مما لا شك فيه أن السياسات الزراعية اختلفت بصورة كبيرة في عهد الرئيس محمد مرسي عن الأنظمة السابقة، حيث ازداد حجم معاناة المزارع المصري في عهده, تارة مع نقص مياه الري, وتارة أخرى مع نقص الأسمدة, وتدهور حالته الاقتصادية والاجتماعية, حتى تحولت هذه المعاناة إلى صراخ وأنين للمطالبة بتحسن أوضاعهم. وبعد مرور عام كامل على حكمه أصبحت الزراعة تدار بدون عقل و تفتقد إلى الميزانية، القادرة على التوسع في استطلاع الرقعة الزراعية, لذا نرصد لكم عددا من هذه المشكلات خلال السطور التالية نقص الأسمدة شكا مزارعون من نقص الأسمدة و انتشار السوق السوداء, الأمر الذي وضع المزارع أمام أمرين إما بوار المحصول أو شراء الأسمدة بأضعاف أثمانها, وأدى تحكم عدد من موظفي الجمعيات ضعاف النفوس الذين يقومون بصرف الأسمدة لحيازات وهمية, أو صرف كميات زيادة من الأسمدة بدون وجه حق لعدد من كبار المزراعين الذين يدفعون أموالا مقابل ذلك, أو صرفها لبعض أقارب موظفي الجمعيات التعاونية الزراعية. وصدرت تصريحات من المسئولين تعلل أزمة نقص الأسمدة بأن سببها أزمة الوقود وارتفاع أسعار الغاز وقيمة استهلاك مصانع الأسمدة, وكذلك إضراب العمال, ونقص الرقابة على الجمعيات التعاونية الزراعية في المحافظات. موسم القمح الإخواني مع بداية موسم حصاد القمح في مصر هذا العام، ظهر الرئيس محمد مرسي وسط أحد الحقول ليقول إن إنتاج مصر من القمح لهذا الموسم سيزيد بنحو 30 % عن المواسم السابقة، وإن مصر علي خطى تحقيق الاكتفاء الذاتي من هذا المحصول الإستراتيجي بعد أن كانت أكبر مستورد له. لكن بعد أن قام أكثر المزارعين بتوريد محصولهم، فإن خبراء الزراعة يشككون فيما أعلنه مرسي، وفيما إذا كان سيفي بتوقعات الحكومة، وربما يمثل ذلك ضغطا على ميزانية الدولة التي تسعى لتقليص وارداتها من الحبوب من أجل الحفاظ على ما تبقى من احتياطي العملة الصعبة لديها. ويقول هؤلاء إن حكومة مرسي لم تمس بدائرة كاملة من الفساد تتعلق بالسياسات الزراعية، تستفيد منها السوق السوداء وتزيد من صعوبة حياة الفلاحين الذين يكافحون نقص مياه الري اللازمة والسماد والوقود. ونتيجة ذلك، أصبح رغيف الخبر جزءا لا يتجزأ من عالم السياسة في مصر في وقت يوشك فيه مرسي على إنهاء عامه الأول في سدة السلطة, فيما سوق مرسي الذي ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين زيادة محصول القمح على أنه إنجاز لسياسات حكومته. وقال في خطاب له بأحد حقول القمح الشهر الماضي، إن القفزة التي حققها الفلاح المصري في محصول القمح هذا العام هي نتاج “,”كده وعرقه وإيمانه“,”، مستشهدا بآية من القرآن الكريم“,”ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض“,”. بعض الخبراء يرون أن تصريحات مرسي كانت لغرض سياسي, لأن مرسي قال في الخطاب إن محصول القمح هذا العام سيصل إلى 9.5 مليون طن بزيادة تزيد على 26 % عن محصول العام الماضي الذي وصل إلى 7.5 مليون طن, ولكن إحصاءات حكومية تشير إلى أن محصول هذا العام لن يتجاوز 8.7 مليون طن بما يعني أن الزيادة ستكون 16% فقط وليست 26% عن محصول العام الماضي. محصول القطن تحول موسم حصاد القطن أو “,”الذهب الأبيض“,” كما يطلق عليه، من موسم الزواج لدى الفلاح المصري إلى سبب في خراب بيوت الفلاحين، بسبب ارتفاع سعر التكلفة مقابل سعر البيع، بخاصة بعد قرار وزير الزراعة بتحمل المزارعين تكلفة المبيدات، ما يشكل عبئا آخر على الفلاح. وأصبحت تكاليف زراعة القطن مرتفعة جدا مما جعل الفلاح عازفا عن زراعته فمن أين له بتكاليف زراعة القطن والأسمدة والمبيدات و الري و العمالة وغير ذلك من مستلزمات الزراعة. مشكلات الري لا تنتهى يواجه قطاع الزراعة في مصر مشكلة شح مياه الري مما أثار مخاوف المزارعين من عدم القدرة على زراعة أراضيهم أو فقدانها تماما. ورأى باحثون أن هناك عدة مشاكل بالنسبة للري حيث إنه يتم عن طريق الري بالرفع حتى الآن من مياه النيل