هيومن رايتس ووتش: المجاعة في القطاع ناجمة عن استراتيجية التجويع الجماعي التي تنتهجها إسرائيل (CIVIC): الأممالمتحدة ومنظمات حقوقية وإنسانية تؤكد أن إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية في غزة خضراوي: على مدى أكثر من عامين فشل المجتمع الدولي في حماية المدنيين الفلسطينيين في غزة تقرير: الحملة العسكرية الإسرائيلية قتلت 66 ألف فلسطيني بينهم 19 ألف طفل المركز يطالب الدول بفرض العقوبات وحظر توريد السلاح وممارسة الضغط الدبلوماسي على إسرائيل
مع دخول العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عامه الثالث، يواجه سكان القطاع معاناة غير مسبوقة تحت القصف والحصار، في وقت تتوالى فيه التقارير الحقوقية الدولية التي تؤكد ارتكاب إسرائيل فظائع ترقى إلى جريمة إبادة جماعية، وسط تقاعس المجتمع الدولي عن اتخاذ إجراءات حاسمة لوقف الانتهاكات. ففي تقرير مركز حماية المدنيين في النزاعات (CIVIC)، أكد أن المدنيين الفلسطينيين يواصلون مواجهة هجمات غير مشروعة ومعاناة كارثية جراء الحملة العسكرية الإسرائيلية والحصار المستمر، مشيرًا إلى أن لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة، إلى جانب منظمات حقوقية وإنسانية دولية وإسرائيلية بارزة، خلصت إلى أن إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية في غزة. وقال هشام خضراوي، المدير التنفيذي لCIVIC: "لقد تم تجاوز كل الخطوط الحمراء في غزة، المدنيون يُستهدفون بشكل مباشر، والقواعد التي كان من المفترض أن تحميهم يتم تجاهلها وانتهاكها عمدًا." وأضاف خضراوي: "على مدى أكثر من عامين، فشل المجتمع الدولي في حماية المدنيين الفلسطينيين في غزة، ما سمح باستمرار الفظائع دون عقاب. جميع الدول تتحمل اليوم أكثر من أي وقت مضى واجبًا قانونيًا وأخلاقيًا باستخدام كل الوسائل المتاحة لوقف المزيد من الأذى عن المدنيين." وأوضح التقرير أن ما يقرب من عامين من الحملة العسكرية الإسرائيلية أسفرت عن مقتل أكثر من 66 ألف فلسطيني، بينهم أكثر من 19 ألف طفل، فيما دمرت الغارات المستشفيات والمدارس والبنية التحتية الأساسية والمساكن، لتجعل غزة غير صالحة للعيش تقريبًا. وأشار إلى أنه في يوليو الماضي أُعلنت المجاعة نتيجة الحصار الممنهج ومنع دخول المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة. وشدد التقرير على أن أي اتفاق لإنهاء الحرب، بما في ذلك الصفقة التي ترعاها الولاياتالمتحدة حاليًا، يجب ألا يقتصر على وقف مؤقت لإطلاق النار، بل يجب أن يتضمن وقفًا دائمًا للهجمات على المدنيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق، وتحقيق المساءلة عن الانتهاكات، وإلا فإن دائرة الجرائم ستستمر بلا نهاية. وطالب المركز جميع الدول باتخاذ خطوات عملية عاجلة لحماية المدنيين، من بينها فرض العقوبات، وحظر توريد السلاح، وممارسة الضغط الدبلوماسي. ودعا إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار، والإفراج عن جميع الرهائن، وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون قيود، وفرض حظر شامل على توريد الأسلحة لإسرائيل، إضافة إلى الالتزام الصارم بالواجبات الدولية، وتعليق أي تعاون عسكري قد يسهم في ارتكاب جرائم فظائع، وتفعيل آليات المساءلة عبر الملاحقات القضائية ودعم القضايا المنظورة أمام محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية.
استراتيجية التجويع الجماعي في السياق ذاته، أكدت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير حديث أن السلطات الإسرائيلية تصعّد هجومها على مدينة غزة بينما يواجه الفلسطينيون مجاعة غير مسبوقة. وأوضحت أن أبرز خبراء العالم في مجال انعدام الأمن الغذائي، المعروفين بالتصنيف المرحلي المتكامل (IPC)، أعلنوا في أغسطس الماضي أن المجاعة في القطاع ناجمة عن استراتيجية التجويع الجماعي التي تنتهجها إسرائيل. وأشار تقرير لجنة التحقيق الأممية إلى أن هناك إجماعًا متزايدًا بين منظمات حقوق الإنسان والخبراء حول الفظائع المستمرة في حملة الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة. واعتبرت المنظمة أنه كان ينبغي منذ فترة طويلة تفعيل "واجب المنع" المنصوص عليه في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية تجاه أفعال إسرائيل، غير أن الدول تقاعست عن ذلك. ولفت التقرير إلى أن إسرائيل لم تلتزم بالموعد النهائي الذي حددته الجمعية العامة للأمم المتحدة للامتثال لرأي محكمة العدل الدولية التاريخي الصادر عام 2024 بشأن العواقب القانونية لسياساتها وممارساتها في الأرض الفلسطينيةالمحتلة. وأكد أن إسرائيل لم تكن وحدها من تجاهل هذا القرار، بل إن حكومات العالم أجمع فشلت في الوفاء بالتزاماتها، وهو ما منح تل أبيب الضوء الأخضر للاستمرار في خططها المعلنة لتدمير ما تبقى من البنية التحتية المدنية في غزة ومواصلة تهجير الفلسطينيين. وأضاف التقرير أن اعتراف بعض الدول مؤخرًا بدولة فلسطين قد يصبح مجرد "لفتة فارغة" إذا استمرت تلك الدول في السماح بالتجارة مع المستوطنات غير الشرعية، وإذا فشلت في التحرك بينما يواجه الفلسطينيون الإبادة والتطهير العرقي. ودعت هيومن رايتس ووتش الدول إلى التحرك العاجل، بما في ذلك فرض حظر على توريد الأسلحة لإسرائيل، وفرض عقوبات محددة على المسئولين الإسرائيليين المتورطين في الانتهاكات الجسيمة، وتعليق الاتفاقيات التجارية التفضيلية معها. كما شددت على ضرورة إدانة العقوبات الأمريكية المفروضة على مسئولي المحكمة الجنائية الدولية وخبراء حقوق الإنسان في الأممالمتحدة والمنظمات الفلسطينية الرائدة التي تدافع عن العدالة. وأكدت المنظمة على أهمية التزام الدول بالدفاع عن المحكمة الجنائية الدولية ومن يعملون معها، وتنفيذ أوامرها ودعم تحقيقاتها، مشيرة إلى أن على الدول استخدام التحديث الجديد لقاعدة بيانات الأممالمتحدة الخاصة بالشركات التي تسهم في الاستيطان في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، للوفاء بواجبها في منع الشركات العاملة لديها من المشاركة في الانتهاكات. واختتمت المنظمة تقريرها بالتأكيد على أن الدول تمتلك جميع الأدوات اللازمة للضغط على إسرائيل وإنهاء الانتهاكات، وأن الوقت قد حان للتحرك الجاد قبل فوات الأوان.