«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخ مصطفى عبدالرازق.. فيلسوف الأزهر..عمل أستاذًا للفلسفة بجامعة فؤاد الأول.. وكان أول أزهرى يتولى وزارة الأوقاف
نشر في البوابة يوم 16 - 03 - 2023

شيخ الجامع الأزهر الشريف، ومجدِّد الفلسفة الإسلامية فى العصر الحديث، وصاحب أول تأريخ لها بالعربية، ومؤسس المدرسة الفلسفية العربية التى أقامها على أسس إسلامية خالصة، هو مصطفى حسن أحمد محمد عبد الرازق المولود فى عام 1304 ه- 1885م فى قرية أبو جرج بمحافظة المنيا.. وهو الإبن الرابع لحسن باشا عبد الرازق، وكان الشيخ السادس والثلاثين للجامع الأزهر على المذهب الشافعى وعلى مذهب أهل السنة، وتوفي 24 ربيع الأول 1366ه- 15 فبراير 1947م.
يرى أن الفن إحساس نابض فى الوجود من قيم جمالية يزرع السمو فى نفوس البشر ويفيد الإنسان فى البحث عن قيم الحياة.
نشأته وتعليمه
قضى طفولته فى قريته، وتعلم بها مبادئ القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم وعمره ما بين العاشرة والحادية عشرة، ثم انتقل وهو فى سن العاشرة إلى القاهرة، والتحق بالأزهر ليُحَصِّل العلوم الشرعية واللغوية، فدرس الفقه الشافعي، والبلاغة، المنطق، الأدب، التفسير، الحديث، التوحيد، التصوف، الفقه، وأصول الفقه، علم الكلام، والنحو، الصرف، العروض، التاريخ والسيرة النبوية، على يد كبار مشايخ عصره ودرس على يد كبار علمائه.
وواصل دراسته فى الأزهر الشريف بتشجيع من والده الذى كان يتدارس معه العلوم أثناء الإجازات الدراسية، كتب الآداب ودواوين من الشعر، ونمت موهبته وثقافاته فقرر إنشاء صحيفة عائلية مع إخوته وأقاربه، ثم أنشأ جمعية "غرس الفضائل" مع شباب أسرته أيضا، وكانوا يتناوبون فيها الخطابة فى مساء الجمعة من كل أسبوع، وكان هو أمين سر الجمعية، واستمرت هذه الجمعية من عام 1900 إلى عام 1905م، ومع ظهور الصحف العامة بدأ فى نشر مقالاته الأدبية والقصائد بها، ثم انصرف عن الشعر إلى الدراسات الأدبية، وبدأ فى التردد على دروس «الإمام محمد عبده» فى عام 1903م فى الرواق العباسى الذى يعد من شيوخه الأوائل، فأصبح من خواص تلاميذه، وتأثر به وبمنهجه وأفكاره الإصلاحية.
وكان الشيخ الإمام محمد عبده يباشر وقتها الدعوة الاجتماعية، ويقود الحركة الإصلاحية، فلقى استجابة عامة من المثقفين والأزهريين ونقدًا من بعض علماء الأزهر، ثم تخصص مصطفى عبد الرازق خلال دراسته بالأزهر فى الفلسفة، ثم حصل على شهادة العالمية عام 1326ه 1908م، ولم ينل هذه الدرجة إلا واحد أو إثنان من المتقدمين للامتحان معه، وكان عددهم كبيرًا، وأصبح عضوًا بالجمعية الأزهرية التى أنشأها محمد عبده، وأصبح رئيسًا لها. وبعد شهرين من نجاحه انتدب للتدريس بمدرسة القضاء الشرعي، فى ذاك الوقت كان الأزهر يموج بالثورة مطالبًا بإصلاح مناهجه، وتكونت (جمعية تضامن العلماء) وكان فى مقدمة أعضائها، ثم عين موظفا فى المجلس الأعلى للأزهر ومفتشًا بالمحاكم الشرعية وسافر إلى فرنسا فى عام 1909م لدراسة اللغة الفرنسية والفلسفة فى جامعة السربون، وحضر دروس (دور كايم) فى علم الاجتماع، كما درس الأدب وتاريخ الفلسفة والأدب الفرنسي، ثم انتدب ليتولى تدريس اللغة العربية فى كلية (ليون) ودرس بها أصول الشريعة الإسلامية على يد أستاذه «إدوارد لامبير» ثم أعدَّ رسالة الدكتوراه عن الشافعى تحت عنوان "الإمام الشافعى أكبر مشرعى الإسلام"، وتعاون مع برنارد ميشيل فى ترجمة كتاب العقيدة الإسلامية إلى اللغة الفرنسية و"رسالة التوحيد" لمحمد عبده.
