في رسالة مشفّرة بثّها على منصته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشال"، فجّر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب قنبلة سياسية جديدة بثلاث كلمات فقط. في منشوره الغامض، كتب ترامب: "إخلوا طهران فورًا!".. ما أطلق سيلًا من التكهنات حول ما إذا كانت واشنطن تلوّح بعمل عسكري، أو تمهّد لاتفاق سياسي على غرار الضربات الإسرائيلية الإيرانية المتبادلة، لكن البيت الأبيض خرج عن صمته، كاشفًا ما وراء السطور. ماذا يقصد المنشور؟ أوضح مسؤول رفيع في البيت الأبيض، اليوم الإثنين، أن المنشور المقتضب الذي نشره الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب على منصة "تروث سوشال"، والذي دعا فيه الإيرانيين إلى "إخلاء طهران فورًا"، يعكس -وفقًا لتوصيفه- "مدى الاستعجال الذي تراه الإدارة الأمريكية لجلوس إيران على طاولة التفاوض"، في ظل التصعيد المتواصل مع إسرائيل. وأوضح المسؤول، في تصريحات لشبكة CNN، أن ترامب كان يتلقى تقارير أمنية وسياسية لحظة بلحظة من وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو وكبار المسؤولين، بينما كان يحضر قمة مجموعة السبع في كندا، مشيرًا إلى أن "التوتر بين واشنطنوطهران بلغ مستوى خطيرًا يستدعي تحركًا عاجلًا". وكان ترامب قد كتب عبر منصته "تروث سوشال": "على الجميع إخلاء طهران فورًا". وأضاف بعدها بلحظات: "كان يجب على إيران أن توقع عندما طلبنا منها ذلك، يا لها من خسارة.. لا يمكن السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي". ورغم عدم تقديمه أي تفاصيل إضافية، فإن منشوره أثار قلقًا واسعًا، خاصة أن العاصمة الإيرانيةطهران يقطنها قرابة 10 ملايين شخص، وهو ما جعل دعوته تبدو كتحذير مبطن من تحرك عسكري أو تطور خطير وشيك. وفي تصريحات لاحقة خلال لقائه برئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر على هامش قمة السبع، أعرب ترامب عن ثقته بأن إيران ستقبل في النهاية بتوقيع اتفاق حول برنامجها النووي. مضيفًا: من الغباء أن ترفض إيران التوقيع.. هي بالفعل على طاولة التفاوض، وبمجرد عودتي من القمة، سنتحرك". وكان ترامب قد صرّح في وقت سابق، الإثنين، بأن طهران بعثت بإشارات "إيجابية" تشير إلى رغبتها في بدء مفاوضات جديدة، لكنه لمّح في الوقت ذاته إلى أن التأخير في التوصل إلى اتفاق "قد تكون له عواقب مؤلمة". وتأتي هذه التطورات بينما تكثف إسرائيل من غاراتها ضد منشآت عسكرية ومواقع استراتيجية داخل إيران، في محاولة –وفق ما تقول تل أبيب– لوقف برنامج طهران النووي، الذي ترى فيه تهديدًا وجوديًا. في هذا السياق، يرى مراقبون أن منشور ترامب ربما جاء كمحاولة ضغط علني –ومفاجئ– على النظام الإيراني، ضمن ما يُعرف في أروقة السياسة الأمريكية ب"دبلوماسية الحافة"، حيث تلوّح واشنطن باستخدام القوة بهدف دفع الطرف الآخر نحو التنازل. وفي الوقت نفسه، لم تستبعد مصادر دبلوماسية غربية أن تكون هذه التصريحات جزءًا من "لعبة نفسية" تستبق ترتيبات تفاوضية قيد التبلور، خصوصًا بعد التقارير التي تحدثت عن وساطات أوروبية خلف الكواليس، تسعى لاحتواء النزاع وتجنب حرب شاملة في المنطقة. تأتي هذه التصريحات في أعقاب تطورات متسارعة على الأرض، بعد أن استهدفت إسرائيل مواقع إيرانية حساسة في أصفهان وطهران خلال الأيام الماضية، ردًا على هجمات طهران بطائرات مسيّرة وصواريخ طويلة المدى ضد مواقع إسرائيلية، ما ينذر بانزلاق خطير قد يتجاوز إطار "الردع المتبادل". وربما رسالة ترامب القصيرة قد لا تكون مجرد انفعال لحظي، لكنها إشارة مقصودة ومُصاغة بعناية، لفرض إيقاع التفاوض تحت الضغط، مع صفقات كبرى تُطبخ خلف الأبواب المغلقة. اقرأ أيضًا | رئيس الوزراء البريطاني: لندن مستعدة للمساعدة في التسوية الدبلوماسية بالشرق الأوسط