افتتاح خط إنتاج مرشحات الغسيل الكلوي.. والوزير: نعمل لرفع مساهمة الصناعة ل20٪    جارتنر: انسحاب إيران من التعاون مع «الطاقة النووية» يثير شكوكًا خطيرة    كجوك: تطوير المشروعات المصرية الروسية عبر منصة الاستثمار الجديدة تحت مظلة «البريكس»    الهلال الأعلى والأهلي يتساوى مع فريقين.. كم حصدت الأندية العربية في كأس العالم 2025؟    النصر يفاوض نجم ريال مدريد ب«شيك مفتوح»    وزير الصحة يتابع تداعيات حادث الطريق الإقليمي بالمنوفية    اكتشاف مقابر جديدة من العصرين اليوناني والروماني في أسوان    «نائب وزير الصحة» يتفقد الحالة الصحية لمصابي حادث الدائري الإقليمي بالمنوفية    إجتماع تنسيقي بين «الرعاية الصحية» و«التأمين الصحي الشامل» في أسوان    التضامن تفتتح مركز سيطرة طوارئ بمقر الوزارة بالعاصمة الإدارية الجديدة    أوبك+ تقرر رفع الإنتاج بمقدار 548 ألف برميل يوميًا في أغسطس    برلماني: قانون المهن الطبية يحقق التوازن والعدالة ويسهم في تطوير المنظومة الصحية    «محتوى البرامج الدراسية» في ندوة تعريفية لطلاب علوم الحاسب بجامعة بنها الأهلية    جمعية الإغاثة الطبية تحذر: تفشي الأوبئة يلوح في الأفق بغزة المنهارة    النصر السعودي يتحرك لضم رودريجو بتوصية من رونالدو    بعد عام من الحكم.. ماذا حقق حزب العمال البريطاني اقتصاديا؟    صحيفة: واشنطن لم تعد قادرة على تسليح أوكرانيا وإسرائيل معا    قانونية مستقبل وطن: مصر تواصل الاستحقاقات الدستورية وسط التحديات التي تشهدها المنطقة    شريهان تعود للأجواء الفنية بزيارة خاصة لمسرحية "يمين في أول شمال"    "بقت إدمان".. رئيس تحرير مجلة الزمالك السابق يثير الجدل بشأن صفقة جديدة للأهلي    مانشستر سيتي يعلن انتقال كايل ووكر إلى بيرنلي    «المونوريل والبرج الأيقوني».. المشروعات القومية رموز جديدة ب انتخابات مجلس الشيوخ 2025 (فيديو)    استمرار تلقي تظلمات الإعدادية بكفر الشيخ حتى 13 يوليو الجاري    سحب 659 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكتروني    مصرع شخص وإصابة اثنين آخرين في حادث مروري بدمياط    القبض على المتهم بسرقة فيلا في الطالبية    لمرشحي مجلس الشيوخ 2025.. «الصحة» تطلق منظومة إلكترونية لخدمات «الكشف الطبي» (تفاصيل)    بفستان ملكي.. 8 صور ومعلومات عن إطلالة ياسمين صبري    «الصمت أحيانًا يعني أننا تعبنا».. حنان مطاوع توجه رسالة غامضة في أحدث ظهور لها    بمشاركة طلاب صينيين| بالصور.. تنظيم أول مدرسة صيفية بجامعة القاهرة    باحث: نحن أمام خطوتين من إعلان اتفاق وشيك لوقف إطلاق النار فى غزة    "بدأت بموقف محرج".. قصة تعارف أمير صلاح الدين وزوجته ليالي    تعرف على أكثر 5 أبراج تشتهر بالوفاء    فضل صيام عاشوراء.. هل يجوز صيامه منفردًا؟    أمين الفتوى: يوم عاشوراء نفحة ربانية.. وصيامه يكفر ذنوب عام كامل    أحمد نبوي: الأذى النفسي أشد من الجسدي ومواقع التواصل تتحول لساحة ظلم    4 مرشحين يتقدمون لانتخابات "الشيوخ" في الأقصر حتى الآن    تيجان على رءوس الغيطان |خبراء: مشاركة المرأة فى الاقتصاد تعزز الناتج المحلى    طبق عاشوراء يحسن صحتك.. فوائد لا تعرفها    الصحة: 10 كوادر يشاركون ببرامج تدريبية في الصين    وظائف خالية اليوم ... 