«برامج الأحزاب السياسية» في جلسة حوارية ل المجلس القومي لحقوق الإنسان    وزير الدفاع يلتقي وزير خارجية جمهورية بنين    وعي المصريين الحصان الرابح ضد أكاذيب أجندات الإخوان الإرهابية على سوشيال ميديا    البحر الأحمر تستعد لعيد الأضحى بحملات رقابية ومجازر حكومية مجانية لضمان سلامة الأضاحي    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ تدابير عاجلة استعدادًا لإجازة عيد الأضحى ويشيد بالدور الوطني للأجهزة الخدمية    مسئول: مؤسسة دعم الصادرات السويدية تبحث المشاركة في تمويل مشروع الربط الكهربائي مع اليونان    نائب رئيس مؤتمر المناخ والبيئة تدعو المجتمع العربي للتحرك في مواجهة التحديات المناخية    لضبط التنقيب العشوائي.. إزالة 32 طاحونة ذهب بوادي عبادي في حملة موسعة بإدفو    «الإحصاء»: 16.5% معدل التضخم السنوي خلال مايو (تعرف على نسبة زيادة السلع والخدمات)    تركيا: محادثاتنا مع إسرائيل تقتصر على خفض التصعيد في سوريا ولا تشمل التطبيع    محمد بن زايد يستقبل السيسي في أبوظبي ويؤكدان على تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون لحل أزمات المنطقة    بورتو منافس الأهلي يكشف عن زيه الاحتياطي فى مونديال الأندية.. فيديو    أحمد سالم: نهنئ الأهلي بالدوري؟ لما نتأكد من حصوله على البطولة    نجم الزمالك السابق يحذر من خماسي بيراميدز قبل نهائي الكأس    الرعب في نفوس المنافسين.. السر وراء "هانيبال" في تقديم صفقة بن رمضان    الزمالك يفسخ التعاقد مع مدافع الفريق رسمياً    طوارئ في بعثة الحج السياحي استعدادا لتصعيد أكثر من 41 ألف حاج إلى عرفات    الإسكندرية ترفع حالة الطوارئ بشبكات الصرف الصحي استعدادًا لصلاة عيد الأضحى    ارتفاع تدريجي ل درجات الحرارة.. بيان مهم بشأن حالة الطقس يوم عرفة (تفاصيل)    لماذا رمى سعد الدين وهبة نص مسرحية كوبري الناموس بعد اعتراض سميحة أيوب؟ وما قصة مشهد الصمت الطويل؟    وزير الثقافة ل«الشروق»: لا غلق لقصور الثقافة.. وواقعة الأقصر أمام النيابة    مي كساب تمازح جمهورها من كواليس فيلم "آخر رجل في العالم" (فيديو)    دعاء يوم التروية 2025.. أدعية مستحبة ومعلومات عن فضل اليوم الثامن من ذي الحجة    الصحة: قرارات فورية لتيسير علاج المرضى ب"جوستاف روسي"    للوقوف على الخدمات.. لجنة بالمجلس القومي لحقوق الإنسان تزور مستشفى أهل مصر    مجلس الأمن يصوت اليوم على مشروع قرار لوقف إطلاق في غزة    استهداف 3 عناصر خطرة خلال مواجهة نارية مع الشرطة في أسيوط    هل يكفي إنتاج مصر من اللحوم لسد احتياجاتنا؟.. الحكومة تجيب    محافظ المنوفية يبحث مع حماية الأراضي بوزارة الزراعة مواجهة التعديات    البابا تواضروس الثاني يهنئ فضيلة الإمام الأكبر بعيد الأضحى المبارك    تبدأ بنقل وقفة عرفات .. تفاصيل خريطة عرض شاشة MBC مصر في عيد الأضحي    البابا تواضروس يهنئ رئيس الوزراء بعيد الأضحى المبارك    أول تحرك من «الطفولة والأمومة» بعد تداول فيديو لخطبة طفلين على «السوشيال»    تزايد الضغط داخل مجلسي الكونجرس الأميركي لتصنيف جماعة الإخوان "إرهابية"    بالأسماء.. 58 مركزًا لإجراء فحوصات المقبلين على الزواج في عيد الأضحى    28 فرصة و12 معيارًا.. تفاصيل منظومة الحوافز الاستثمارية للقطاع الصحي    مسابقة لشغل 9354 وظيفة معلم مساعد مادة «اللغة الإنجليزية»    «مباشرة لا عن طريق الملحق».. حسابات تأهل العراق ل كأس العالم 2026    «جبران»: قانون العمل الجديد يرسخ ثقافة الحقوق والحريات النقابية    تحرير 911 مخالفة للممتنعين عن تركيب الملصق الإلكتروني    سيد رجب يشارك في بطولة مسلسل «ابن النادي» إلى جانب أحمد فهمي    محافظ أسيوط يشارك أطفال معهد الأورام فرحتهم