نقيم عشيّة الاثنين تذكار مثل العشر عذارى الوارد في إنجيل متى(1:25-13) في هذا المثل صورة جميلة جدًا للسهر من أجل استقبال عريس نفوسنا الذي هو المسيح. الختن كلمة سريانية تعني العريس νυμφιος. وتأتي تسميةُ "صلاةِ الخَتَنِ" مِن مَثَلِ العذارى العَشْرِ الّذي يتكلّمُ فيه المسيحُ عن عُرسٍ رُوحِيٍّ يأتي فيه الخَتَنُ (العريسُ) في نصفِ الليل، وتكونُ بعضُ العذارى مستعدّاتٍ لاستقبالِهِ بالمصابيح، بينما تكون الأُخرَياتُ غيرَ مستعدّاتٍ، فَيُترَكْن، تالِيًا، خارجَ وَلِيمةِ العُرس (مت 1:25-13).من هنا ترتّل الكنيسة: "ها هو ذا الختن يأتي في نصف الليل، فطوبى للعبد الذي يجده مستيقظًا. شرحها تُظهِرُ أيقونةُ العذارى العشر في هذا العرسِ الروحيّ مجموعتَيْن منَ العذارى، خمسٌ معَ الرَّبِّ يسوعَ المسيح وخمسٌ لا يستَطِعْنَ الدُّخول. قرارُ المَنعِ وإنْ أتى منَ العريسِ الَّذي هو الرَّبّ، إلّا أنَّ سببَهُ هو مَنْ بَقيَ خارِجًا. هذا هو الجهلُ الحقيقيُّ، لا بل الغباءُ الكلّيّ، أنْ نُبدِّدَ الرُّوحَ القُدُس، زيتَ الابتهاجِ والحكمة، ونخسرَ الفرحَ الأبديّ من أجلِ فرحٍ آنيٍّ ترابيٍّ زائِل. وفي تقليدِنا الآبائيّ أنَّ لهٰذا المَثَلِ علاقةً بالمجيءِ الثّاني للمسيح. وبهٰذا المعنى، يُعَلِّمُنا مَثَلُ العذارى العَشْرِ أنّنا بحاجةٍ إلى السَّهرِ والتأهُّب الرُّوحِيَّين، بِحَيثُ نتمكَّنُ من حفظِ الوصايا وتقبُّلِ بَرَكَةِ الاتّحادِ مَع الله في هٰذه الحياةِ وفي الدّهرِ الآتي. لذلك حذرتنا الكنيسة في الترنيمة من أن نستغرق في النوم حتى نلقى المسيح. وبالعودة إلى المَثَل، نلاحظ أن العاقلات دخلنَ وحدهنَ إلى العرس. وهنا يقوى معنى اللقاء والاتّحاد بالمسيح، لنسمع في ترتيلة أخرى: "إنني أشاهد خدرك مزينًا يا مخلّصي". الخدر هو المخدع الزوجي، وكلّ نفس مؤمنة تسأل أن تصير عروسًا للمسيح، ولكن هل نحن حقًا نلبس لباس العرس؟ فتكمل الترتيلة: "ولست أمتلك لباسًا للدخول إليه فأبهج حلة نفسي يا مانح النور وخلّصني"، كما أتى في مثل عرس ابن الملك (مت1:22-14). فالنفس المتواضعة تسأل الله أن يلقي عليها الحلّة لتدخل إلى العرس. القدّيس " سيرافيم ساروف " ومثل العذارى العشر يفسّر القدّيس سيرافيم ساروف، في هذه الفقرة المُقتَبَسة من حواره مع نيقولاوس موتوفيلوف، مثل العذارى العشر: في مَثَل العذارى الحكيمات والجاهلات، عندما نَفَد الزيت من الجاهلات قيل لهنَّ: «إذهبنَ إلى الباعة وابتعنَ لكنَّ». لكن عندما ابتعن الزّيت، كان باب الخدر قد أُقفِلَ ولم يتمكنَّ من الدخول. يقول البعض إنّ نقص الزّيت في مصابيح العذارى الجاهلات يرمز إلى نقص الأعمال الصالحة في حياتهنَّ، لكنّ هذا التّفسير ليس صحيحًا بما فيه الكفاية. لماذا يجب أن يفتقرنَ إلى الأعمال الصالحة إن كنَّ يُدعَون عذارى، حتى الجاهلات منهنَّ؟ البتوليّة هي الفضيلة الأسمى، حالةٌ ملائكيّة، ويمكنها أن تحلّ مكان جميع الأعمال الصالحة الأخرى. أعتقد أن ما كن يفتقدنه هي نعمة روح الله الكلي القداسة. مارس أولئك العذارى الفضائل لكن، بسبب جهلهن الروحي، ظنن أن الحياة المسيحية ترتكز بكل بساطة على ممارسة الأعمال الصالحة. فبإتمامهن لعمل صالح أعتقدن أنهن يقمن بعمل الله، لكنهن قليلًا ما إهتممن إن كن قد إكتسبن نعمة روح الله. طرق الحياة هذه، التي ترتكز ببساطة على عمل الخير دون التفحص بدقة ما إذا كانت تجلب نعمة روح الله، مذكور في الكتب الأبائية: " هناك طريق آخر يعتبر صالحًا في البداية، لكنه ينتهي في أعماق الجحيم" نهايةً، إذا تفرّسنا جيّدًا في وجوهِ العذارى العشر لوجدناهُنَّ جميلاتٍ كلَّهُنَّ ولا ينقصُ أحَدُهُنَّ شيئًا. هذا معناهُ أنَّ اللهَ لمْ يميِّزْ بينَ واحدةٍ وأخرى لأنَّ العطيّةَ مجانيّةٌ للجميع. فطوبى لمَنْ يُجاهدُ ليكسَبَ الملكوت.