لم يكترث الأدب المصري قبل ثورة 1952 بحال الفلاح والطبقات المهمشة في المجتمع المصري، واذا كانت الثورة قد أنصفت الفلاح من خلال مشروع الإستصلاح الزراعي فإن إنصاف الأدب له لم يكن بعيدًا عن الرائد الأول من رواد القصة القصيرة، صاحب الإحساس العالي، الرجل المعايش لهموم طبقات لا يكاد يراها أصحاب الفخامة والسمو والعلو، إنه يوسف أدرس الذي جال وصال وتعمق، وتعايش من خلال أعماله الأدبية مع الفلاح، لقد استطاع أن يوثق حياة الفلاح المصرى ويعده لصدارة المشهد الأدبى. نشأته ساعدته على ذلك حيث كان والده متخصصا في استصلاح الأراضى مما ساعده على التعبير عن مشاقه وهمومه وفرحة وإرتباطه بالأرض. ولد يوسف إدريس الكاتب والروائي والمسرحي في 19 مايو 1927 بقرية البيروم مركز فاقوس بمحافظة الشرقية، وتوفي في 1 أغسطس عام 1991 عن عمر يناهز 64 عام.وقد ورسله والده ليعيش مع جدته في القرية، كان يوسف عاشقًا للعلوم والكيمياء وظل يحلم أن يكون طبيبًا، وتحقق حلم يوسف حيث التحق بكلية الطب وخلال فترة الدراسة.تجلت وطنيته وتشكلت فبعد إشتراكه في مظاهرات كثيرة ضد المستعمرين البريطانيين ونظام الملك فاروق، أصبح في عام 1951 السكرتير التنفيذي للجنة الدفاع عن الطلبة، ثم سكرتيرًا للجنة الطلبة، وقام بنشر مجلات ثورية وسجن وأبعد عن الدراسة عدة أشهر. استطاع إدريس أن يجعل فن القصة القصيرة قريبا من الناس في الخمسينيات، وظهر جليا اهتمامه بالعاملين والموظفين، واكب التقلبات السياسية من عهد المملكة إلى الجمهورية مرور بالفترة الناصرية والساداتية، وشكلت في وجدانه وقد انعكس ذلك في كتاباته. حظيت كتابته لأول قصة قصيرة خلال فترة دراسته للطب بشهرة كبيرة بين زملائه،ثم ما لبث أن أصبحت قصصه القصيرة تظهرفي المصري وروز اليوسف، وفي 1954 ظهرت مجموعته "أرخص الليالي"، ثم المجموعة القصصية الثانية بعنوان "جمهورية فرحات". والتي قال عنها طه حسين عميد الأدب العربي "أجد فيه من المتعة والقوة ودقة الحس ورقة الذوق وصدق الملاحظة وبراعة الأداء مثل ما وجدت في كتابه الأول (أرخص ليالي) على تعمق للحياة وفقه لدقائقها وتسجيل صارم لما يحدث فيها. أشهرها: "قصة حبّ"، و"الحرام"، "العيب"، و"العسكري الأسود"، و"البيضاء" ومن مسرحياته: "ملك القطن"، "اللحظة الحرجة"، و"المهزلة الأرضية"، و"الجنس الثالث"، و"الفرافير"، و"المخططين"، و"البهلوان". قدم يوسف إدريس عشرين مجموعة قصصية، وخمس روايات، وعشر مسرحيات، ومن أشهر أعماله القصصية "أرخص ليالي"، و"جمهورية فرحات"، واليس كذلك"، و"البطل"، و"حادثة شرف"، و"النداهة"، و"بيت من لحم"، و"قاع المدينة"، و" لغة الآي آي"، و"مشوار". وقد حولت السينما العديد من أعماله الأدبية لأفلام منها ما يقارب عن أحد عشر عمل منهم: "لا وقت للحب" عام 1963م وهو مأخوذ عن روايته "قصة حب" الصادرة عام 1957م، و"الحرام" عام 1965م، وهو مأخوذ عن روايته "الحرام" الصادرة عام 1959م و"العيب" عام 1967م.