في حين لا يُمكن القولُ إنَّ كلَّ امرأة تستخدم حدسَها في التعامل مع شئون الحياة، أو إنَّ كلَّ رجل ماهرٌ في التعامل مع الأدوات، لكنَّ صورًا حاسوبية للدِّماغ عندَ شباب وفتيات أشارت إلى وُجود اختلافات فعليَّة بشكل عام في تخُلُّق الدِّماغ بين الجنسين. جاء هذا البحثُ لينظُرَ في مسألة الاختلافات العامَّة فقط بين الرجال والنساء، من دون أن يقولَ إنَّه يُوجد ربطٌ بين نتائج تصوير الدِّماغ والطُرق الفعليَّة التي يتصرَّف وِفقها المُشاركون في الحياة الواقعيَّة. قال بأول زاك، المُديرُ المُؤسِّس لمركز الدراسات الاقتصاديَّة والعصبيَّة لدى جامعة كلاريمونت غراديوايت في كاليفورنيا: "تُؤكِّد نتائجُ البحث على حدسنا في أنَّ الرجالَ لديهم استعدادٌ أكثر للأفعال التي تَتَطلَّب سرعَة، بينما يكون لدى النساء استعدادٌ أكبر للتفكير المتركِّز حول كيفيّة الشعور بالأشياء". "ويُساعدنا هذا حقيقةً على فهم لماذا يختلف الرجالُ عن النساء". استخدمت مُساعدةُ مُعدِّ الدراسة، الباحثة راغيني فيرما، وهي أستاذةٌ مُساعدة في علم الأشعَّة لدى جامعة بنسلفانيا، وزملاؤها، صورًا للدِّماغ من أجل فحص أدمغة 428 ذكرًا و521 أنثى، في أعمار تراوحت بين 8 إلى 22 عامًا. قالت فيرما: "كان الهدفُ من البحث هو الوصول إلى فهم أفضل لوصلات الدِّماغ؛ وتحديد ما إذا كانت أنواع مُعيَّنة من وصلات الدِّماغ تمتلك شكلًا جيدًا، أو تبدو مثلَ طريقٍ أصابها الضرر في بعض الأجزاء، وتحتاج إلى ما يُشبه عمليةَ ترميم لها". وجد البحثُ أنَّ أدمغةَ الرِّجال بدت في المُجمَل مُجهَّزةً بشكلٍ أفضل لاستيعاب مَدارِك الناس، وكيف تكون ردَّاتُ أفعالهم تجاهها؛ بينما بدت النساء، في المُجمَل أيضًا، أفضلَ قُدرةً على الربط بين أجزاء الدِّماغ التي تتعامل مع مسألة التحليل والحَدس. قالت فيرما: "يبدأ الأمرُ منذ مرحلة الطفولة، ثمَّ يأخذ في إظهار نفسه عندَ الوصول إلى مرحلة المُراهقة". قال زاك: "كي نفهمَ النتائجَ بطريقة أخرى، تنحاز أدمغةُ الرِّجال نحو الإدراك السَّريع لحالةٍ ما وكيفيَّة الاستجابة لها، خصوصًا في كيفيَّة التصرُّف والتحرُّك استجابةً للمعلومات؛ بينما تنحاز أدمغةُ النساء نحو الدمج والتكامل بين المعلومات والمشاعر". "تُشير نتائجُ البحث إلى أنَّ الهرمونات، التي تبدأ نشاطَها في أثناء مرحلة المُراهقة، تدفع بالذكور والإناث نحوَ التصرُّف باتجاهاتٍ مُختلفة". ولكن، "ما الذي يعنيه كلُّ هذا ضمن سياق الحياة اليوميَّة التي يعيشها الإنسان؟". "تُخبرنا النتائجُ بأنَّه، في مُعظم الأحيان، عندما يوجد الرجالُ والنساء داخل السيَّارات معًا، فالرجلُ هو من يقُود، حيث ينحاز دماغُه إلى يكونَ أفضلَ في تحريك السيَّارة على الطرقات والوصول إلى المكان الصحيح". "كما أنَّ النساءَ هنَّ أفضل من الرِّجال في الحفاظ على الصداقات والعلاقات الأخرى ومعرفة قيمتها؛ بينما يستطيع الرجلُ امتلاكَ العديد من الأصدقاء، لكنَّ المرأة تبقى أفضل منه في ذلك إجمالًا". قالت فيرما: "ستكون الخطوةُ القادمة في البحث اكتشافَ ما إذا كان سلوكُ الناس يختلف بناءً على اختلاف الوصلات في أدمغتهم".