تشهد نقابة الأطباء، غدًا الجمعة 10 أكتوبر، انتخابات التجديد النصفي لمجلس النقابة العامة والنقابات الفرعية، في مشهد انتخابي يعكس تباينًا واضحًا بين مستوى المنافسة في المركز والنقابات بالمحافظات، وسط ملاحظات على تراجع عدد المرشحين واتساع نطاق المقاعد المحسومة بالتزكية مقارنة بالدورات السابقة. 40 مرشحًا على 10 مقاعد في النقابة العامة يكشف المشهد الانتخابي عن فارق واضح في مستوى المنافسة بين النقابة العامة والنقابات الفرعية، ففي حين يتنافس 40 مرشحًا على 10 مقاعد بالنقابة العامة بعد حسم مقعدين بالتزكية، تم حسم 28 مقعدًا في النقابات الفرعية دون أي منافسة انتخابية، وهو ما يعني أن نحو 24% من إجمالي المقاعد قد فاز بها مرشحوها مبكرًا بالتزكية. وفي النقابة العامة، حُسم مقعد منطقة غرب الدلتا بالتزكية لصالح الدكتور محمد فريد، الأمين العام الحالي للنقابة العامة، بينما فاز الدكتور مصطفى هاشم، عضو مجلس النقابة العامة، بمقعد منطقة جنوب الصعيد بالتزكية أيضًا، لتقدم مرشح واحد فقط لكل من المقعدين. وبذلك تنحصر المنافسة الفعلية بين 40 مرشحًا على 10 مقاعد، بمعدل يقارب أربعة مرشحين لكل مقعد. أعلى معدلات التنافس في المستوى العام ويتركز التنافس الأكبر على مقاعد المستوى العام، حيث يتنافس 19 مرشحًا على ثلاثة مقاعد للأطباء الذين تجاوزت مدة قيدهم 15 عامًا، مقابل 10 مرشحين على 3 مقاعد للأطباء الذين لم تبلغ مدة قيدهم 15 عامًا، بينما يبدو السباق على المقاعد الجغرافية أقل من حيث عدد المتنافسين. وتتوزع المنافسة الجغرافية على مقاعد مناطق القاهرة الكبرى، ووسط الدلتا، وشرق وغرب الدلتا، وشمال وجنوب الصعيد. 28 مقعدًا بالتزكية في النقابات الفرعية على الجانب الآخر، تختلف الصورة تمامًا في النقابات الفرعية، حيث تشير الأرقام إلى أن 28 مقعدًا من أصل 114 مقعدًا تم حسمها بالتزكية في 27 نقابة فرعية. وقد حُسمت جميع المقاعد في ست نقابات فرعية دون أي منافسة وهي: مطروح، السويس، المنيا، شمال سيناء، جنوبسيناء، والفيوم، بعد أن تساوى عدد المرشحين مع عدد المقاعد المتاحة في كل منها. كما فاز الأطباء الذين تجاوزت مدة قيدهم 15 عامًا بالتزكية في نقابتي سوهاج والوادي الجديد، فيما تستمر المنافسة في هاتين المحافظتين على مقاعد الأطباء حديثي القيد. توزيع المقاعد وهيكل النقابات الفرعية تختلف آلية توزيع المقاعد في النقابات الفرعية وفقًا لسنوات القيد وحجم النقابة. فكل نقابة فرعية تحصل على مقعدين للأطباء الذين تجاوزت مدة قيدهم خمس عشرة سنة، ومقعدين آخرين للأطباء الذين لم تبلغ مدة قيدهم ذلك، باستثناء نقابة القاهرة التي تحصل على أربعة مقاعد لكل فئة نظرًا لضخامة عدد أعضائها، ونقابة الإسكندرية التي خصص لها ثلاثة مقاعد لكل فئة. تراجع المشاركة مقارنة بدورة 2023 وبالمقارنة مع انتخابات التجديد النصفي السابقة في أكتوبر 2023، يتضح وجود تراجع ملحوظ في عدد المرشحين المتنافسين. ففي حين تنافس 21 مرشحًا على مقاعد الأطباء حديثي القيد في الدورة الماضية، انخفض العدد إلى 10 مرشحين فقط في الدورة الحالية، مع انخفاض طفيف أيضًا في عدد المتقدمين على مقاعد الأطباء القدامى. كما أن ظاهرة حسم المقاعد بالتزكية تبدو أكثر انتشارًا هذه المرة مقارنة بالدورة السابقة التي شهدت تنافسًا أوسع وزخمًا انتخابيًا أكبر. ويرجع بعض المراقبين هذا الفارق إلى طبيعة الانتخابات الحالية التي تقتصر على التجديد النصفي فقط دون التنافس على منصب النقيب العام، وهو المنصب الذي كان محور اهتمام واسع في انتخابات 2023، حين تنافس عليه 12 مرشحًا، مما انعكس على مشاركة مرتفعة نسبيًا آنذاك. أما انتخابات 2025 فتبدو أكثر هدوءًا، إذ تخلو من الصراع على المناصب القيادية العليا داخل النقابة، ما يفسر انخفاض درجة الحراك والاهتمام العام بالمشهد الانتخابي الحالي. بين التوافقات والفتور الانتخابي وتشير مؤشرات أولية إلى تزايد ظاهرة التوافقات الداخلية بين المجموعات المهنية داخل النقابات الفرعية، أو ربما تراجع الرغبة في خوض المنافسات الانتخابية في بعض المحافظات الصغيرة، وهي ظاهرة لم تكن بهذا الوضوح في الدورات السابقة. ويرى عدد من الأطباء أن انتشار التزكيات يعكس من جهة حالة استقرار داخل بعض النقابات، لكنه من جهة أخرى قد يعبر عن ضعف الحراك النقابي والميل إلى التوافق المسبق بدلًا من الاحتكام إلى صناديق التصويت. انتظار النتائج ومؤشرات المشاركة وتترقب النقابة العامة للأطباء ما ستسفر عنه انتخابات غدٍ الجمعة، والتي ستحدد ملامح النصف الثاني من دورة المجلس الحالية. ويُنتظر أن تكشف النتائج عن مدى قدرة القائمتين المتنافستين، ائتلاف أطباء مصر وقائمة المستقبل، على حشد الدعم داخل صفوف الأطباء، وما إذا كانت حالة الهدوء النسبي في النقابات الفرعية ستنعكس على نسب الإقبال، أم أن حدة المنافسة على مستوى النقابة العامة ستدفع بالمزيد من الأطباء إلى صناديق الاقتراع. وفي كل الأحوال، تبقى انتخابات التجديد النصفي لهذا العام مؤشرًا على شكل الحركة النقابية في الفترة المقبلة، ومدى استعداد الأطباء للدفاع عن قضايا المهنة داخل بيتهم النقابي.