في ظل اهتمام الحقبة الناصرية بالفنون والثقافة، نشأ مسرح العرائس بالقاهرة ليحيي تراثا ممتدا في الوجدان الشعبي، ولعل تفاعل الجمهور مع عرض "الليلة الكبيرة" التي قدمت على المسرح عام 1960 وحتي الآن، خير دليل على اقتراب هذا الفن من الناس وقد كان العرض من إخراج صلاح السقا وأشعار صلاح جاهين وموسيقى سيد مكاوى وصمم عرائسها ناجى شاكر. وضمن محاولات إنعاش هذا الفن وإعطائه قبلة الحياة يبرز اسم اثنين من عشاق مسرح العرائس، تلاحم فيهما طموح الهواة وخبرة المحترفين من خلال العمل لأكثر من 30 عاما في فن العرائس، هما الفنان ناصر عبد التواب خبير العرائس بالمعهد العالى للفنون الشعبية ومخرج ومدرب فرقة الأراجوز المصري والعرائس ويعمل بالمركز القومي لثقافة الطفل وعضو نقابة المهن التمثيلية (شعبة عرائس). والفنان الثاني هو محمد قطامش المثقف الفاعل بمدينة بلقاس فهو مؤسس ومشرف عام على (أيام بلقاس الثقافية) وصاحب مشروع إعادة إحياء تراث الإذاعة المصرية بصريا ومؤسس فرقة عرائس الحالاتية ومؤسس ونقيب نقابة فناني الأقاليم المصرية. عرفت الفنان ناصر عبد التواب سالم من ثلاثين عاما في عرض "سكة السرايا الصفرا" في الغوري وتوالت أعماله في قصر ثقافة شبرا الخيمة والمركز القومي للطفل وغيرها فقدم مسرحيات "كان في مكان"، و"رحلة ورد"، و"معروف في بحرالحروف"، و"جحا ثرى دى"، تأليف حسام عبد العزيز و"طائر الحظ السعيد" تأليف وأشعار سمير عبد الباقي و"جزيرة القمر"، و"جميل والملك درفيل" تأليف علاء المصري و"إنسان الغلبان" تأليف صلاح عطية و"شجرة الغابة" تأليف إيمان عبدالعزيز و"عم حمزة الحلواني" تأليف وإشعار عبد المقصود فرج، و"عصافير الجنة" تأليف حمدي القليوبي، و"أحلام عصافير" تأليف وإشعار سيد سلامه و"مملكة الوطاويط" تأليف أحمد إبراهيم. ومن أجل استمرارية هذا الفن وخلق أجيال تحمل رايته تصنيعا وتمثيلا وإخراجا، أقام الفنان ناصر عبد التواب عشرات الورش التدريبية لجهات متعددة وفي أماكن متفرقة في كل ربوع مصر بل وخارج مصر فقد قدم ورش العرائس في فرقة السامر وإقليم وسط وغرب الدلتا وإقليم القناة وسيناء والمركز القومي للمسرح وفرقة ومضة وإدارة الجمعيات الأهلية ومكتبة مصر العامة والمجلس الأعلى للثقافة والهيئة العربية للمسرح بالشارقة. شارك ناصر عبد التواب في مهرجانات مصرية وعربية منها مهرجان مسرح الطفل بالهيئة العامة لقصور الثقافة والمركز القومي للطفل ومهرجانات فاس وشفشاون وتازة بالمغرب ومهرجانات إريانة ونيبايوليس وغار الملح وبفوشانة والمتوسطي بتونس والمهرجان العربي بالكويت لدورتين وقد حصد العديد من الجوائز وشهادات التقدير المصرية والعربية عن عروضه المسرحية تمثيلا وإخراجا وديكورا وسينوغرافيا ونال التكريم عدة مرات داخل مصر وخارج مصر ورغم كل هذه الجوائز والتكريمات والمشاركة في 17 مهرجانا يظل ناصر عبد التواب يلعب العرائس بمحبة وولع فنان هاو يتوحد مع عرائسه ليقدم متعة راقية لجمهوره وأغلبه من الأطفال. أما الفنان محمد إسماعيل قطامش الذي تعرفت على فنه ودوره الثقافي من عامين فقط عندما اطلعت على دوره الفاعل في بلده حيث يقيم يوم الجمعة الأخير من كل شهر ملتقي باسم (ليالي بلقاس الثقافية) بالدقهلية بجهود ذاتية في إحدى الحدائق العامة ويقدم برنامجا متكاملا يشتمل على (ورش رسم وخط وجداريات لتنمية القدرات الفنية والتخيل ودمج أطفال دار الأيتام مع الأطفال الأخرى وورش موسيقى وغناء) ويلى ذلك حفل ترفيهى ومسرح عرائس ومسابقات يتم من خلالها اكتشاف مواهب الأطفال ولكون قطامش فنان شامل فهو فنان تشكيلي حصد جوائز مختلفة من وزارة الثقافة وجامعة المنصورة ووزارة الشباب والرياضة وشارك بعمل الديكور للعديد من المسرحيات بوزارة الثقافة والجامعات المصرية بالإضافة لدوره الكبير في مسرح العرائس فقد أبهرني هذا العشق الكبير لفن العرائس تصنيعا وتحريكا وإخراجا وخلق حالة ثقافية وترفيهية مبهجة من خلال فريق (مسرح الحالاتية) التي أسسها قطامش منتصف السبعينيات فقامت بالتجول بالقرى والنجوع والكفور لإحياء الاحتفالات والمناسبات المختلفة تحت شعار (الإنسان أولا) وتم تقديم أعمال فريق الحالاتية من خلال مشروع نوادي المسرح لعدة سنوات إلى جانب المشاركة في العديد من المهرجانات الإقليمية والمستقلة بالأقاليم، ومن خلال نشاط الفرقة نشأت فكرة إعادة إحياء تراث الإذاعة المصرية بصريا بعرائس الحالاتية مثل الأوبريتات الشهيرة (الدندرما، وعوف الأصيل، وقسم وأرزاق، والعين والعافية) وطاف بها في كل ربوع مصر.