلوم البري على الحدود المصرية الليبية، ومعاناتهم في الحصول على تأشيرة المغادرة للأراضي المصرية، ويواصلون السير حتى بلوغ منفذ مساعد الليبي في الجهة الغربية من المنفذ المصري، وهناك يبدأ مسلسل الإهانة والامتهان لحقوق الإنسان، حيث يسيطر على المنفذ قوات غير نظامية تمارس أعمال البلطجة والسلب والنهب وخاصة مع العمالة المصرية، فهم يسلبون أو يغتصبون أموال هؤلاء البسطاء. نذهب إلي عمق الأراضي الليبية حيث مدن المنطقة الشرقية، طبرق ودرنة وإجدابيا وبنغازي حتى نصل إلى طرابلس العاصمة، وتشهد هذه المدن كثافة عددية من أبناء الشعب المصري الذين تركوا الأهل والوطن من أجل لقمة العيش. وفي مدينة بنغازي أكثر المدن الليبية استقبالا للمصريين، حيث يوجد سوق خاص بهم يتجمع فيه العشرات منهم يبيعون ويشترون ويعرضون خدماتهم مقابل مبالغ من المال، كما ينتشر العشرات من العمالة المصرية من مختلف المهن "عامل يومية، سباك، نحات، نجار، بناء، كهربائى وغيرهم"، يحملون أدواتهم وعدتهم منتظرين طلبية سريعة من أجل القدرة على المعيشة في هذه الأراضي الغريبة. الجالية المصرية في ليبيا تلقى معاملة سيئة من أصحاب البلاد الأصليين، فالمصريون يتعرضون للسلب والسرقة في وضح النهار وعلى قارعة الطريق، وأكثر من ذلك قام اللصوص والبلطجية الذين يحملون الأسلحة النارية ومنهم صبية لا تتعدى أعمارهم 16 عامًا، بالهجوم على الشقق التي يسكن فيها هؤلاء البسطاء من أبناء مصر، ويسرقونهم تحت تهديد السلاح أو يقتلونهم أو إهانتهم بالسباب والشتائم الغليظة. يوجد العديد من الميليشيات المسلحة التي تنتشر في كل مكان وخاصة على الطرق الدولية الساحلية والصحراوية مثل طريق طبرق _ إجدابيا، ومعظمهم لا ينتمى لكتيبة بعينها، والتي تعترض طريق السائقين المصريين الذين يعملون في التبادل التجاري بين مصر وليبيا عبر الطريق البري بالشاحنات المحملة بمواد البناء والرخام والخضروات والمواد الغذائية، حيث يعترضون طريقهم بواسطة بوابات ونقاط تفتيش وهمية، وإجبار السائقون على عمل تحليل للفيروسات الكبدية ب 5 دينار من أجل سلب أموالهم، ويمنحونهم شهادات صورية عند تقديمها للبوابة التي تليها لا يعترفون بها ويجبرونهم على عمل تحليل أخر، وكأنها تجار رائجة يتربح منه هؤلاء المرتزقة. وقد تعرض السائقون المصريون للاحتجاز مرات عديدة بالتحديد على طريق طبرق إجدابيا من قبل ميليشيات مسلحة من شباب مدينة إجدابيا، للضغط على الحكومة المصرية بالإفراج عن متهمين ليبيين بمصر، صادر ضدهم أحكام قضائية في قضايا تهريب أسلحة على الحدود بين البلدين، ومن جانب أخر للضغط على الحكومة الليبية بسبب تأخر صرف رواتبهم، وكان هذا الاحتجاز هو أخر واقعة حدثت في الشهر الماضي. ومن أبشع الحوادث التي استهدفت المصريين بالأراضي الليبية، ما حدث في أواخر فبراير الماضي حيث تم العثور على جثث المصريين السبعة الذين قتلوا على يد مجهولين مسلحين، على أحد الشواطئ بمنطقة جروثة غرب مدينة بنغازي، وهم طلعت صديق بسيوني، وهاني جرجس حبيب، ونادهي جرجس حبيب، وفوزي فتحي الصديق، وإدور ناشد، وأيوب صبري توفيق، وأسامة الروماني، وكلهم مصريين مسيحيين. وأوضحت الصور التي نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، مدى بشاعة طريقة قتلهم بعد أن تم إطلاق الرصاص عليهم بمنطقة الرأس والفم، حيث قامت مجموعة من الملثمين المسلحين بالهجوم على أحد المبانى التى يقطنها مصريون واقتحموا الدور الأول من المبنى، ثم اقتادوا المواطنين المصريين من العمالة الوافدة في العاشرة من مساء يوم 24 فبراير، وقد تم اكتشاف الجثث في صباح اليوم التالي في إحدى ضواحى بنغازى وهى مقيدة وتعرضت لإطلاق الرصاص جدير بالذكر نجاة 9 عمال مصريين من الموت خلال القصف الجوى الذى تعرضت له إحدى المزارع بمنطقة "سيدي فرج" فى بنغازي فجر الخميس، حيث عثرت القوات الخاصة الليبية على عمال عالقين في حالة من الخوف والرعب، كانوا مختبئين من القصف، وتبين سرقة كل متعلقاتهم من نقود وهواتفهم الشخصية. ويشهد منفذ السلوم المصري بين اليوم والأخر، وصول جثامين لمصريين لقوا مصرعهم في ليبيا، في حوادث سير أو إطلاق أعيرة نارية من مسلحين ليبيين أو في مشاجرة مع مواطنين ليبيين، وتتراوح أعماء هؤلاء الأبرياء من 20 إلى 40 عامًا ومعظمهم ينتمون إلى محافظات الصعيد خاصة أسيوط والمنيا، وبرغم الأخطار والأهوال التي يلقونها المصريون في ليبيا إلا أن الشباب والأحداث يتهافتون على السفر للعمل هناك بطريقة شرعية أو غير شرعية عن طريق تسلل الحدود، وقد يلقون حتفهم في منطقة بحر الرمال الأعظم أو يسقطون في أيدى قوات حرس الحدود المصري أو الليبي أو يغرقون في أعماق البحر المتوسط عند محاولتهم الهجرة عن طريق البحر.