في خضم التصعيد المتسارع بين الولاياتالمتحدةوإيران، خرج الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتصريحات حادة تكشف عن نهج أكثر عدائية تجاه طهران، نافياً وجود أي قنوات تواصل أو عروض دبلوماسية، ومؤكداً أن واشنطن "أبدت" منشآت إيران النووية في هجمات جوية غير مسبوقة. لا تفاوض بعد الضربات في منشور على منصة "تروث سوشيال"، سارع ترامب إلى دحض مزاعم السيناتور الديمقراطي كريس كونز الذي تحدث عن احتمالات تفاوض جديدة مع طهران بعد الضربات. ترامب أكد أنه لم يعرض شيئاً على إيران منذ الهجوم، وهاجم مجدداً سياسة سلفه باراك أوباما، معتبراً الاتفاق النووي لعام 2015 (JCPOA) "صفقة غبية" أعطت إيران طريقاً مباشراً نحو السلاح النووي، على حد تعبيره. تصريحات ترامب تضمنت سخرية لاذعة من الاتفاق النووي السابق، الذي انسحب منه في 2018، قائلاً: "لا أتحدث إليهم منذ أن أبدنا منشآتهم النووية"، في إشارة إلى الهجمات التي شنتها القوات الأميركية مؤخراً. الضربات الجوية: تأثير محدود أم ضربة استراتيجية؟ الهجمات الأميركية، التي نُفذت باستخدام قاذفات استراتيجية محمّلة بقنابل خارقة للتحصينات، استهدفت ثلاث منشآت نووية رئيسية قرب طهران. وبينما وصفها ترامب بأنها "محَت" تلك المنشآت تماماً، أظهرت تقارير استخباراتية مسرّبة، نُشرت في وسائل إعلام أميركية، أن الأثر الواقعي للهجمات قد يكون مؤقتاً، وربما عطّل برنامج تخصيب اليورانيوم لبضعة أشهر فقط، دون أن يوقفه نهائياً. أزمة ثقة داخلية ودولية داخلياً، يواجه ترامب ضغوطاً متزايدة من مؤسسات صنع القرار الأميركي، التي تطالبه بوضع استراتيجية واضحة ومُعلنة تجاه إيران، بعد أن باتت واشنطن في مواجهة مباشرة مع مشروع نووي لطالما اعتبرته تهديداً وجودياً لحلفائها في الشرق الأوسط. في المقابل، تطالب إيران بتحقيق دولي مستقل حول ما وصفته ب"العدوان الأميركي-الإسرائيلي"، متهمة واشنطن بتجاوز كل الأعراف الدبلوماسية والضرب في صلب البنية التحتية المدنية والعلمية. كما ألمحت مصادر دبلوماسية إيرانية إلى أن البرنامج النووي "سيعود بوتيرة أسرع وأكثر تصميماً"، كردّ على التصعيد العسكري. غموض في السياسة الأميركية المقبلة على الرغم من تأكيد ترامب أنه لن يرفع العقوبات المفروضة على طهران ما لم "تجنح للسلام"، فقد تجنّب الرد بشكل مباشر على أسئلة بشأن إمكانية تخفيف العقوبات على صادرات النفط الإيراني إلى الصين، ما يُبقي الباب مفتوحاً أمام صفقات محتملة أو تفاهمات سرّية، رغم خطابه العلني المتشدد. في ضوء التصعيد العسكري والغموض السياسي، تبدو الأزمة بين الولاياتالمتحدةوإيران متجهة إلى مزيد من التعقيد، خصوصاً مع فقدان الثقة بين الطرفين وتصاعد الشكوك الدولية حول جدوى الضربات في إيقاف البرنامج النووي الإيراني فعلياً. وإذا كانت تصريحات ترامب تهدف إلى إبراز الحزم الأميركي، فإن التقييمات الاستخباراتية وتحرّكات طهران تشير إلى أن المواجهة قد تكون دخلت مرحلة جديدة، عنوانها: "إيران ما بعد القصف... لا تزال في السباق النووي".