تناولت مجلة (الايكونوميست) البريطانية الإجراءات الغربية ضد حكومة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتي تلحق ضررًا بروسيا، وأشارت الى أن الأزمة الأوكرانية بدأت بالفعل التأثير على الاقتصاد الروسي وسوق الأوراق المالية. وذكرت المجلة في تقرير اليوم على موقعها الالكتروني أن هروب رؤوس الأموال خلال الثلاثة أشهر الأولى من عام 2014 تجاوز 60 مليار دولار، وانخفضت قيمة التعاملات في البورصة بنسبة 20% منذ بداية العام، وانخفضت قيمة الروبل بنسبة 8% أمام الدولار، علاوة علي أن مخاوف انخفاض قيمة العملة دفع البنك المركزي نحو رفع سعر الفائدة من 5.5% الي 7.5%، ويأتي هذا بجانب اعتبار صندوق النقد الدولي الاقتصاد الروسي في حالة ركود ، ليخفض توقعات معدل النمو عام 2014 من 1.3% الي 0.2%. وأضافت " بالرغم من هذا كله ، إلا أن روسيا يبدو أنها مازالت تمتلك أوراقًا اقتصادية وعسكرية قوية ، إذ أنها ما تزال توفر 24% من الغاز للاتحاد الأوروبي و30% من احتياجاته النفطية، ولا تزال قبضتها قوية على الاستهلاك الأوكراني للنفط والغاز ، وهو ما يصعب الأمور على الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات لا تأتي بنتائج عكسية عليه ، كما أن المالية العامة في روسيا لا زالت تتمتع بوضع جيد عن نظرائها ممن تضرروا جراء الأزمة الأوكرانية، حيث بلغ عجز الموازنة من الناتج المحلي الاجمالي 1.3% العام الماضي ، في حين بلغ 3.3% بالنسبة للاتحاد الأوروبي ، لتبلغ الديون الحكومية إلى مجرد 13% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة مع 87 % في الاتحاد الأوروبي. وقالت المجلة إن الاقتصاد الروسي، كواحد من الاقتصادات الناشئة، يملك الدفاعات القوية للتعامل مع أي ضغط خارجي، حيث أظهرت التقارير الجديدة عن الناتج المحلي الاجمالي تقييمه لأسعار صرف تعادل القوة الشرائية من البنك الدولي وأنه أكبر سادس اقتصاد في العالم في 2011، فقط بعد ألمانيا، بفضل صادراتها الهائلة من الطاقة، ليكون حسابها بالفائض، والذي توقعه صندوق النقد الدولي أن يصل 2.1% في 2014، على النقيض من اقتصادات دول مثل تركيا وجنوب افريقيا، والتي تلقت ضربة أوائل العام الجاري بهروب المستثمرين خشية اقتصاداتهم الهشة، إذ أنه من المتوقع أن يسجلوا عجزا قدره 6.3 % و5.4 % على التوالي. واستطردت أن تاريخ روسيا من مثل هذه الفوائض هو ما مكنها من جمع احتياطات للنقد الأجنبي مثيرة للاعجاب، بلغت 486 مليار يورو في مارس الماضي، ووصفها صندوق النقد الدولي بأنها 4 أضعاف متطلبات تمويلها الخارجي، بالنسبة لتركيا التي تغطي احتياجاتها النقدية فقط نصف متطلباتها. وتابعت الايكونوميست أنه بالرغم مما يملكه الاقتصاد الروسي من نقاط قوة، إلا أن الاقتصاد الروسي أبعد ما يكون في موقف آمن، حيث أن كافة هذه الاحتياطات غير قابلة للتدخل، فيوجد 175 مليون دولار مخصصة لاثنين من الصناديق الخاصة، وهي المخصصة لأن تستند عليها الميزانية وتغطية المعاشات التقاعدية المستقبلية، وأنه اذا ما استمر معدل هروب رؤوس الأموال بهذا المستوي ، فسيضع البنك المركزي أمام وضع صعب : إما أن ينفق احتياطاته للمحافظة على استقرار سعر الروبل أو تركها للسقوط ، وهو الأمر الذي سيزيد من التضخم ، كما أنه من الممكن أن يعجل بأزمة القطاع المصرفي المحلي. وأضافت أن خطر هروب رؤوس الأموال هو الأكثر حدة، إذ أن الاقتصاد يعاني بالفعل وأن الطفرة التي شهدها وبررت إنضمامه الي مجموعة دول البريكس (البرازيل والصين والهند) صاحبة أسرع نمو اقتصادي بالعالم - بدأت بالزوال حيث أنه قبل الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008، بلغت الانتاجية الروسية معدل نمو 7% سنويا، وذلك بفضل ارتفاع أسعار النفط والغاز، ولكن الانتعاش ما بعد ركود عام 2009 كان أقل إثارة للاعجاب، بنسبة 4% في الفترة ما بين 2010 و 2012.