سيطرت القوات الإسرائيلية، في خطوة أثارت جدلاً واسعاً، على سفينة "مادلين" الإنسانية التي كانت في طريقها لكسر الحصار البحري المفروض على قطاع غزة، واحتجزتها مع 12 ناشطاً كانوا على متنها، وقادتها إلى ميناء إسرائيلي. وأعلن ائتلاف أسطول الحرية عبر حسابه على منصة تلغرام أن القوات الإسرائيلية صعدت إلى السفينة أثناء وجودها في المياه الدولية، وقطع الاتصال معها، واصفاً الحادثة بأنها "اختطاف" للنشطاء، واعتبر أن إسرائيل انتهكت القوانين الدولية بحرمانها حرية الملاحة واحتجازها المتطوعين دون وجه حق. تحالف أسطول الحرية: تاريخ نضال مستمر يعد تحالف أسطول الحرية (FFC) حركة دولية تأسست عام 2010، بعد حادثة سفينة "مافي مرمرة" الشهيرة التي تعرضت لهجوم إسرائيلي أدى إلى مقتل 10 نشطاء، في مياه دولية أيضاً، مما تسبب في توتر العلاقات التركية الإسرائيلية. التحالف يضم حملات ومنظمات مدنية من مختلف أنحاء العالم، ويهدف إلى كسر الحصار الإسرائيلي على غزة، الذي فرض منذ أكثر من 17 عاماً، ويعتبره غير قانوني وإنساني. تعمل السفن التي يطلقها التحالف على إيصال المساعدات الإنسانية، وإبراز مأساة الحصار الذي حرم ملايين الفلسطينيين من حقوقهم الأساسية، بما في ذلك حرية التنقل والصحة والكرامة. مهمة سفينة "مادلين" الإنسانية انطلقت سفينة "مادلين" في الأول من يونيو 2025 من ميناء كاتانيا في صقلية، وتحمل على متنها مساعدات رمزية لكنها تحمل رسالة دعم وتضامن مع سكان غزة المحاصر، تشمل إمدادات طبية، دقيق، أرز، حليب أطفال، حفاضات، ومنتجات نظافة نسائية، بالإضافة إلى مجموعات تحلية مياه وأطراف صناعية للأطفال. تم تسمية السفينة تكريماً للصيادة الفلسطينية مادلين كُلّاب، أول وأصغر امرأة فلسطينية تمتهن الصيد في غزة، في رسالة رمزية عن الصمود والتحدي. الرسالة والتحديات يرى القائمون على المبادرة أن حجم السفينة صغير مقارنة بما تتطلبه الحاجة في غزة، لكن الرسالة أكبر من ذلك؛ فهي تعبير عن تضامن الشعوب الحرة مع الفلسطينيين ودعوة إلى الضغط على الحكومات الدولية لرفع الحصار ووقف ما يوصف بسياسة الإبادة الجماعية التي تُمارسها إسرائيل في القطاع. كما يؤكد التحالف على أن النشاطات تتم وفق مبادئ اللاعنف والمقاومة السلمية، وتسعى إلى رفع الوعي العالمي حيال معاناة غزة، ودعم حقوق الفلسطينيين في الحرية والكرامة. خلفية الحصار وتأثيراته منذ عام 2007، فرضت إسرائيل حصاراً برياً وبحرياً وجوياً على قطاع غزة، الذي يقطنه نحو مليوني نسمة، نصفهم تقريباً من الأطفال ولاجئون من مجتمعات داخل إسرائيل، ما أدى إلى أزمة إنسانية شديدة، وأوضاع معيشية وصحية متدهورة، وقيود صارمة على المواد الأساسية. وفي ظل حملات القصف المتكررة، إضافة إلى القيود على دخول الإمدادات، أصبحت غزة منطقة منكوبة تعاني شلل الاقتصاد، وتعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية. وتأتي حادثة اعتراض سفينة "مادلين" كحلقة جديدة في مسلسل الحصار الإسرائيلي الذي يثير انتقادات دولية واسعة، ويؤكد على الأزمة الحقوقية التي يعاني منها الفلسطينيون في غزة. ويبقى تحالف أسطول الحرية أحد أبرز رموز المقاومة السلمية الدولية لهذا الحصار، في حين تستمر إسرائيل في سياسة الردع بالقوة، مما يثير تساؤلات حول دور المجتمع الدولي في حماية حقوق الإنسان وحرية الملاحة البحرية.