في تطوّر لافت قد يغيّر ملامح المشهد السوري والدولي، كشف تقرير غير منشور للأمم المتحدة – اطلعت عليه وكالة "رويترز" – أن مراقبي العقوبات لم يرصدوا أي "علاقات نشطة" خلال عام 2025 بين تنظيم "القاعدة" و"هيئة تحرير الشام"، التي تتولى حالياً قيادة الحكومة الانتقالية في سوريا بعد الإطاحة بنظام الرئيس السابق بشار الأسد. التقرير، المتوقع صدوره خلال شهر يوليو، قد يُستخدم كأداة دبلوماسية حاسمة لتبرير الخطوات الأميركية الأخيرة الرامية إلى رفع العقوبات المفروضة على سوريا وهيئتها الحاكمة الجديدة. ويأتي ذلك بعدما اتخذت الولاياتالمتحدة سلسلة من الإجراءات السياسية والتصنيفات القانونية، أبرزها إلغاء تصنيف "هيئة تحرير الشام" كمنظمة إرهابية أجنبية، وتوقيع الرئيس دونالد ترامب أمراً تنفيذياً برفع العقوبات عن سوريا. فك الارتباط مع "القاعدة": نقطة مفصلية اللافت أن الهيئة، المعروفة سابقاً ب"جبهة النصرة"، كانت قد أعلنت فك ارتباطها بتنظيم "القاعدة" عام 2016. لكن الشكوك الدولية ظلت تلاحقها لسنوات، ما أدى إلى فرض عقوبات صارمة شملت حظر سفر وتجميد أصول، طالت حتى زعيمها أحمد الشرع، الذي يشغل اليوم منصب رئيس سوريا الانتقالية. إلا أن تقرير الأممالمتحدة الجديد يعيد تشكيل الصورة، إذ يشير إلى وجود توجهات "أكثر براغماتية" لدى الشرع ووزير داخليته أنس خطاب، مقارنة ببعض القيادات التنفيذية داخل الهيئة التي لا تزال تُظهر ميولاً أيديولوجية متطرفة. مكاسب محتملة متعددة الاتجاهات رفع العقوبات لا يهدف فقط إلى دعم الاستقرار الداخلي، بل يعكس كذلك حسابات جيواستراتيجية أوسع. فإلى جانب دعم إعادة الإعمار وإنعاش الاقتصاد السوري المنهار، ترى إدارة ترامب أن هذه الخطوة تُضعف النفوذين الإيراني والروسي في سوريا، وتمنح الشركات الأميركية فرصة دخول سوق إعادة الإعمار، بما يحقق مكاسب اقتصادية وسياسية في آنٍ واحد. كما أن منح الهيئة "مساحة سياسية مشروعة" يندرج ضمن تصور أميركي أوسع لتقليص الحافز الذي تعتمد عليه التنظيمات المتطرفة لتجنيد عناصر جديدة، خاصة في مرحلة ما بعد الحرب. حذر دولي رغم التحولات ورغم ما قد يبدو تقدماً في ملف هيئة تحرير الشام، إلا أن بعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن لا تزال متوجسة. فالتقرير نفسه يذكر أن العديد من الشخصيات داخل الهيئة، خصوصاً من تولّوا مناصب تنفيذية أو انخرطوا في "الجيش السوري الجديد"، لا يزالون يحتفظون بروابط فكرية مع تنظيم "القاعدة"، مما يضع تحديات أمام أي مسار دبلوماسي نحو التطبيع الكامل.