تم اعتماد قانون الذكاء الاصطناعي الأوروبى رسميا ودخل حيز التنفيذ فى 2 أغسطس 2025، وهو أول خطوة شاملة ومهمة ورسمية حقيقية نحو حوكمة الذكاء الاصطناعى فى العالم ليشكل إطارًا قانونياً شاملاً يهدف إلى ضمان استخدام آمن وأخلاقى للذكاء الاصطناعى مع احترام الحقوق الأساسية للمستخدمين. وخلال عام 2025 تم تفعيل قوانين خاصة بالذكاء الاصطناعى فى عدد من الولاياتالمتحدة، إلى جانب تطبيق قانون المرونة التشغيلية الرقمية (DORA) Digital Operational Resilience Act على مؤسسات الخدمات المالية فى أوروبا، بالإضافة إلى قانون خصوصية المستهلك فى كاليفورنيا (CCPA) California Consumer Privacy Act مع إجراء تقييمات منتظمة لتأثير الذكاء الاصطناعى فى الخصوصية، وتوثيق كيفية أستخدام البيانات بشكل شفاف، ليصبح أكثر أمانًا وموثوقية. وأمام هذا المشهد القانونى والتنظيمى المتعدد والمتغير نحو حوكمة الذكاء الاصطناعى فى جميع أنحاء العالم فى إطار تشريعى وقانونى واضح، تحتاج الشركات والمؤسسات سواء المحلية أو الإقليمية إلى اعتماد نماذج حوكمة مرنة، تدمج الخصوصية فى صميم تطوير تقنياتها بالذكاء الاصطناعى من خلال مبدأ "الخصوصية حسب التصميم" وتستثمر فى تقنيات تعزيز الخصوصية (PETs) Privacy enhancing technologies ويكون ذلك ضمن إطار قانونى لحماية الأفراد من أى اختراقات أو انتهاكات للبيانات الشخصية وحماية الأمن الإجتماعي. إعداد قانون الذكاء الاصطناعى فى مصر وفى مصر أصدر رئيس الوزراء قراراً بإنشاء المجلس الوطنى للذكاء الاصطناعى رقم 2889 الصادر فى 24 نوفمبر 2019، وتضمن القرار فى المادة الثانية أن من ضمن مهام المجلس "إعداد التوصيات الخاصة بالتشريعات ذات الصلة بمجالات الذكاء الاصطناعى ومقترحات تعديلها وبما يحقق دعم آليات التنفيذ وتحقيق الحماية والتأمين اللازمة وكذا المشاركة فى اللجان الوطنية ذات الصلة". ومن هذا المنطلق طبقًا لقرار رئيس الوزراء فإن المجلس هو الجهة المسئولة عن إعداد قانون الذكاء الاصطناعى فى مصر ويكون شريكاً أساسياً فى إعداده مع الجهات المعنية بالحكومة وهو ما يدفعنا للسؤال الأهم: أين القانون؟ وأين الخطوات التشريعية نحو القانون فى الاستراتيجية الوطنية الأولى 2019 – 2024؟ والاستراتيجية الثانية 2025 – 2030؟ وما هى الإجراءات التى تم اتخاذها فى هذا الملف حتى الآن؟. وترجع أهمية القانون لأهمية حوكمة الذكاء الاصطناعى فى مصر وحماية البيانات والخصوصية وحماية الملكية الفكرية والأمن الاجتماعى من خطورة استغلال تقنيات الذكاء الاصطناعى من قبل الشركات المطورة لأدواته. ولأهمية القانون ومستقبله فى التنمية المستدامة فى بلادنا ومع قرب انتهاء العام الأول من تطبيق الاستراتيجية الوطنية الثانية للذكاء الاصطناعى فى مصر 2025 – 2030، نقترح على رئيس الوزراء بصفته المسئول المباشر عن المجلس الوطنى للذكاء الاصطناعى الآتي: * ضرورة إجراء حوار مجتمعى عن طريق الجامعات الحكومية والأهلية بجميع أنحاء مصر لوضع رؤية حقيقية حول قانون الذكاء الاصطناعى ورؤية خاصة للقانون والاستفادة منه بالمحافظات. * عقد جلسات نقاشية بالتنسيق مع معهد التخطيط القومى للاستفادة من خبراء المعهد لوضع شكل متكامل نحو القانون الجديد. * دعوة كليات الذكاء الاصطناعى للمشاركة فى وضع رؤية شاملة حول المشاكل التى تواجه الذكاء الاصطناعى فى مصر للاستفادة منها فى القانون الجديد. * دعوة النقابات المهنية المختلفة من محامين وصحفيين وفنانين ومهندسين وتجاريين وغيرهم للمشاركة وإرسال رؤيتها وتصورها عن وضعهم فى القانون الجديد للذكاء الاصطناعي. * تدشين منصة إلكترونية لتقديم الاقتراحات والمشاركات حول القانون الجديد. * التواصل وعقد حوار مع الأحزاب وأمانات الذكاء الاصطناعى بالأحزاب لوضع رؤية سياسية حول قانون الذكاء الاصطناعى وكيفية ربطه بقانون الأحزاب للاستفادة من الذكاء الاصطناعى فى تطوير الأوضاع السياسية ونشر ثقافته. * الاستفادة من قدرات مركز معلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء فى مناقشات القانون الجديد ويكون المرجع المعلوماتى لما يتضمن من كوادر على قدر كبير من الكفاءة وتصدر عنها بشكل دورى نشرات ذات قيمة كبيرة عن الذكاء الاصطناعى المحلى والإقليمى والعالمى وتقارير معلوماتية عن الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي. * دراسة إمكانيات الوزارات المعنية والمحافظات حول قدراتها من بنية تحتية وتجهيزات فنية ولوجيستية لإمكانية تفعيل تقنيات الذكاء الاصطناعى بهذه المؤسسات بعد تفعيل القانون. * تشكيل لجنة من خبراء قانونيين وباحثين للذكاء الاصطناعى لوضع رؤية لشكل اللائحة الداخلية فى القانون الجديد. وبعد.. إن الأمر هام وخطير ويتطلب ضرورة أن نتخذ خطوات فعالة نحو تشريعات حقيقية لقانون الذكاء الاصطناعى وحوكمته وحماية الأمن الاجتماعى المصرى والتنمية المستدامة فى بلادنا من خطورة الذكاء الاصطناعي. نحن أمام فرصة حقيقية لوضع قانون ذكاء اصطناعى يشارك فيه الجميع الأن احتراماً للدستور وتطبيق احكامه ومواده (23-27-28-65-66) وهى التى تؤكد على الشفافية والبحث العلمى وحرية الرأى والابتكار، وهى الخطوة المهمه بعد أن أصبح الذكاء الاصطناعى عاملاً مؤثراً فى المجالات الجيوسياسية والآيديولوجيات الفكرية للشباب والأطفال، ومن أجل مستقبلنا الذى نريده أفضل للأجيال القادمة. *باحث فى مجال الذكاء الاصطناعي