مصر فجر الضمير، وأول من عرف عبادة التوحيد على الأرض، مر عليها كثير من الأطياف البشرية لم تنتقص من خصوصيتها الثقافية أو تذوب هذه الخصوصية التي تستوعب التعدد والتنوع في نسيج واحد، فكما يحتفل المسلمون والمسيحيون سويًا بعيد شم النسيم الذي توارثه المصريون عن أجدادهم القدماء وكما يسعى المسيحيون وراء التبرك بالسيدة العذراء في "مولدها" كذلك يحج إليها المسلمون؛ بل يكاد عددهم يزيد على عدد المسيحيين كذلك جاءت العمارة والثقافة المصرية من حيث التراكمية والإضافة والتبادل الحضاري بين كل الأطياف وكان فن المعمار أكبر دليل وأثر على هذا التراكم والتبادلي المعرفي والحضاري دون التحيز لحقبة بعينها أو طائفة دينية ما؛ بل الكل منسجم في تكامل هارموني لا يشذ فيه طرف على الآخر. هذا المفهوم والرسالة التي حملها معرض فوتوغرافيا "القاهرة ملتقى الإيمان" للفنان شريف سنبل، حيث جاءت لوحات المعرض - على قلتها - خير معبر ومترجم لهذه الحقيقة ووضوحها فنجد صلبانًا وكنائس بأكملها تتخذ من شكل العمارة الإسلامية تستلهمه أو العكس ففي إحدى اللوحات تضم كنيسة ماري جرجس ومسجد ابن طولون، لا يكاد المتلقى يستطيع إخراج فروقات تذكر بين المبنيين من حيث تصميم هيكل المبني الخارجي أو التفاصيل المعمارية بالداخل كذلك الزخارف التي تأثرت بجينات الفنان المعماري الفرعوني القديم التي تركها المصريين القدماء في المعابد القديمة أو العمارة الحديثة التي شيدها أحفادهم على مر العصور حتى وصلت إلينا. استطاع "شريف سنبل" في معرضه إيصال الرسالة التي أرادها من حيث التنوع في لقطات للمباني الدينية سواء كانت كنائس أو مساجد لتخرج في النهاية وحدة عضوية كاملة ومتجانسة أبدعها الفنان المصري تجسد الروح المصرية في إيمانها العميق من خلال الإبداع في المساجد الإسلامية أو المعابد اليهودية والكنائس القبطية، فالقباب مشترك بين المباني المعمارية الدينية للأديان الثلاثة.. عدسة شريف سنبل لا تفرق بين الأديان، تلتقط فقط المشترك والموروث المصري بتعدده وتنوعه المتجانس.