تصاعد التوتر بين روسيا والغرب بلا شك خلق وضعا إشكاليا لتركيا حيث تحاول الدبلوماسية التركية الوقوف على مسافة متساوية ومتوازنة مع الأطراف المعنية ، ولكن صعب موقف تركيا نمو الأزمة ، ولذلك ترغب أنقرة في إيجاد حل لهذا النزاع في أقرب وقت ممكن لتأمين الاستقرار في المنطقة. ومع كل هذه المعطيات ستجد أنقرة أنه من الصعوبة التمسك بسياستها التقليدية بمنطقة البحر الأسود حيث تعمل على تدعيم حيادها أمام أطراف الصراع من جهة وتثبيت دبلوماسيتها من جهة أخرى. وفي هذا السياق ، ذكرت صحيفة حرييت التركية في مقال لها اليوم الجمعة أنه مما لا شك فيه أن الحكومة التركية بزعامة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان أصبحت طرفا في الأحداث الجارية في سوريا ومصر ، وقد خلق هذا الموقف صعوبات في السياسة الخارجية التركية لذا تتبع الحكومة الآن سياسة أكثر توازنا في الأزمة بين روسيا والغرب. ويعود السبب الرئيسي في هذا التوازن التركي إلى عدم إتاحة الفرصة لتدهور العلاقات مع روسيا ، خاصة أنها تعتمد على روسيا في مجال الطاقة فضلا عن العوامل الحيوية والاستراتيجية والاقتصادية التي تلعب هي الأخرى دورا مهما في التطورات الجارية. وقد شعرت تركيا بقلق كبير عندما حملتها روسيا مسؤولية عبور السفن الحربية التابعة لمنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) – في إشارة إلى السفن الحربية الأمريكية – لمضيقي البوسفور والدردنيل ، خاصة بعد أن أعربت وزارة الخارجية الروسية عن قلقها من الوجود الأمريكي في البحر الأسود لأنه يعتبر انتهاكا واضحا لاتفاقية "مونترو" التي تنظم مرور السفن الحربية للدول البعيدة عن البحر الأسود. وكانت روسيا قد أكدت أنها لاحظت في الآونة الأخيرة السفن الحربية الأمريكية وتزايد وجودها خارج الحدود المرسومة لها في الاتفاقية وبالتالي يمثل هذا الأمر انتهاكا واضحا لقواعد اتفاقية مونترو. أما صحيفة ميلليت فأشارت في مقال لها اليوم الجمعة إلى أن وزير الخارجية أحمد داود أوغلو نفى مزاعم بأن هناك أزمة أو توتر بين تركياوروسيا ، مضيفا أن على تركيا أن تحافظ على شراكتها الاستراتيجية مع كل من روسيا وأوكرانيا ، كما أكد أن بلاده لن تسمح بانتهاك اتفاقية مونترو التي تحدد نظام مرور السفن عبر مضائق البحر الأسود. وأوضح داود أوغلو أن بلاده ملتزمة بالاتفاقية وذلك في تصريحات أدلى بها بعد انتشار مزاعم تشير إلى أن تركيا أعطت الضوء الأخضر لعدة سفن حربية أمريكية للمرور عبر مضيق البوسفور منذ مارس وسط توتر بين روسيا والدول الغربية بشأن شبه جزيرة القرم. يشار إلى أن اتفاقية مونترو قد تم توقيعها في سويسرا في عام 1936 بمشاركة الاتحاد السوفييتي السابق وتركيا وبريطانيا وفرنسا واليونان وبلغاريا ورومانيا ويوغوسلافيا السابقة واليابان وأستراليا ودول أخرى وأكدت الاتفاقية على حرية مرور السفن التجارية عبر مضائق البحر الأسود في أوقات السلم والحرب. كما سمحت الاتفاقية بمرور السفن الحربية لدول حوض البحر الأسود دون أي تحديد أما السفن الحربية التابعة لدول من خارج حوض البحر الأسود فسمحت أن تكون سفنا سطحية وخفيفة ومساعدة بحيث لا يزيد عددها عن تسع سفن مارة عبر مضيق في آن واحد وبحمولة إجمالية لا يتجاوز وزنها 15 ألف طن.