“,”وكأن وزارة التربية والتعليم لم تعرف شيئًا عن حلايب وشلاتين، وكأنها أسقطتها من حساباتها، وكأنها لا تعلم أنها تتبع مصر منذ 114 عامًا بعد اتفاقية الحكم الثنائي بين مصر وبريطانيا عام 1899، هذا ما كشفته امتحانات الصف الرابع الابتدائي التابع لإدارة غرب الزقازيق التعليمية، ففي أثناء إجراء الطلاب لامتحانات مادة الدراسات الاجتماعية، اكتشف المراقبون خطأ موجودًا في ورقة الامتحانات كعادة الكثير من الامتحانات الطلابية في الآونة الأخيرة، إلا أن هذا الخطأ أبشع من أي خطأ سابق، فلقد اكتشفوا غيابًا كاملاً لمنطقة حلايب وشلاتين من خريطة مصر. الكارثة أن المدرسين أكدوا أن الخطأ لا يمكن أن يكون مجرد خطأ مطبعي داخل ورقة الامتحانات، فالحقيقة الملموسة التي نلاحظها جميعًا في كل الأخطاء، وتؤكد انتماءات الموجهين تجاه أفكار أيديولوجية بعينها، فكل موجه يسعى لترويج الفكر الذي ينتمي إليه بين الطلاب، إلا أن هذا الخطأ يعد جريمة يمكنها أن تؤثر تأثيرًا سلبيًّا على انتماءات أطفالنا المستقبلية. فخروج حلايب وشلاتين من خريطة الامتحانات لم تكن الحادثة الأولى التي تحدث، فلقد حدث ذلك في مناهج بعض مدارس البحر الأحمر في الفصل الدراسي الأول، وكأن الخرائط تأتي من خارج وزارة التربية والتعليم، وهو ما أكده البعض بأن التعليم تستورد الخرائط من منظمة أيبك الأمريكية التي تحذف حلايب وشلاتين من حدود مصر وتضمها إلى السودان. الغريب أن هذا الامتحان يلوح إلى الفكر الذي تبناه بعض قيادات الإخوان، والذي كان يدعو إلى عودة حلايب وشلاتين إلى السودان مرة ثانية، الأمر الذي كشفه أيمن البيلي وكيل نقابة المعلمين المستقلة ومدرس الدراسات الاجتماعية “,”للبوابة نيوز“,” إن نقابه المعلمين طلبت من وزارة التربية والتعليم في شهر أغسطس الماضي إلى إعادة النظر في المعونات الدولية مثل منظمة أيبك الأمريكية التي تصدر الرسائل العلمية، ومن ضمنها الخرائط الفخمة التي توجد بكل المدارس وخرائط مصر الموجودة في كتب الدراسات الاجتماعية. وأشار البيلي إلى أن معظم الخرائط الموجودة في كتاب الدراسات الاجتماعية سواء في المرحلة الابتدائية أو الإعدادية غاب عنها منطقه حلايب وشلاتين، والبعض الآخر لا يوجد الاسم على الخريطة، بالإضافه إلى أن معظم معلمي الدراسات الاجتماعيه لا يعلمون حدود مصر الحقيقية، وذلك نتيجة تعدد الخرائط المختلفة الموجودة. وقال البيلي إن الوزارة في البداية تجاهلت هذه الخرائط منذ ظهورها في كتب الدراسات الاجتماعية في البحر الأحمر، واكتفت بإصدار بيانات تبرر فيها على ورود كتب دراسية وأطالس جغرافية من الخارج لحساب بعض المدارس الأجنبية تتجاهل منطقة حلايب وشلاتين من الخرائط الواردة بها، ولم تقم بإرسال ملحق أو نشرة للتوضيح ذلك الخطأ للطلبة في المدارس، لذلك تكرر هذا الخطأ مرة ثانية في امتحان الدراسات الاجتماعية للصف الرابع الابتدائي بالشرقية، وعندما أثير هذا الموضوع أكدت الوزارة أنه خطأ وارد، بالرغم