153 فُرصة عمل بمحافظة المنوفية    محافظ بني سويف يستقبل وزير الإسكان والمرافق في بداية زيارته للمحافظة    استقرار أسعار السكر اليوم السبت بالسوق المحلي    يوم عاشوراء.. تعرف على أهميته الدينية ولماذا حثنا الرسول على صيامه    ترامب "غير راضٍ" عن موقف بوتين بشأن أوكرانيا: يريد الاستمرار في استهداف الناس    3 وديات.. في الجول يكشف تفاصيل معسكر الأهلي في تونس تحضيرا للموسم الجديد    أسماء مصابي حادث انقلاب ميكروباص بصحراوي المنيا    طقس الأحد شديد الحرارة وشبورة ورطوبة والعظمى بالقاهرة 36 درجة والإسكندرية 31    الجريدة الرسمية تنشر قرار جمهوري جديد للرئيس السيسي    نجوم كرة القدم في تشييع جنازة جوتا    الصحة: زراعة 12 صماما رئويا بالقسطرة التداخلية العلاجية مجانا بمعهد القلب خلال 6 أشهر    اختيار ناصيف زيتون لحفل افتتاح مهرجان جرش بالأردن.. وأصالة في ختام الفعاليات    رسائل مهمة من السيسي لرئيس مجلس النواب الليبي    الجار قبل الدار    اليوم.. نظر محاكمة 37 متهما بخلية التجمع الإرهابية    أسعار الفراخ اليوم السبت 5-7-2025 بعد الانخفاض وبورصة الدواجن الرئيسية الآن    أمام فريقه المستقبلي.. إستيفاو يهز شباك تشيلسي وينضم لقائمة أصغر المسجلين في مونديال الأندية    ربع نهائي كأس العالم للأندية| تشيلسي يتقدم على بالميراس في الشوط الأول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"المقاومة والحرية".. سرديات وتداعيات البطولة والإبادة في غزة
نشر في البوابة يوم 28 - 04 - 2024

يفكك الكاتب والباحث الكبير نبيل عبد الفتاح، سرديات ما صار علامة فارقة في تاريخ المنطقة، مع تداعيات لن ينساها تاريخ العالم الغربي، وهو الحرب الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة؛ وذلك عبر سردية حاولت تحليل بعض قضايا وأسئلة ومآلات الحرب، وأطرافها المتنازعة، وذلك في مجموعة من الدراسات والمقالات التحليلية. والتي اجتمعت لتنضم بين دقتي أحدث كتبه "المقاومة والحرية.. غزة وسردية البطولة والإبادة"، الصادر حديثًا عن دار "ميريت" للنشر.
ويؤكد الكاتب الكبير نبيل عبد الفتاح أن الحرب الإسرائيلية على فلسطيني القطاع "شكّلت ذروة الحد الفاصل بين خطاب الإبادة والمقاومة -تحت وطأة الاحتلال الاستيطاني، وأساطيره التوراتية التأويلية المُحلّقة والمتجذرة في بعض من العقل السياسي اليميني الديني المتطرف- وبين خطاب الكفاح الوطني من أجل الاستقلال والحرية"؛ كما جاء على الغلاف الخلفي
يقول عبد الفتاح في كتابه: "من قلب التراجيديا الإنسانية، انفجرت حروب اللغة والمصطلحات والخطابات المتصارعة، إسرائيليًا وأمريكيًا وأوروبيًا، التي انحسرت عنها وجوهها الأخلاقية والإنسانوية والقانونية الدولية في مواجهة خطاب الشرعية والقانون الدولي -والحرب- والإنساني، والقيم الإنسانية المُنتهكة من إسرائيل وقادتها وجيشها وداعميها الدوليين في مراكز الغرب الإمبريالي العولمي".
الدكتور نبيل عبد الفتاح
وفي مقطع آخر يضيف: "حرب الإبادة الإسرائيلية واحدة من أخطر الحروب ضراوة ووحشية، ومعها تجلت ثقافة المقاومة الساعية للحرية والتحرر والاستقلال الوطني، علامة على هذه المرحلة الانتقالية التاريخية جسارة في سردياتها المشهدية المرئية والمكتوبة، وستكون المقاومة طريقًا لإحداث تغيرات جيوسياسية وثقافية في المنطقة".