وعندما قامت الحرب العالمية الأولى عام 1914م عاد مع كثير من زملائه إلى مصر، وفى سنة 1915 عُيِّنَ سكرتيرًا بجامعة الأزهر، بأمرٍ من السلطان حسين كامل وترجم خلال تلك الفترة كتاب (طيف خيل ملكي) للأميرة قدرية بنت السلطان حسين كامل إلى العربية، وأثناء عمله بالمجلس الأعلى للأزهر أصبح بيته منتدى يؤمه رجال الفكر والثقافة وعلماء الدين، يتباحثون فى شتى العلوم ثم عين سكرتيرًا عامًا للمجلس الأعلى للأزهر، ثم رئيسا للمجلس، ثم قدم استقالته منه بعد إبعاده من الأزهر خوفا من أفكاره السياسية والاجتماعية، بسبب مواقفه السياسية المناصرة للحركة الوطنية التى كان يقودها آنذاك سعد زغلول فعين مفتشا بالمحاكم الشرعية كإجراء تأديبي، لكنه استثمر هذه الفترة فى الكتابة والبحث والترجمة، والمعرفة، فكان يعقد الندوات فى بيته ويتوافد عليه أهل العلم والثقافة والفقه والفلسفة من كل مكان.
فى سنة 1916م انتخب عضوًا فى (الجمعية الخيرية الإسلامية)، ثم وكيلًا لها سنة 1920م، ثم رئيسًا لها سنة 1946م حتى وفاته، وانضم إلى حزب (الأحرار الدستوريين) خلال تلك الفترة وفى عام 1346ه- 1927م عين أستاذًا مساعدًا للفلسفة الإسلامية بكلية الآداب بجامعة فؤاد الأول (القاهرة حاليًا)، واختير أستاذًا للفلسفة بجامعة القاهرة سنة 1935م، ونال رتبة الباكوية سنة 1937م، ثم أصبح أستاذ كرسى فى الفلسفة، وتولى الشيخ مصطفى عبد الرازق وزارة الأوقاف ثمانى مرات، وكان أول أزهرى يتولاها، وظل متمسكا بارتدائه الزى الأزهرى حتى وفاته وكانت الأولى فى عام 1938م حتى 1942م، وأثناء عمله وزيرًا عُيِّنَ عضوًا بالمجمع اللغوى سنة 1940م، وظل وزيرًا للأوقاف حتى تم تعيينه شيخا للأزهر عام 1945م وفى سنة 1941م نال رتبة الباشوية، وتنازل عنها عندما تولى مشيخة الأزهر، وتم اختياره أميرًا للحج فى أكتوبر سنة 1946م، ولبث فى رحلته 40 يوما ثم عاد ليتفرغ لاستئناف وجوه الإصلاح فى الأزهر وفى 15 فبراير سنة 1947م حضر إلى مكتبه بالأزهر فرأس جلسة المجلس الأعلى للأزهر ثم عاد إلى بيته فتناول طعامه، ونام قليلا ثم استيقظ فتوضَّأ وصلى، ثم شعر بإعياءٍ شديدٍ، فتم استدعاء الطبيب ولكنه توفى في: 24 ربيع الأول 1366ه- 15 فبراير 1947م.
فترة ولايته
تولى الشيخ مصطفى عبد الرازق مشيخة الأزهر لمدة تقارب عام وشهرين من محرم 1365ه ديسمبر 1945 حتى وفاته في24 ربيع الأول 1366ه- 15 فبراير 1947م، وقاوم كبار العلماء بالأزهر تعيينه لأنه كان من المعهود دائمًا أن يكون شيخ الأزهر من جماعة كبار العلماء، ولا يُعيَّنُ بهيئة كبار العلماء إلا من تولى وظائف معينة فى القضاء الشرعى، أو درَّسَ بالأزهر مدة معينة، ولم يكن الشيخ كذلك، فلم يعترف كبار العلماء بتدريسه بالجامعة المصرية، فقامت الحكومة بإصدار قانونٍ جديدٍ ينص على أن يكون التدريس بالجامعة المصرية مساويًا للتدريس فى الكليات الأزهرية، فى الترشيح لمشيخة الأزهر، فوافق معظم علماء الأزهر إلا القليل منهم، وعمل على إدخال بعض الإصلاحات إليه، فأدخل اللغات الأجنبية، وأرسل البعثات إلى الخارج.
