أربعون يومًا مضت على استشهاده، وما زالت العيون تبكيه وقلوب ذويه تحترق على فراقه، وألسنة الجميع تلهث بالدعاء لهم بالصبر والسلوان على مصابهم الأليم في فلذة أكبادهم وقرة أعينهم، الشهيد طيار مقاتل أحمد أبو العطا، أحد أبناء بورسعيد البواسل، شاب في السادسة والعشرين من عمره، بار بوالديه وأب لطفل يبلغ من العمر 6 أشهر، ترملت أنثاه ويتم ابنه الرضيع، بيد الغدر والخيانة. ولد الشهيد أحمد أبو العطا ببورسعيد في 14/8/1988، وهو الثاني في ترتيب أشقائه تكبره مروة متزوجة ويليه عبد الرحمن طالب في كلية الهندسة، ويعمل والده في جمارك بورسعيد وتعمل والدته بديوان عام مجلس مدينة بورفؤاد. أحب الشهيد مجال الطيران منذ نعومة أظافره، لذا تفوق في دراسته بإحدى الكليات العسكرية ألا وهي كلية القوات الجوية، وافتخر بكونه ينتمي إلى هذا الكيان العسكري، ويوم تخرجه أوصى جميع أقاربه بمشاهدة حفل تخرجه منذ الصباح الباكر. تزوج الشهيد الطيار منذ عام ونصف العام، في الرابعة والعشرين من عمره، وأنجب طفلا سماه "آسر" عمره 6 أشهر، وزوجته تصغره في العمر، وكان كثير السفر والرحلات إلى الأماكن السياحية وكأنه يعوضها عن غيابه وبعده عنها. كما كان واصلا لرحمه ومحبوب من الجميع، ويحرص في الأعياد والمناسبات على التواجد مع الأهل والأصدقاء، لاسيما عند ذبح الأضحية، وفي آخر إجازة قبل وفاته ذهب لكل أعمامه وكأنه يودعهم ويوصيهم بتذكره دائمًا، وكان دائم التصدق والسعي في أعمال الخير، وعلم أهله مؤخرًا أنه كان يتبرع بالكثير من أمواله في الفترة الأخيرة قبل وفاته للجمعيات الخيرية وأوصى والدته قبيل الحادث بأن تقوم بما كان يفعل. وكان رحمه الله محافظًا على أداء الصلوات في أوقاتها بالمسجد، لا سيما صلاة التراويح في شهر رمضان المعظم، ودائم القول "الجنة ليس بها تعب، فاللهم حرم جسدي على النار"، ويوم استشهاده وزملائه اصطفوا لصلاة الفجر في جماعة، وصلاة الضحى تحت أحد أجنحة الطائرة، وحدثت العملية الإرهابية بيد الغدر والخيانة، التي كانت سبب في إهدار الدماء الطاهرة. وقد شيع الآلاف من أبناء بورسعيد جنازة الشهيد ملازم أول طيار أحمد محمد أبو العطا في مراسم عسكرية وشعبية من مسجد لطفي شبارة بحي الشرق عقب صلاة الظهر إلى مقابر الأسرة في حي الزهور، وصمم الأهالي على أن تمضي الجنازة سيرًا على الأقدام، وتقدم الجنازة والد الشهيد وشقيقه وأقاربه واللواء سماح قنديل محافظ بورسعيد واللواء عادل الغضبان قائد قوات تأمين المجرى الملاحي ومندوب عن قائد الجيش الثاني الميداني ومندوب عن قائد القوات الجوية واللواء محمد الشرقاوي مدير أمن بورسعيد. واصطف حرس الشرف في طابور عسكري أمام الجنازة وحمل الجنود ثلاث باقات زهور تحمل أسماء الرئيس عدلي منصور والفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع والفريق صدقى صبحي رئيس الأركان وردد الأهالي هتافات: "لا إله ألا الله الشهيد حبيب الله.." لا إله إلا الله الإخوان أعداء الله".. "الشعب يريد إعدام الإخوان". أما الأم المكلومة فقد بكت ابنها الشهيد بدموع قلبها الحزين، وقالت بصبر وإيمان "شايفة مصر نحوها كتير عايزينها تتهد، وعشان مصر تبقى أحسن لازم كل المصريين يتجمعوا ويتحدوا حول الجيش، ويحبوا مصر بجد لأنها محروسة ومذكورة في الكتب السماوية، لكن ينقصها الإخلاص في حبها"، وأخذت تردد الأم الثكلي: "أحمد راح هييجي غيره 1000 بلدنا ولاّدة، وزمايله مايخافوش، ووعدوها زملائه بأنهم سيأخذوا بثأره من كل خائن لأرض مصر". أما والده محمد أبو العطا فقد احتسب ابنه عند الله عز وجل، وتوجه بالشكر للمشير عبدالفتاح السيسي، وقال: "إحنا معاك إذا كنت وزير دفاع أو رئيس جمهورية ونرجو منك لمسة وفاء لل 5 ضحايا الطائرة بنجمة سيناء "، وتوجه بالشكر لجميع القيادات والأهالي بمحافظة بورسعيد. وأضاف: "بصراحة لم يتركنا أحد كل الناس كانت جانبنا وأشكر جميع الإعلاميين من بداية نزولنا إلى مطار ألماظة وتسلم جثمان الشهيد إلى الآن، وبنقدم العزاء لكل أهالي شهداء مصر وقدم الشكر بشكل خاص لجمارك بورسعيد وعلى رأسهم وكيل أول الوزارة أحمد الصياد رئيس المنطقة الشرقية للجمارك ووكيل أول الوزارة سعيد ناصر رئيس جمارك بورسعيد. وقد أقيم حفل تأبين للشهيد في ذكرى الأربعين، بميدان الشهيد طيار أحمد أبو العطا (ميدان كومبوا سابقًا) بنهاية شارع الجمهورية بمسقط رأسة في مدينة بور فؤاد، وحضر حفل التأبين مندوب عن المشير عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، وبعض قيادات القوات المسلحة، ورئيس مجلس إدارة شركة بورسعيد لتداول الحاويات ورئيس شرطة أمن المواني ورئيس مباحث الميناء ومدير المنطقة الشرقية لميناء بورسعيد ومديري العموم والمهندس كامل أبو زهرة رئيس مدينة بورفؤاد، وعضو مجلس الشعب السابق البدري فرغلي، ومجموعة كبيرة من العاملين بهيئة قناة السوبس وهئية الميناء، والداعية الشيخ محمود الجندي، والشيخ محمد الحديدي، المقرءون بالإذاعة والتليفزيون.