لم ينقطع الحديث طوال الأيام الماضية عن ظاهرة عزوف قطاعات من المصريين في مقدمتهم الشباب عن المشاركة في الانتخابات الرئاسية التي بدأت الاثنين 26 مايو الجاري وامتدت حتى الأربعاء 28 يونيو. فكان الملمح الرئيسي في هذه الاستحقاقات السياسية اقبال كبار السن والسيدات بصورة واضحة جداً على الإدلاء بأصواتهم استجابة لنداء الوطن واستكمال خارطة المستقبل التي وضعت في أعقاب ثورة 30 يونيو 2013. وكالعادة لم تضيع صفحات موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" هذه الفرصة الذهبية في "الألش" و"التريقة" على هؤلاء الممتنعين لدرجة أنها سيطرت على كافة المحادثات والمشاركات بل تحولت في كثير من الحالات للخناقات والطرد من الصفحات. ومما ساهم في إشعال حالة الجدل هذه عدم اكتفاء الممتنعين عن الذهاب لصناديق الانتخابات بموقفهم الذي يعتبره الكثيرون سلبية وانسحاب بل تآمر بحسب بعض المهاجمين.. بل أنهم أخذوا يتندرون على من مارسوا حقهم ولبوا نداء الوطن بالإدلاء بأصواتهم في انتخابات الرئاسة بداية من السخرية من كبار السن ووصفهم ب"شباب الثورة .. ثورة سعد زغلول 1919"، كما قالوا عن هؤلاء المتقدمين في السن الوطنيون "دول خرجوا من التربة يصوتوا وراجعين تاني". كما نشر أولئك الممتنعون تعليقات تتهكم على التعبير عن الفرحة على أنغام الأغنية المكتسحة "بشرة خير" فأخذوا يسبون الشتائم والألفاظ البذيئة والنكات السخيفة التي تشوه صورة المشاعر التلقائية في الاستبشار بالمستقبل بداية من "انتخابات الرقص" ومروراً ب "دي انتخابات يا ست مش تحليل حمل" وانتهاءً ب"هزي يا نواعم خصرك الحرير" و"اللي ما بتعرفش ترقص مش من حقها تصوت". وبطبيعة الحال لم يقف المواطنون الإيجابيون موقف المتفرج بل راحوا أيضاً "يؤلشون" على الممتنعين عن التصويت فكالوا لهم اتهامات تراوحت من السلبية والجبن والكسل والخوف ووصلت في كثير من الأحيان إلى حد وصفهم ب"الأنتخة" وهو مصطلح شعبي دارج للتعبير عن حالة "تكبير الدماغ". واعتاد المصريون في الآونة الأخيرة إلى نقل مشاجراتهم من الحواري الضيقة والشوارع والميادين إلى فضاء الانترنت حيث هناك متسع غير محدود لتبادل الآراء والاتهامات إلى درجة السباب والتناحر لكن كما يقولون في مصر جميعها "خناقات بقيقي" كناية عن عدم الاشتباك فيها بالأيدي.