هكذا، يفسّر لنا مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، صراع السرديات والتأويلات، حول حرب وحشية تدور جرائمها بين الدفاع الشرعي المزعوم من قبل الاحتلال، والحق في المقاومة الوطنية لأصحاب الأرض؛ مؤكدًا أن الصراع لم يقتصر على اللغة "وإنما امتد إلى قلب الثورة الرقمية، وبعض مواقع التواصل الاجتماعي الكونية، وجماهيرها الرقمية والفعلية الغفيرة عبر المشهديات المرئية والصور والفيديوهات الطلقة، والمنشورات والتغريدات التي وثّقت -وذلك ولا تزال- الإبادة، على نحو أدى إلى تحفيز بعض اتجاهات إنسانية عن ثنايا الضمير الكوني".
ومع شرحه أبعاد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عربيًا وإقليميًا ودوليًا، غذّى عبد الفتاح قارئه بخلفية تاريخية للصراع ومستقبله، متحدثًا عن "الاحتلال والحرية المحاصرة والمقاومة"، ذاكرًا أسباب تمدد وتعاظم القوى العسكرية والعلمية والتكنولوجية والاقتصادية لدولة الاحتلال الإسرائيلي، والعناصر الداعمة لها.
كذلك، شرح عبد الفتاح أسباب الحرب الدائمة من حكومات الاحتلال المتعاقبة على قطاع غزة، والحملات على الضفة الغربية؛ لافتًا إلى أن التراجع العربي وتهميش المسألة الفلسطينية أنتجا سلوكًا إسرائيليًا "إباديًا وحشيًا"، قابلته "مقاومة فلسطينية تؤمن بالحياة في الموت"، حسب تعبيره.
من هذا المنطلق، تناول الكتاب الجديد ثقافة المقاومة، حيث الشجاعة والحياة في الموت، حيث تأمل المؤلف ردة الفعل الفلسطينية المقاومة للاستعلاء الإسرائيلي والغربي، وإصرار الفلسطينيين على مقاومة كل محاولات اقتلاعهم من الأرض، والاحتلال الكولونيالي الذي اختفى مع على وجه البسيطة إلا في هذه البقعة من العالم، راصدًا ما وصفه ب "العقل العربي الجريح"، وعودة الوعى بالقضية الفلسطينية في أجيال لم تر جانبًا من الصراع من قبل، وضرورة تجديد الوعي النقدي العربي؛ بينما وصل الوضع إلى جنون صارخ، لدرجة أن انتهكت الإبادة الوحشية الإسرائيلية الأطر الأخلاقية الغربية، وأثبتت مدى عجز القانون الدولي، و -بالطبع- انكشاف الوضع العربي.
وتحت عنوان "الغرب المراوغ: مرايا التناقضات"، وثّق المؤلف -بدقة الباحث- المعايير المزدوجة للغرب، وما أطلق عليه "غطرسة القوة"، الناتج عن أزمة النظام الدولي في فترة ما بعد الحرب الباردة إلى ما نحن فيه. أمّا بالنسبة ل "الحروب اللغوية والخطابية"، تناول "حرب الخطابات، والمقاومة والثورة الرقمية، وخطاب الحرب من القرن العشرين إلى السيوف الحديدية، الخطاب السياسي والإنساني، الخطاب المرئي والتوثيق القانوني والتاريخي؛ مقدمًا كذلك قراءة ناصعة لما يمكن أن يطلق عليه "ثنائية البراءة- النضج"، والتي تجسّدت أما العالم أجمع في مقاومة أطفال غزة.
ومشيرًا إلى أهمية أن تكون القضية حية ومتجددة، أكد أنه "في عصر الصور الفيديوهاتية الطلقة تخلقت من بين سرعاتها المكثفة حالة مختلفة من المشهدية المرئية/ الفيديوهاتية/ البصرية السياسية، والعسكرية والثقافية والفنية والموسيقية، والاجتماعية، الشخصية والجماعية، المؤثرة على حالات الفرجة، والتمثل والتلقي لها. في الوقت نفسه، لم تعد تعتمد على المهارة والثقافة البصرية التي كانت جزءا من تكوين المصور المحترف، الذي تراجع نسبيا دوره! ولا للشخص العادي ملتقط الفيديو والصورة من حاملي الهاتف المحمول أو آلة التصوير التي تراجع دورها كثيرا في حياتنا الكونية. باتت المشهدية التصويرية والفيديوهاتية تعتمد على الهاتف النقال، والحدث وموقع التقاط الصور والفيديوهات وبثها في لحظة وقوعها مباشرة – خاصة الوقائع الحاملة لحادثة ما أو جريمة من الجرائم أو شغب أو كارثة طبيعية أو إنسانية أو موقف إنساني ما.. إلخ – هنا التركيز الخاطف على الحدث ذاته وأطرافه مصادفة أو مشاركة في ثناياه أو هوامشه، أو اللحظة الاستثنائية التي تجعل من الحادث أيا كان مثيرا لمن يلتقطه بهاتفه المحمول والكاميرا".
