لم تكن مدينة نبروه بمحافظة الدقهلية على موعد مع فجر هادئ، بل استيقظت على مأساة إنسانية هزت وجدان المصريين جميعاً، أب قرر أن يضع حداً لحياة أسرته الصغيرة بطريقة وحشية، فخنق أبناءه الثلاثة وطعن زوجته حتى الموت، قبل أن يهرب ويلقي بنفسه أسفل عجلات القطار، جريمة بشعة تجاوزت حدود العقل والرحمة، وتركت المجتمع أمام صدمة مدوية لا تزال أصداؤها تتردد حتى اللحظة. تفاصيل ليلة الرعب في الساعات الأولى من صباح الخميس الماضي، عمّت أصوات استغاثة مكتومة من شقة سكنية في شارع مدرسة الصنايع بمدينة نبروه، أصوات أطفال يصرخون، وأم تقاوم بشجاعة اليأس، بينما كان الأب، عصام عبد الفتاح العزباوي، يحكم قبضته على رقاب الصغار ويسدد طعناته الغادرة لزوجته. دقائق قليلة فصلت بين الحياة والموت، وحين تمكن الجيران من فتح الباب، وجدوا المشهد الذي لا ينسى: ثلاثة أطفال صغار جثثاً هامدة، وامرأة غارقة في دمائها بعد 16 طعنة نافذة لم تترك لها فرصة للنجاة. الأطفال الذين قُتلوا بلا ذنب هم: مريم (12 عاماً)، ومعاذ (7 أعوام)، ومحمد (4 أعوام)، عيونهم التي كانت تنبض بالحياة أُغلقت قسراً بخنق قاسٍ، بينما تظل الزوجة في حالة حرجة بالعناية المركزة في مستشفى الطوارئ بالمنصورة في محاولات مضنية لإنقاذها. منشور على "فيسبوك" يكشف الجريمة قبل أن يهرب الجاني، كتب منشوراً على حسابه الشخصي: بأن أبنائه "محمد ومريم ومعاذ" في ذمة الله، لكن الحقيقة لم يكن هذا لمنشور نعيًا، بل إعلاناً بارداً عن موتٍ خطط له ونفذه بدم بارد، منشور قصير لكنه حمل جرحاً عميقاً في قلب أسرة مكلومة ومذهوله. ولم يكتفِ بذلك، بل أجرى اتصالاً بوالدة زوجته، وأخبرها بلا مبالاة أن أحفادها فارقوا الحياة داخل الشقة، تاركاً صراخها يتردد في الفراغ، قائلأ: " محمد ومريم ومعاذ ماتوا في الشقة روحي شوفيهم ". خلفيات الصراع العائلي كشفت التحريات أن الزوجة «نجوى»، وهي الزوجة الثانية للجاني، كانت طلبت الطلاق بسبب سوء معاملته، حاول مصالحتها مراراً لكنها أصرت على الانفصال، فقرر الانتقام بطريقة لم تخطر على بال، انتقم منها بقتل أبنائه الثلاثة من زوجته الأولى المتوفاة، ثم طعنها داخل محلها التجاري قبل أن يفر هارباً، ويتركها بين الحياة والموت. شهادة الأسرة أوضحت أن «نجوى» كانت تحب أبناء زوجها وتعتبرهم كأبنائها، بل تولت رعايتهم بعد وفاة والدتهم الأولى، لكن خلافاتها مع الأب حولت البيت إلى ساحة توتر انتهت بمجزرة لا تصدق.
النهاية المروعة للجاني لم يطل هروب الأب كثيراً، إذ وصل إلى محطة قطارات طلخا، وهناك اختار أن يضع نهاية سريعة ومأساوية لحياته. ألقى بنفسه تحت عجلات القطار، فتناثرت أشلاؤه على القضبان، ليصبح هو الآخر جثة ضمن سلسلة المأساة التي صنعها بيديه. تحقيقات النيابة العامة الأجهزة الأمنية والنيابة العامة انتقلت إلى مسرح الجريمة، وبدأت في معاينة الشقة وجمع الأدلة، الجثامين أُحيلت إلى الطب الشرعي لتحديد ملابسات الوفاة، قبل التصريح بدفنها وسط مشهد جنائزي مهيب، الجريمة تركت المدينة بأكملها في حالة ذهول، بينما يواصل فريق التحقيق جمع الشهادات لفهم ما حدث في تلك الليلة السوداء.