الدين والفلسفة
يقول فى كتابه تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية: لم يكن للعرب قبل الإسلام مَباحثُ فلسفية تُذكَر، اللهم إلَّا بعض أشكال النظر العقلى البسيطة التى هدفَت إلى الاستدلال على خالق الكون. ومع ظهور رسالة الإسلام وانطلاق العرب لفتح البلاد، تعرَّفوا على علوم الفلسفة اليونانية والفارسية والهندية، ولكنهم شُغِفوا بأعمال اليونانى «أرسطو»، فاعتنَوْا بترجمتها ودراسة شروحها، فتأثَّروا بها أيَّما تأثُّر؛ الأمر الذى جعل بعض المستشرقين يُقرِّرون أنْ ليس هناك فلسفةٌ إسلامية أو عربية خالصة، بل هى تَرجماتٌ عربية لمؤلَّفاتِ «أرسطو»، وقد عَدَّ مؤلِّفُ الكتاب هذا الرأى مُتعسِّفًا؛ حيث رأى أن الفلسفة الإسلامية مرَّت بأطوارٍ طبيعية من التكوين والتأثُّر حتى قدَّمت موضوعاتها الخاصة، فظهر مثلًا «علم الكلام» الذى وُضِع للدفاع عن الدين ضد المتشكِّكين مُستخدِمًا أدواتٍ ووسائلَ منطقية وجدلية. كما ظهرت مدارسُ فلسفية، مثل «المعتزلة» و«المتصوِّفة»، أَثْرَت أعمالُها الفكرَ الإنساني.
وقد اعتبر أن الفلسفة الإسلامية ليست تلك التى نجدها عند ابن سينا والفارابي، ولكنها تكمن فى منجز العرب المسلمين فى علم الكلام ومصادر فلسفة التشريع الإسلامي، وأن الدين والفلسفة يبتغيان سعادة البشر، غير أن الدين يقوم على التصديق والإيمان ومصدره القلب، بينما الفلسفة تقوم على النظر والفكر ومصدرها العقل؛ لذلك فهما متفقان فى الغاية مختلفان فى الوسيلة، ولا يجوز أن نخلط بينهما ولا أن نفسر الدين بالفلسفة، وإنما يبغى أن ننظر إلى كليهما باستقلالية عن الآخر.
وهدف كتابه "فيلسوف العرب والمعلم الثاني" إلى التعريف بأعلام الفلاسفة العرب وتصحيح الفهم الخاطئ الذى لدى الناس عن الفلسفة وموضوعاتها حيث اعتبروها مرادفًا للكلام الغامض والأقاويل المبهمة على الرغم من كونها دعامة قوية للتفكير ومقومًا هامًا من مقومات الثقافة. يبدأ الكتاب بالتعريف بفيلسوف العرب والمسلمين: «الكندي» وهو أول من ترجم ونقل العلوم الفلسفية من اليونانية إلى العربية، كما كان له إنتاجه الفكرى والفلسفى الخاص الذى استقاه من اطلاعاته المُوسعة فى شتى علوم عصره. كذلك نتعرف سريعًا على الفيلسوف الكبير «الفارابي»، والشاعر الحكيم «المتنبي» الذى نطقت أبياته بأفكاره الفلسفية، وبطليموس العرب الفيزيائى الكبير «ابن الهيثم». كذلك يتحدث الكتاب عن شيخ الإسلام (ابن تيمية) الذى رد على أقوال الفلاسفة والمشتغلين بالمنطق والقائلين بوحدة الوجود وذلك بعد أن نظر فى كتبهم واطلع على أعمالهم.
ويناقش فى كتاب "الدين والوحى والإسلام" موضوعات فى حقيقة الدين تشمل تحديد أصوله فى نظر باحثى العلوم الإنسانية من جهة، وفى نظر أهل الإسلام من جهة أخرى، وكذلك العلاقة بين الدين والعلم، وارتباط الدين بظاهرة الوحي، وتفسيرات تلك الظاهرة بين إسلامية وفلسفية. ثمَّ إن المؤلف يمثِّل للديانات المنزَّلة عن طريق الوحى بمثال عالٍ هو الدين الإسلامي، والذى يعرضه كديانة سماويَّة، ويأتى على شرح المعنيين اللغوى والشرعى لكلمة «إسلام». و«مصطفى عبد الرازق» فى تناوله السَّلس لجميع تلك المباحث، يبسُط رؤيته النقديَّة المتجرِّدة، وما يعُدُّه الرأى الأكثر ترجيحًا من غيره، مستشهدًا بآيات من القرآن الكريم، وعارضًا لأقوال المفسِّرين واللغويين والمتكلمين.
