أكد وكيل وزارة الخارجية الأمريكية للنمو الاقتصادي، جيكوب هلبرج، أن الوضع الأمني في غرب أفريقيا بات يمثل مصدر قلق بالغ للولايات المتحدة، في ظل التصاعد غير المسبوق لأعمال العنف والهجمات المسلحة في المنطقة خلال السنوات الأخيرة. وقال هلبرج، في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية من مدينة أبيدجان، إن الوضع الأمني في غرب أفريقيا أصبح عاملًا حاسمًا يؤثر بشكل مباشر على الاستقرار الاقتصادي ومناخ الاستثمار، مشيرًا إلى أن واشنطن تعيد ترتيب أولوياتها في القارة الأفريقية، مع التركيز بشكل أكبر على التجارة بدلًا من المساعدات التنموية. وأضاف أن استمرار تدهور الوضع الأمني في غرب أفريقيا يفرض تحديات كبيرة أمام أي شراكات اقتصادية طويلة الأمد. وبحسب تحليل أجرته وكالة الصحافة الفرنسية استنادًا إلى بيانات منظمة «أكليد» المتخصصة في رصد النزاعات، شهدت منطقة الساحل الأفريقي زيادة حادة في الهجمات المسلحة خلال ست سنوات فقط، إذ ارتفع عدد الهجمات من نحو 1900 هجوم عام 2019 إلى أكثر من 5500 هجوم في عام 2024، فيما تم تسجيل قرابة 3800 هجوم حتى العاشر من أكتوبر من العام الجاري. هذا التصاعد يعكس خطورة الوضع الأمني في غرب أفريقيا، لا سيما أن رقعة العنف امتدت لتشمل دول خليج غينيا، بعد أن كانت تتركز بشكل رئيسي على الحدود المشتركة بين مالي وبوركينا فاسو. وأدت أعمال العنف المتواصلة إلى مقتل ما يقرب من 77 ألف شخص، وهو ما يضع الوضع الأمني في غرب أفريقيا في صدارة القضايا الإقليمية والدولية. وأوضح هلبرج أن هذه التحديات الأمنية لا تقتصر آثارها على الجانب العسكري فقط، بل تمتد لتؤثر على الأمن الاقتصادي واستقرار الاستثمارات الأجنبية، مؤكدًا أن الاستقرار يمثل شرطًا أساسيًا لأي استثمار أمريكي في المنطقة. وفي إطار توجه إدارة الرئيس دونالد ترامب، أعلن المسؤول الأمريكي أن واشنطن باتت تفضل دعم الشراكات التجارية والاستثمارية المباشرة بدلًا من الاعتماد على المساعدات التقليدية، شريطة توافر بيئة آمنة. وقال إن المستثمرين الأمريكيين لن يخاطروا بأموالهم ما لم يكن الاستثمار «موثوقًا وآمنًا»، في إشارة واضحة إلى ارتباط التجارة باستقرار الوضع الأمني في غرب أفريقيا. وفي الأسابيع الأخيرة، زار مسؤولون أمريكيون رفيعو المستوى دول مالي وبوركينا فاسو والنيجر، رغم خضوعها لأنظمة عسكرية، في محاولة لعرض ما وصف ب«الحل الأميركي» لمكافحة الإرهاب وتحفيز الاستثمار الخاص. وتمثل هذه المقاربة تحولًا في سياسة الولاياتالمتحدة تجاه دول الساحل، خاصة بعد أن علّقت إدارة الرئيس السابق جو بايدن جزءًا كبيرًا من المساعدات التنموية عقب سلسلة الانقلابات بين عامي 2020 و2023. وأشار هلبرج إلى أن المشاورات الدبلوماسية مع دول الساحل ما زالت جارية، مؤكدًا أن الوضع الأمني في غرب أفريقيا يُعد قضية إقليمية تتطلب تعاونًا جماعيًا، وليس مجرد مشكلة تخص دولة بعينها، في ظل استعداد دول المنطقة للعمل مع شركائها الإقليميين والدوليين لمواجهة التحديات المتصاعدة.