لو كنت في مكان الدكتور أحمد الأنصاري محافظ الفيوم أو في مكان الدكتور أحمد جابر شديد رئيس جامعة الفيوم لأصدرت قرارا بإنشاء وحدة علمية لدراسات تاريخ الفيوم وأوكلت رئاستها للباحث الدكتور أيمن عبد العظيم رحيم شيخ العرب وعاشق تراب الفيوم والذي يتحف الفيومية كل عام بكتاب فريد عن أحد الجوانب التاريخية في الفيوم هذا الباحث المجتهد الذي يقتطع من وقته وجهده وقوت عياله ما يجعله يواصل مسيرته العلمية في تاريخ الفيوم لا طمعا في ترقى علمي فهو ليس من العاملين بالجامعة وإنما يعمل معلما في التربية والتعليم وهو الحاصل على الدكتوراة في مسرح فؤاد دوارة والماجستير عن الرواية لكنه أثر أن يعطي الفيوم كل جهده البحثي. عندما بدأ رحلته العلمية وجد على بعد كيلومترات من قريته "المشرك قبلي" بمركز يوسف الصديق كان يعيش رائد الفكر الاشتراكي مصطفى حسنين المنصوري في منفاه الاختياري من 1925 وحتى وفاته 1973 بعد أن نكلت به حكومة الوفد وفصلته من وظيفته كمدير لمديرية تعليم الفيوم بعد أن أصدر كتبه تاريخ المذاهب الاشتراكية عام 1915 والذي اعتبره الباحثون في تاريخ الاشتراكية في مصر أهم من كتاب سلامة موسي وظل هذا المفكر مجهولا حتى اكتشفه الباحث الشاب على الدين هلال إبان بحثه للماجستير ويجد الباحث المجتهد الدكتور أيمن عبد العظيم أن تراث المنصوري لم يطبع منه سوى الطبعة الأولى في بداية القرن الماضي فيعكف على تراث الرجل ويبدأ بطباعة كتابه "الرحلة الملكية" في جزأين وهو كتاب يقدم لنا صورة بانورامية عن الفيوم في مطلع القرن العشرين. ويجد الباحث - من خلال الوثائق بدار الكتب وعشرات الدراسات - أن بدو الفيوم قاموا بثورة حامية الوطيس عام 1919 وراء ابن بادية الفيوم حمد باشا الباسل الذي نفاه الإنجليز مع سعد زغلول وأعلنوا استقلال الفيوم عن حكم الإنجليز بعد أن انتصر البدو واستولوا على مركز شرطة أطسا وأسلحته واتجهوا للاستيلاء على مديرية الأمن وبينما يعرف المصريون قصة محاولة استقلال جمهورية زفتى لكنهم لا يعرفون محاولة الفيوم للاستقلال فيكتب الدكتور أيمن كتابه (المناضل العربي الكبير شيخ العرب حمد باشا الباسل زعيم ثورة 1919 وصفحات خالدة من كفاح قبيلة عربية). أما الكتاب الثالث فهو بعنوان (نابغة الفيوم في الشعر العربي الحديث الشاعر إبراهيم رمزي) وهو كتاب يلقي الضوء على شاعر كتب أول مسرحية شعرية بعنوان "المعتمد بن عباد" عام 1898 محققا السبق على أحمد شوقي الذي كتب 6 مسرحيات شعرية بعد هذا التاريخ ويعد رمزي صاحب عدة كتب رائدة عن حقوق المرأة ودورية "الفيوم" وقد استطاع الباحث الدكتور أيمن عبد العظيم أن يحقق ديوان الشاعر ويرصد رحلته ويرصد من خلاله حركة التطور في تاريخ الفيوم. ودراسته الرابعة (الجمعيات الأهلية في الفيوم في القرن التاسع عشر من 1800حتى 1900) ويرصد فيها بالتاريخ والأرقام والأسماء بداية وتطور الجمعيات الأهلية في الفيوم وتنوع مقاصدها في رعاية الفقراء مثل جمعية المساعي الخيرية القبطية و(محفل الفيوم الماسوني) وبعض الجمعيات ذات النشاط الثقافي كما في (جمعية النهضة الأدبية بالفيوم). أما دراسته الخامسة فكانت حول (المطابع ودور النشر في الفيوم، القرن 19) وفيها يرصد الباحث بدايات الطباعة والنشر فيذكر أن أول مطبعة بالفيوم إنشئت عام 1863 كجزء من المطبعة الأميرية وظلت كذلك حتى عام 1893 عندما أنشا إبراهيم رمزي مطبعة الفيوم وأصدر منها جريدة الفيوم وأول كتاب أعده كان عن تاريخ الفيوم ثم توالي ظهور المطابع ودور النشر التي يرصدها الباحث بشكل دقيق وموسع أما دراسته السادسة فهي عن المسرح في الفيوم في نهايات القرن التاسع عشر ويشير الباحث إلى أن أول مسرحية عرضت بالفيوم كانت قادمة من القاهرة هي (عنترة) لفرقة أبي خليل القباني في 4 يونيو 1890 ثم مسرحية (ولادة بنت المستكفي) في اليوم التالي ويستمر رصده لحركة المسرح بالفيوم. ودراسته السابعة المنشورة عن أحمد محجوب الرفاعي شيخ الفيوم الذي تعلم منه شيوخ الأزهر فيما بعد ولمع اسمه في كل علم من علومه، فلا يخلو كتاب من كتب التراجم من ترجمة له موجزة أو مفصلة أما آخر دراسة يعكف الباحث على طباعتها حاليا هي جمع أول ديوان شعري بدوي عنوانه: (من التراث الشعبي في بادية الفيوم؛ ديوان عبد القادر بو افكيرين البرعصي ومن هنا اقترح على مثقفي الفيوم أن يجعلوا مؤتمر الفيوم القادم لليوم الواحد للدرس العلمي لمشروع الدكتور أيمن عبد العظيم فهو مشروع بحق يستحق الالتفاف حوله ودراسته وتشجيعه. وأطالب وكيل وزارة التربية والتعليم في الفيوم أن يصدر توجيهاته بأن تقتني مكتبات المدارس هذه الكتب التي تدرس تاريخ المحافظة وتزيد انتماء الطلاب لبلدهم وأن يقيموا مسابقات بين الطلاب حولها فهي بحق كتب تبعث على حب الفيوم والتعرف على تاريخها العظيم ورجالها الكبار.