الفن واحترامه
كان مصطفى عبد الرازق يحب الفن ويحترمه، ويقول عنه: "إنه يفيد الإنسان فى البحث عن قيم الحياة؛ لأنه إحساس نابض فى الوجود من قيم جمالية يعمل الفنان على إبرازها، وإن الذين يتوهمون أن الدين يعارض الفن يدلون على أنهم يسيئون فهم طبيعة الدين وطبيعة الفن، وإن المسلمين الأوائل أدركوا علة تحريم بعض الفنون كالأمر مثلا بعد الرسم أو النحت خشية أن يرتد الناس إلى عبادة الأصنام، فلما زالت العلة وزال الخوف من عبادة الأصنام زال التحريم"، وكان يرى أن الفن يزرع السمو فى نفوس البشر.
ويَعرضُ مصطفى عبد الرازق فى دراسته عن «البهاء زهير»، وهو أحد أئمة النهضة الشعرية، فى العصرين الفاطمى والأيُّوبي؛ وهو صاحب الحِسِّ المُرهَف، والأسلوب المصرى الخالص فى كتابة الشعر وانتقاء الموضوعات. ويُطوِّف بنا مصطفى عبد الرازق بين نماذج شعرية فريدة فى موضوعاتها وأسلوبها، تشعر فى ألفاظها باللهجة المصرية من غير إخلال بقواعد اللغة العربية. كما يعرض لأهم عوامل النهوض فى شعر زهير؛ وهي: الأسلوب الفريد، والأوزان الخفيفة، والموضوعات المتعددة التى أبحرت فى كل نواحى الحياة المصرية. وقد وثَّقَت الدراسة اتصال البهاء زهير بكلٍّ من الأمير «مجد الدين اللَّمَطي» أثناء توليه إمارة قوص، والملك «الصالح نجم الدين أيوب» بعد انتقاله للقاهرة. ومثل هذه الدراسات التى تتناول سِيَر أعلام الشعر العربى تُخرج لنا ما يحويه تاريخنا الأدبى من كنوز لها مذاقها الفنى الخاص.
العنصرية
عاش حياته رافضا للتعصب من كل شكل ولون، داعيا إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة، والأمل يحدو الجميع.. وكان يستهجن الدعاوى الأوروبية التى تدعى أن الجنس الأوروبى أرقى من بقية الأجناس، ورد على تلك الفكرة مرارا متحصنا بالأبحاث العلمية الحديثة؛ ذلك لأنه إن كانت الغلبة الآن للأوروبيين فقد كانت قديما للعرب ومن قبله للمصريين والعراقيين والفارسيين بما يعنى أن التفوق أمر نسبى زمنى لا علاقة له بالجنس وسموه.
وانتصر الإمام للبسطاء والفلاحين والضعفاء، مؤكدا على أن الفلاح المصرى أكثر الناس عناء فى السعى إلى تحصيل العيش وأقلهم متاعًا وأضيقهم.
الدين والشريعة
أكد الشيخ على أن الإسلام جمع بين الدين والشريعة، قائلا: "أما الدين فقد استوفاه الله كله فى كتابه الكريم ولم يكل الناس إلى عقولهم فى شيء منه، وأما الشريعة فقد استوفى أصولها وترك للاجتهاد تفاصيلها".
الاجتهاد
رأى الشيخ أن مسألة الاجتهاد ضرورة وواجب وعلى كل الأئمة فى كل العصور عدم غلق باب الاجتهاد لتدعيم الإسلام للحرية الفكرية، ويقول فى ذلك: "قد تنبهت العقول وزالت غشاوة الغفلة عن بصائر الناس، ففهموا أن الدين ليس غلا للقلوب ولا قيدا على الأفكار، لكنه كما كان الإمام محمد عبده يقول قد كفل للإنسان أمرين عظيمين وهما استقلال الإرادة واستقلال الرأى والفكر، وبهما تكتمل إنسانية الإنسان ويستعد أن يبلغ السعادة، وأنه لا خطر على العقل الواعى من الشتت والزيغ؛ وذلك لأن البشر صنفان مخلص ومغرض، من أخلص لله فسيخلص له فى كل الأحوال حتى لو أعمل عقله، ومن دخل الهوى قلبه فسيميل نحو أغراضه فى كل شيء حتى لو ادعى أنه لا يعمل إلا بالنقل.
وقال كلمته الشهيرة فى هذا الأمر: «إن الذين يفكون العقول من أغلالها إنما يمهدون لها السبيل إلى الحق والدين من أسمى حقائق الوجود".
حرية المرأة
أكد الأمام على مطالب المرأة بالحرية والعمل قائلا "إنه يتوجب علينا أن نأخذ بالتدرج فى هذا الشأن؛ لأن المرأة حديثة عهد بالتعليم والخروج إلى الحياة العامة كما يرجو أن تعمل المرأة فى الأمور الخيرية التى يتغافل عنها الرجل لتتكامل وظيفة المرأة مع الرجل وتتحقق الفائدة للمجتمع".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.