من أن هذا الخطأ يكرس خريطة مصر بدون هذا الجزء الغالي في حدودها، وقامت الوزارة بمعاقبة المدرس بحرمانه من الامتحان لمده 5 سنوات وخصم 10 أيام للمدرس، ويصبح المعلم هو ضحية فشل منظومة التعليم. وأضاف البيلي، إلى أنه لا بد أن يعاقب واضع مادة الجغرافيا وقطاع الكتب ومركز تطوير المناهج قبل محاسبة واضع الامتحان الذي جاء بالخريطة من داخل الكتاب، مشيرًا إلى أن مستشار مادة الجغرافيا بوزارة التعليم ألزم واضعي الامتحان برسم خريطة أو وضع خريطة من داخل الكتاب المدرسي أو الأطلس، وأنه منذ تولي الدكتور إبراهيم غنيم الوزارة وهو يؤدي دوره المرسوم من قبل مكتب الإرشاد، وتحقيق توجهاته عن طريق الطلبة. وقال محمد فتح الله، الخبير بالمركز القومي للامتحانات: إن هناك 3 آليات لاختيار الخرائط الموجودة في الامتحانات، أولاً الكتاب المدرسي وما تضمنه من خرائط صماء، والخرائط الموجودة في الوسائل التعليمية المصممة للخرائط والأطلس، لافتا إلى أن معظم الخرائط الموجودة في كتب الأطلس تأتي ضمن المعونة الأمريكية لمصر، والتي وزعت على المدارس دون فحص كافٍ من قبل مستشار الوزارة، مضيفًا أن جميع الخرائط التي تأتي من الولاياتالمتحدة خاطئة تمامًا، وأن دور الوزارة متابعة هذه الخرائط قبل وضعها، ومصدر المعلم قبل محاسبته إذا كانت هذه الخريطة من تصميم المعلم أو من داخل الكتاب المدرسي وليس من حق الوزارة أن تعاقب المعلم قبل التأكد إلا أن يكون هذا عقاب تعسفي. وقال فتح الله: إن المركز القومي للامتحانات يضع ورقة بمواصفات الورقة الامتحانية وآلياتها، ودرجة الاختبار والهيكل العام للامتحان، وكل ما يطلبه الامتحان. وأكد محمد السروجي، المتحدث الرسمي باسم وزارة التربية، أن الوزارة عاقبت المعلم الذي وضع امتحان مادة الدراسات الاجتماعية للصف الرابع الابتدائي بإدارة غرب الزقازيق التعليمية، والتي رسمت فيها خريطة مصر خالية من منطقة “,”حلايب وشلاتين“,” بالحرمان من وضع الامتحانات لمدة 5 سنوات، بالإضافة إلى خصم 10 أيام من راتبه. وأضاف السروجي أن الوزارة ستتخذ إجراءات بحرمان جميع واضعي الامتحانات الذين لم يلتزموا بمواصفات الورقة الامتحانية من وضع الأسئلة لمدد قد تصل وفقًا للقانون إلى 5 سنوات. وأوضح السروجي، أن الوزارة لديها العديد من المعلمين والموجهين الأكفاء الذين يمكن أن تستعين بهم كبديل عن هؤلاء الذين خالفوا مواصفات وضع الامتحانات. وقال السروجي: إن الوزارة تقوم حاليًّا بمراجعة المحتوى الدراسي لجميع المناهج التي يتم تدريسها بكافة المراحل التعليمية، وتركز بالتحديد على مراجعة كافة الخرائط الموجودة في كتب الدراسات الاجتماعية والجغرافيا التي تدرس بجميع المراحل، مشيرًا إلى أن مراجعة تلك الخرائط ستتم بمشاركة هيئة المساحة. وقال: إن هذا الإجراء يأتي بعد أن لوحظ اعتماد مؤلفي الكتب الدراسية على شبكة الإنترنت في استخلاص بعض المعلومات والخرائط، دون الالتفات أن معظم هذه المعلومات تكون غير دقيقة.