وأشار كذلك إلى أن "الفيديو الطلقة يخضع في بثه الفوري والمباشر أو ما بعد التقاطه -في بعض أو عديد الأحيان- لعملية انتقاء وحذف وتوزيع على مواقع التواصل الاجتماعي مصحوبا بمنشور أو تعليق ما من صانع الفيديو، أو ممن يعيدون توزيعه وبثه على صفحاتهم على الفيسبوك أو غيره من المواقع. بعضهم يعيد تشكيل الفيديو الطلقة لإبراز وجهات نظرهم حول مضمونه ودلالته البصرية، سواء بالموافقة عليه، أو المزايدة السياسية أو الأخلاقية أو الدينية، أو تحويله لنقيض من خلال الحذف والإضافة".
وشدد عبد الفتاح على أن ثمة سياسةً للتلاعب بالصور والفيديوهات من قبل الأفراد، وأجهزة الدولة الأمنية والاستخباراتية والعسكرية –ومثالها إسرائيل في حربها الوحشية على قطاع غزة- وتوظفها لتحقيق أهداف سياسية، وأيضا استخدام المجموعات المنظمة– ما يطلق عليهم الكتائب الإليكترونية – التي تبث الخطابات المرئية والصور والمنشورات والتغريدات في حروب المنشورات والفيديوهات بين الأطراف المتصارعة تبريرا وتكذيبا وهجوما ودفاعا للجهة والطرف الذين يعملون معه.
وأضاف: "تمتد هذه الظاهرة السياسية وتتكثف استخداماتها في أثناء الأزمات والحروب والنزاعات المسلحة والحروب الأهلية، وهو ما يلاحظ في أثناء الحرب الإسرائيلية على المدنيين العزل والأطفال والنساء في قطاع غزة، وضد حركة المقاومة الفلسطينية".
ويشير المؤلف إلى لعب الخطاب المرئي– الفيديوهاتى الطلقة، والصور الفوتوغرافية- دوراً بالغ الأهمية، في تعرية السلوك السياسي والعسكري الإسرائيلي في الحرب على قطاع غزة، ووثق انتهاكات إسرائيل لقانون الحرب، والقانون الدولي الإنساني، والتهجير القسري للسكان من شمال القطاع-مليون ونصف- إلى جنوبه، وأيضا في توثيق هدم المنازل، والأبنية العامة، والإبادة الجماعية والتطهير العرقي، والارتفاع المتزايد كل ساعة ودقيقة لأرقام الموتى، والجرحى، وأيضاً الحصار والعقاب الجماعي للمدنيين في القطاع وضرب واقتحام المستشفيات ونقص الدواء والماء والغذاء.
وكتب في مقاله " الخطاب المرئي في الحرب على غزة: المشهدية السياسية والإنسانية، والتوثيق القانوني والتاريخي" أن توثيق هذه الجرائم من خلال الهاتف المحمول، والكاميرات، وبثها على وسائل ومنصات التواصل الاجتماعي، لهذه المجازر البشعة، وذلك لتحريك بعض من اتجاهات الرأي العام – الحقوقي والسياسي والإنساني - في الولايات المتحدة، والدول الأوروبية، ودول العالم ممن لا يزالون بعضهم يؤمن بهذه القيم الإنسانية والأخلاقية على نحو ما تجسد في المظاهرات الضخمة في هذه البلدان.
بعض الخطاب المرئي يشتمل على الصورة، مع بعض التعليقات عليها بالإنجليزية، أو العربية، أو الفرنسية، أو الإسبانية أو الألمانية أو الإيطالية، بعضها يوثق وقائع الدمار للمباني، وأخرى لمقتل الأطفال، والنساء وكبار السن، أو الرجال العزل من المدنيين، وبعضها لفيديوهات لعمليات نقل بعض الموتى والجرحى من تحت الأنقاض".
في النهاية، حاول المؤلف أن يقدم تصورًا للمستقبل، في ظل سياق يختلط فيه الأمل وبشائر التغير بالغموض واللايقين والقلق، حول مشروع الدولة الفلسطينية من جهة، والخطة الإسرائيلية للاحتلال العسكري للقطاع أو إدارته بالوكالة في عالم ما بعد الحرب من جهة أخرى. مختتمًا كتابه بمزيج بين التساؤلات والتوقعات، جاء عنوانه "غزة.. ثنائية الحرية والاستقلال".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.