والترع وهناك أراض أصبحت تعتمد على الآبار الجوفية كما يتم في الأراضي الصحراوية لكن الأزمة كلها في الري بالصرف الزراعي الذي يهدد صحة المصريين، وزارة البحث العملي أن تتجه إلى الأراضي الزراعية القديمة والجديدة لتحديد مكونات الأرض والعمل على تنقية الأراضي من السموم لأن المحاصيل الزراعية أصبحت الآن غير صالحة للاستهلاك الآدمي نتيجة الري بالصرف الصحي وهو ما أصاب المصريين بأمراض الفشل الكلوي. دور الجمعيات التعاونية أكد الخبراء أن الجمعيات التعاونية الزراعية توقفت عن دورها بشكل كامل منذ عام 2004 رغم أنها المسئولة عن توفير كل مستلزمات الإنتاج ومراقبة المبيدات، لأنها سمحت بدخول البذور والتقاوي والمبيدات غير المطابقة للمواصفات وهو ما أضر بالثروة الزراعية وصحة المصريين. وهو ما اعتبره البعض مؤامرة عالمية من دول باكستان والهند والصين على الزراعة المصرية، والنتيجة ستصفع كل المسئولين في مصر من المساحات المنزرعة, و يحتاج تفاديها التخلص من أزمات ديون صغار الفلاحين لدى البنك، مع تقديم الدعم للمزارع من خلال عودة الحملات القومية مرة أخرى والتي كانت تعد نوعا من أنواع الدعم للمزارع . مصر الخضراء أصبحت جرداء ويرى الفلاح الفصيح محمد برغش “,”رئيس جمعية السلام للتنمية الزراعية ووكيل مؤسسي حزب مصر الخضراء ل“,”البوابة نيوز“,” أننا بحاجة ملحة إلى تطوير القطاع الزراعي والارتقاء به وهو من أولي مهام الحكومة الجديدة، وهذا لن يتحقق إلا بميزانية تليق بمستوى الزراعة لتحقيق الحلم المصري في الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الزراعية فضلا عن توفير حد آمن من الثروة الحيوانية والداجنة، بالإضافة إلى عودة البحث العلمي كما كان وليس من خلال وحدات ذات طبيعة خاصة تلهب ظهر الفلاح، الذي فرض عليه أن يدفع أولا قبل أن يأخذ، وهذه سابقة لم تحدث إلا في النصف الثاني من 2004، بعد أن أصبحت ميزانية البحث العلمي لا تكفي محروقات السيارات الخاصة بالمشاريع البحثية. وشدد على ضرورة عودة الإرشاد والجمعيات التعاونية الزراعية إلى سابق عهدها بعد أن تم اغتيالهم مع سبق الإصرار والترصد، فضلا عن تحرير وثائق تأمينية للفلاح لتلافي جميع أضرار الزراعة والثروة الحيوانية و الداجنة بسعر رمزي حتى نضمن للفلاح غطاء أمام الظروف المناخية والأوبئة والأمراض الوافدة التي تحل بالنبات والحيوان. وأضاف أن الحكومة الجديدة مطالبة بإعادة النظر في سياسة استصلاح واستزراع الأراضي الجديدة وسياسة توزيع واستغلال هذه الأراضي بما يؤدي إلى تحقيق الأهداف الاجتماعية الملحة والمتمثلة في إعادة توزيع الثروة وحل مشكلة البطالة ومحاربة الفقر. وأشار الدكتور جمال صيام “,” أستاذ الاقتصاد الزراعي بكلية الزراعة جامعة القاهرة“,” إلى أن من أهم السبل للتغلب على مشاكل الزراعة والفلاح هو الاهتمام بتنمية القطاع الزراعي والتي يلزمها النظر إلى العديد من مقومات هذه التنمية. فالاستثمار الزراعي في مصر يواجه عددا من المعوقات تتمثل في تواضع الاستثمارات الزراعية. وقصور التمويل عن متطلبات تحديث الزراعة، والتفتت الحيازي للأراضي الزراعية وهو ما يعد المشكلة الجذرية التي ينتج عنها العديد من المشكلات الزراعية كصغر نشاط المزارع مع ارتفاع تكاليف الإنتاج، وضعف البنية الأساسية الريفية من شبكات الطرق والكهرباء والاتصالات ومياه الشرب والصرف الصحي. وأضاف أن ضعف البنية الأساسية الريفية من شبكات الطرق والكهرباء والاتصالات ومياه الشرب والصرف الصحي، تسبب في ضعف التسهيلات التسويقية من المنتج للمستهلك، وتقزم الإنفاق العام على البحوث الزراعية بتخصيص مبالغ ضئيلة للإنفاق لم تتجاوز 25 مليون جنيه سنويا أي ما يمثل 20% عن الناتج المحلي الزراعي علاوة على ضعف الإطار المؤسس للقطاع الزراعي. وقدم التشريعات والقوانين الزراعية، والتي تعود لستينيات وسبعينيات القرن الماضي. وكذلك عشوائية السياسات المتعلقة بالأراضي الجديدة.