بقرب حلول عيد الأضحى    مباحثات تركية أوروبية لتعزيز التعاون التجاري    فرصة للترقية.. حظ برج العذراء في شهر يونيو 2025    أنشطة ثقافية ومسرح وسينما فعاليات مجانية لوزارة الثقافة فى العيد    أيام الرحمة والمغفرة.. ننشر نص خطبة الجمعة المقبلة    «اللهم املأ أَيامنا فرحًا ونصرًا وعزة».. نص خطبة عيد الأَضحى المبارك 1446 ه    تكبيرات عيد الأضحى 2025.. تعرف على حكم التكبير فى العيدين بصيغة الصلاة على النبى    مصرع شخص وإصابة 21 شخصا في حادثين بالمنيا    زلزال بقوة 5.3 درجة يضرب جزيرة سيرام الإندونيسية    مصرع شخص وإصابة 13 آخرين إثر انقلاب ميكروباص بالصحراوي الغربي في أسيوط    موعد إعلان نتيجة الصف الثالث الإعدادي 2025 في الجيزة ترم ثاني    وزير خارجية إيران: تخصيب اليورانيوم داخل أراضينا هو خطنا الأحمر    كامل الوزير: انتقال زيزو للأهلي احتراف .. وهذا ما يحتاجه الزمالك في الوقت الحالي    رشوان توفيق عن الراحلة سميحة أيوب: «مسابتنيش في حلوة ولا مرة»    ظهور وزير الرياضة في عزاء والدة عمرو الجنايني عضو لجنة التخطيط بالزمالك (صور)    «شعار ذهبي».. تقارير تكشف مفاجأة ل بطل كأس العالم للأندية 2025    «الإفتاء» تنشر صيغة دعاء الخروج من مكة والتوجه إلى منى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفكرون خالدون| نصر حامد أبوزيد وحاجتنا إلى التجديد
نشر في البوابة يوم 09 - 05 - 2021

في الأيام الأخيرة من الشهر الكريم دار الجدل مرة أخرى حول تجديد الخطاب الدينى وجاءت المبادرة هذه المرة من شيخ الأزهر الإمام الطيب، ولتقريب الرؤى بين تيارين يطالبان بالتجديد، كان لزاما علينا أن نسأل رائدًا من رواد التنوير المعاصرين لنا، ألا وهو الراحل نصر حامد أبو زيد، الذى يعد بجدارة الامتداد لمدرسة العقل في الإسلام بداية من المعتزلة وابن رشد وإخوان الصفا، مرورا بابن عربى ومحمد عبده وأمين الخولى وغيرهم، وصولا إلى اللحظة الراهنة اذ يؤكد نصر حامد ابو زيد في مقال له بعنوان الاستخدام النفعى للدين منشور في مجلة الديموقراطية يقول فيه (نحن بحاجة إلى «تثوير» فكرى، لا مجرد تجديد، وأقصد بالتثوير تحريك العقول بدءا من سن الطفولة. فقد سيطرت على أفق الحياة العامة في مجتمعاتنا سواء في السياسة أو الاقتصاد أو التعليم - حالة من «الركود» طال بها العهد حتى أوشكت أن تتحول إلى «موت»، هذه الظاهرة مشهودة في أفق الحياة العامة، بصرف النظر عن مظاهر حيوية جزئية هنا أو هناك، في الفنون والآداب بصفة خاصة، فستجد أن بؤر الحيوية تلك مثل بقع الضوء التى تكشف المساحات الشاسعة للظلمة. فإذا وصلنا إلى مجال الفكر، فحدث عن اغتراب الفكر وغربة المفكرين، إلا من يحتمى بمظلة سلطة سياسية أو إثنية أو دينية تحوله إلى بوق ينطق بما ينفخ فيه).
ويستطرد ابو زيد قائلا «وتثوير الفكر الذى نحتاجه يتطلب السعى إلى تحريك العقول بالتحدى والدخول إلى المناطق المحرمة، اللا مفكر فيه حسب تعريف محمد أركون، وفتح النقاش حول القضايا. وأهم من ذلك التخلص من ذلك الجدار العازل الذى طال وجوده في ثقافتنا بين (العامة والخاصة)، فتلك الدعوات التى تتردد بين الحين والآخر عن حصر النقاش في بعض القضايا الدينية داخل دائرة أهل العلم، حتى لا تتشوش عقائد العامة أو يصيبها الفساد، دعوات في ظاهرها الرحمة والحق، وفى باطنها السوء والباطل. كيف يمكن في عصر السماوات المفتوحة التى تنقل (العالم) إلى غرف النوم، وفى عصر اكتساح ثورة المعلومات لكل الحدود، أن يطالب البعض بحماية (العامة) من خطر الفكر العلمى في أخطر القضايا التى تمس حياتهم، إنه للأسف منطق الوصاية يتذرع باسم الحماية لممارسة ديكتاتورية فكرية وعقلية لا تقل خطرا عن الديكتاتورية السياسية في مجتمعاتنا».
