في السابعة عشرة من عمره يقف الآن، بينما قلبي ما زال يتذكر اللحظة الأولى حين كان نبضًا يسكن بداخلي. كنتُ في الثانية والعشرين من عمري حين عرفت أنني سأصير أمًا، لكن الحقيقة أن يوسف لم يكن مجرد ابنٍ وطفلٍ ورفيق عمر... يوسف كان البداية، كان المعلم الأول، وكان الامتحان الأكبر للحب والصبر والعطاء. جاور قلبي قبل أن تراه عينا، وصار مرآتي في تفاصيل لا تخطئها الروح: ملامح تشبهني، طباع قريبة من طباعي، شقاوة صافية كابتسامة طفلة، وطيبة قلب لا يحمل إلا النقاء. يوسف لم يكن مجرد اسم، بل كان معنى، معنى للجدعنة، للرجولة المبكرة، وللأمل الذي كبر معي عامًا بعد عام. كان وما زال الشخص الوحيد الذي يشعر بي في حزني وفرحي، الوحيد الذي يدعو لي أن أعيش الدهر كله، ويقول لي دومًا: "مش متخيل الحياة من غيرك". كلماتك يا يوسف تبقى في قلبي دعاءً يسبقني إلى السماء، فأسأل الله أن يبارك في عمري من أجلك، وأن يحقق لك كل ما تتمناه. ورغم أن حبي لأولادي جميعًا سواء، يبقى يوسف له مكانة خاصة في قلبي... فهو صديقي المفضل ورفيقي الدائم قبل أن يكون ابني، هو السر الجميل بيني وبين نفسي، والسند الذي يطمئنني أن الحب الصادق لا يضيع. في عيد ميلاده السابع عشر، لا أستطيع أن أرى فيه مجرد شاب على أعتاب الرجولة؛ أراه العالم الذي بنيته بيدي، أراه امتداد حلمي، وصوتي حين يعلو بالحقيقة، وظهري حين يثقلني التعب. أراه الإنسان الذي يستحق مستقبلًا يشبه صفاء قلبه وصدق نواياه. يا يوسف، يا أجمل هدية من الله، أعدك أن أظل دائمًا في ظهرك، سندك الذي لا يلين، وعيني التي تحرس خطواتك، وقلبًا يسبقك بالدعاء في كل لحظة. أنت أعظم ولد في الدنيا... وأعظم قصة حب في حياتي. كل عام وأنت بخير، كل عام وأنت يوسف... ابني وابن عمري وصديقي المفضل.