جماعة الإخوان المسلمين تتعرى يوماً بعد الآخر بسبب أدائها السياسي وربما لا تحتاج كثيراً لمن يعريها، وربما تصريحات قياداتها منذ قيام الثورة حتى الآن شاهد عيان على ذلك، وآخرها ما أدلى به نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، عصام العريان، بخصوص عدم ممانعته من عودة اليهود إلى مصر، رغم أنّ مشروع الإسلاميين وبخاصة الإخوان قائم على تحرير فلسطين كما سطرت أدبياتهم، ولكنهم خرجوا عن هذه الأدبيات مغازلة في أمريكا واليهود حتى يصلوا إلى ما وصلوا إليه وقد نجحوا في ذلك كثيراً. لم تكن هذه التصريحات الوحيدة التي يتعرى فيها “,”العريان“,”، فقد كان يمثل أحد الوجوه الإصلاحية داخل “,”الإخوان“,” ولكنه تحول إلى “,”تنظيمي“,” وقام بضبط تصريحاته التي دفعت مكتب الإرشاد أنّ يقف أمام عضويته، وهو ما أثار الخلاف الشهير والذي خرج على خلفيته، د. محمد حبيب، نائب المرشد السابق، ود. عبدالمنعم أبوالفتوح، المرشح السابق للرئاسة. تحول “,”العريان“,” والذي كان يمثل “,”الحمائم“,” داخل “,”التنظيم“,” إلى فصيل “,”الصقور“,”، كي يثبت لأعضاء “,”الإرشاد“,” الذين كانوا يرفضون عضويته أنهم كانوا “,”خاطئين“,”، فأخذ يبطش بالمخالفين ليس داخل “,”التنظيم“,” وإنما خارجه، وتصريحه الشهير بأنّ، جمال عبدالناصر، كان مستبداً وألقى بالدستور في سلة المهملات، إنما يمثل انقلاباً على أفكاره “,”القديمة“,”، كما أنه يمثل استعلاءً وجزءاً من حالة التحول والتعري التي يعيشها. يتمتع “,”العريان“,” بكاريزما يفتقدها أعضاء “,”الإرشاد“,” السابقون والحاليون، ولذلك كانت هناك حرب شرسة أمام عضويته داخل “,”المكتب“,” والذي يمثل أعلى سلطة تنفيذية في “,”الجماعة“,” ولكنه نجح في اختراق العضوية بعدما تحول إلى السمع والطاعة، فأصبح ملكياً أكثر من الملك ومطيعاً أكثر من “,”الشاطر“,” وإخوانه. سطع نجم “,”العريان“,” عندما تم انتخابه عضواً في البرلمان عام 1987، فكان بمثابة أصغر برلماني ووقتها لم يكن أحد يسمع عن، محمد مرسي، فقد كان معاراً في أمريكا واقتصر دوره بعد العودة على بعض الأعمال التنظيمية داخل محافظة الشرقية وعند حدود المكتب الإداري، كإلقاء الدروس والمواعظ في “,”الكتائب“,” وفي التجمعات التنظيمية. ورغم الفارق الشاسع بين “,”مرسي“,” و“,”العريان“,” في البداية والنجومية، إلا أن “,”مرسي“,” سبق بكثير، لأنه يتمتع بقدر كبير من السمع والطاعة، ويرى أنّ طاعة “,”الجماعة“,” في معصية خير من مخالفتها في طاعة، فوصل “,”مرسي“,” إلى ما وصل إليه، من كونه عضوا في “,”الإرشاد“,” - قبل “,”العريان“,” - ومسئول الكتلة البرلمانية لنواب البرلمان في 1995 وحرم منها “,”العريان“,” عندما كان نائباً في 2010، وأصبح رئيساً لحزب الحرية والعدالة عندما كان “,”العريان“,” نائباً، ورفض “,”التنظيم“,” تصعيده بعد نجاح “,”مرسي“,” بمنصب رئيس الجمهورية، وفضل سعد الكتاتني، فهواجس الماضي مازالت تسيطر على “,”التنظيم“,” الذي يخشى أنّ ينفصل “,”الحزب“,” عن “,”الجماعة“,” على غرار تجربة جبهة العمل الإسلامي والتي تتقرر دائماً بين “,”الجماعة“,” ومراقبها العام بسبب سيطرة بعض الإصلاحيين على مقاليد الحزب السياسي. تخلى “,”العريان“,” كثيراً عن تصريحاته التي تثير إعجاب ودهشة ونفور قيادات “,”الجماعة“,” لأنها تؤكد خروجه على الخط التنظيمي، بل تخليه عن صديق دربه، عبدالمنعم أبوالفتوح، والذي كان يدافع عنه كثيراً داخل مكتب الإرشاد والذي تولى حملة تمثيله داخل المكتب وقد أثيرت هذه القضية أثناء اعتقال “,”أبوالفتوح“,” حتى إذا ما خرج من السجن وأجريت انتخابات دفع “,”أبوالفتوح“,” ضريبة ذلك بسقوطه في الانتخابات نتيجة دفاعه عن “,”العريان“,” الذي لم يكلف نفسه عناء الدفاع عن صديق دربه الذي هوجم كثيراً من “,”التنظيم“,” بسبب ترشحه في انتخابات الرئاسة وإنشائه حزبًا سياسيًا، فكل هذا يهدد كيان التنظيم الأكبر، فالإخوان يدركون أنّ التنظيمات الموازية هى التهديد الحقيقي وليست الأفكار المتمردة، لأن هؤلاء يمثلون بديلاً ونجاحهم يؤدي لهروب عكسي من “,”التنظيم“,”. “,”العريان“,” أعلن تخليه عن منصب مستشار رئيس الجمهورية، بحجة أنه زعيم الأغلبية داخل مجلس الشورى، ولا يجوز الجمع بين السلطة التنفيذية “,”مستشار الرئيس“,” وبين نيابته داخل مؤسسة تشريعية ونيابية، وتناسى أنه معين في كلا المنصبين من قبل “,”الرئيس“,” الذي يجلس على قمة السلطة التنفيذية، وهذا إنّ دل فإنما يدل على أنه “,”عريان“,” من السياسة.