ويرتبط منهج التجديد بالحاجة إلى التجديد في سياقه التاريخى الاجتماعي، السياسى والفكرى. فالتجديد في أى مجال لا ينبع من رغبة شخصية أو هوى ذاتى عند هذا المفكر أو ذاك، إنه ليس تحليقا في سماوات معرفية، أو بالأحرى عرفانية، منبتة عن أرض الحياة وطينها، وعن عرق الناس وكفاحهم في دروب الحياة الاجتماعية، قد يبدو المفكر محبا للعزلة حريصا على الهدوء والابتعاد عن صخب الحياة، لكنها أوقات التأمل التى لو انسلخت تماما عن نسيج الحياة الحى وتيارها الجارى لصارت سجنا من الأوهام، وقلعة للشياطين العابثة. من هنا يمكن القول إن «التجديد» ليس حالة فكرية طارئة، بل هو الفكر ذاته في تجاوبه مع الأصول التى ينبع منها ويتجاوب معها بوسائله الخاصة.
ويوضح لنا ابو زيد انه ما ليس تجديدا في مجال الفكر فهو «ترديد» وتكرار لما سبق قوله، وليس هذا من الفكر في شىء، ولا يمت إلى الفكر بأدنى صلة من قريب أو من بعيد. وبما أن قانون الحياة الطبيعية والاجتماعية هو التغير في كل شيء، سواء كان ذلك التغير مدركا وملحوظا أو لم يكن، فإن قانون الفكر هو «التجديد»، ذلك هو قانونه من حيث هو فكر في ذاته. ويصبح «التجديد» مطلبا ملحا كلما سيطر «التقليد»، الذى هو عين «الترديد» والتكرار لما سبق قوله، وساد، إذ في هذه الحالة ينفصل الفكر عن حركة الحياة التى تمضى في حركة تغيرها غير آبهة بعجز الفكر عن متابعتها فضلا عن قيادتها وترشيد اتجاه حركة التغيير فيها.
تنبع الحاجة إلى التجديد من مطلب التغيير، وهذا المطلب الأخير يصبح بدوره ضرورة ملحة حين تتأزم الأوضاع على كل المستويات والأصعدة: الاجتماعي، السياسى، الاقتصادى، والثقافى والفكرى على السواء
يمكن القول إن تعدد أوجه الأزمة يخلق الحاجة إلى التغيير، وأول مظهر من مظاهر التغيير هو الحاجة إلى «التجديد» الفكرى والسياسى والاجتماعي، أى في كل مجالات المعرفة وحقولها في هذا السياق يكتسب التجديد في إطار الفكر الدينى أكثر إلحاحا بسبب أن كل هذه الأزمات والهزائم يتم تفسيرها في الخطاب الدينى بشقيه الرسمى والشعبى تفسيرا دينيا.
وهناك ايضا مبرر معرفى للتجديد يلفت ابو زيد انتباهنا اليه حيث إن مهمته تحقيق عملية «التواصل» الخلاق بين الماضى والحاضر. والمقصود بعملية «التواصل الخلاق» الخروج من أسر «التقليد الأعمى» وإعادة إنتاج الماضى باسم «الأصالة»، وكذلك الخروج من أسوار «التبعية» السياسية والفكرية التامة للغرب باسم «المعاصرة». وليست عملية «التواصل الخلاق» بالضرورة هى محاولة التلفيق بأخذ طرف من التراث وطرف من الحداثة دون تحليل تاريخى نقدى لكليهما، وهو النهج الذى سيطر بدرجات متفاوتة على المشروع الفكرى النهضوى فأفضى إلى تكريس ثنائية «الغرب» المادى العلمى المتقدم والمفلس روحيا، و«الشرق» الروحى الفنان المتخلف ماديا وعلميا. العودة إلى دراسة «التراث» مجددا، خاصة «التراث الدينى» تستهدف إعادة النظر في كل تلك المسلمات، سعيا لتحرير المشروع النهضوى من تلفيقيته التى انكشف عجزها واضحا من خلال الهزيمة الشاملة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.