زيزو يترقب ووسام يستغرب.. لحظات ما قبل ركلة جزاء الأهلي الضائعة أمام إنتر ميامي (صور)    بعد التعادل مع إنتر ميامي.. موعد مباراة الأهلي المقبلة بكأس العالم للأندية 2025    أكثر من 100مصاب فى قصف إيران الأخير لتل أبيب    الغارات الإسرائيلية على طهران تستهدف مستودعا للنفط    إصابات واستهداف منشآت استراتيجية.. الصواريخ الإيرانية تصل حيفا    إعلام إسرائيلي: مصرع 5 وأكثر من 100 مصاب جراء القصف الإيراني على تل أبيب    مجدي الجلاد: الدولة المصرية واجهت كل الاختبارات والتحديات الكبيرة بحكمة شديدة    «زي النهارده».. وفاة وزير الداخلية الأسبق النبوي إسماعيل 15 يونيو 2009    بكام الفراخ النهارده؟.. أسعار الدواجن والبيض في بورصة وأسواق الشرقية اليوم الأحد 15 يونيو 2025    اليوم.. طلاب الثانوية الأزهرية يؤدون امتحان مادة اللغة الإنجليزية    السينما والأدب.. أبطال بين الرواية والشاشة لجذب الجمهور    ذكريات مؤثرة لهاني عادل: كنت بابكي وإحنا بنسيب البيت    متى تبدأ السنة الهجرية؟ هذا موعد أول أيام شهر محرم 1447 هجريًا    احتفالًا برأس السنة الهجرية 1447.. أجمل صور لتصاميم إسلامية تنشر البهجة والروحانية    الجرام يسجل 5600 جنيه.. ارتفاع كبير في أسعار الذهب والسبائك اليوم الأحد 15 يونيو 2025    شديد الحرارة ورياح.. الأرصاد تكشف حالة الطقس خلال الأيام المقبلة ( بيان مهم)    سبب دمارًا كبيرًا.. شاهد لحظة سقوط صاروخ إيراني في تل أبيب (فيديو)    اليوم.. الأزهر الشريف يفتح باب التقديم "لمسابقة السنة النبوية"    "رفقة سواريز".. أول ظهور لميسي قبل مباراة الأهلي وإنتر ميامي (صورة)    أعراض السكتة القلبية، علامات صامتة لا يجب تجاهلها    حدث منتصف الليل| السيسي يبحث مع أردوغان الأوضاع الإقليمية.. وسبب ظهور أجسام مضيئة بسماء مصر    3481 طالب يؤدون امتحانات نهاية العام بجامعة حلوان التكنولوجية    الجلاد: الحكومة الحالية تفتقر للرؤية السياسية.. والتعديل الوزاري ضرورة    المهرجان القومي للمسرح يعلن عن برنامج ندوات الدورة 18 بالإسكندرية    "العسل المصري".. يارا السكري تبهر متابعيها في أحدث ظهور    القانون يحظر رفع أو عرض العلم المصرى تالفا أو مستهلكا أو باهت الألوان    سوريا تغلق مجالها الجوي أمام حركة الطيران    الحرس الثورى الإيرانى: موجة جديدة من العمليات المرکبة ردا على عدوان إسرائيل    بداية العام الهجري الجديد 1447.. عبارات مميزة لرسائل تهنئة وأجمل الأدعية    ضبط كوكتيل مخدرات وأسلحة آلية.. سقوط عصابة «الكيف» في قبضة مباحث دراو بأسوان    «الإصلاح والنهضة» ينظم صالونًا حول المستهدفات الحزبية في الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان    بمشاركة 20 ألف.. مستقبل وطن يُطلق مؤتمر شباب الدلتا بالإسكندرية    رسميًا بعد الارتفاع.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 15 يونيو 2025    كهرباء قنا تفتتح مركزًا جديدًا لخدمة العملاء وشحن العدادات بمنطقة الثانوية بنات    شهادة أم وضابطين وتقارير طبية.. قائمة أدلة تُدين المتهم في واقعة مدرسة الوراق (خاص)    بالخطوات.. نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 في الجيزة عبر الرابط الرسمي المعتمد    إصابة سيدتين وطفل في انقلاب ملاكي على طريق "أسيوط – الخارجة" بالوادي الجديد    محافظ قنا يشارك في الاحتفالية الرسمية لاستقبال الأنبا إغناطيوس بالمطرانية    نتناولها يوميًا وترفع من نسبة الإصابة بأمراض الكلى.. أخطر طعام على الكلى    دون أدوية أو جراحة.. 5 طرق طبيعية لتفتيت وعلاج حصوات الكلى    ضمن مبادرة "100 مليون صحة".. صحة الفيوم تقدم خدمات المبادرات الرئاسية لأكثر من 18 ألف مواطن خلال عيد الأضحى    بث مباشر مباراة الأهلي ضد إنتر ميامي اليوم (0-0) في كأس العالم للأندية    هشام حنفي: بالميراس أقوى فريق في مجموعة الأهلي.. ومواجهة إنتر ميامي ليست سهلة    النيابة تدشن المرحلة الأولى من منصتها الإلكترونية "نبت" للتوعية الرقمية    فرصة للراحة والانفصال.. حظ برج الدلو اليوم 15 يونيو    رئيس هيئة الرقابة النووية والإشعاعية السابق: لا تأثيرات لاستهداف المنشآت النووية الإيرانية على مصر    سر دموع عبد الفتاح الجرينى على الهواء فى "صندوق الذكريات" ب"آخر الأسبوع"    بدأت في القاهرة عام 2020| «سيرة» وانكتبت.. عن شوارع مدن مصر القديمة    إصابة 10 أشخاص إثر حادث تصادم 3 سيارات في دمنهور (صور)    وزيرة التخطيط تلتقي بمجموعة من طلاب كبرى الجامعات بالمملكة المتحدة    محافظ الدقهلية يتابع خطة ترشيد استهلاك الكهرباء وتخفيض إنارة الشوارع 60%    جامعة بدر تفتح باب التقديم المبكر بكافة الكليات لطلاب الثانوية العامة والأزهري والشهادات المعادلة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 15-6-2025 في محافظة قنا    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    كأس العالم للأندية| «ريبيرو» يعقد محاضرة فنية للاعبي الأهلي استعدادًا لمواجهة إنتر ميامي    أسرار صراع المحتوى «العربي - العبري» في الفضاء الاصطناعي    مجدي عبدالغني: الأهلي قادر على الفوز أمام إنتر ميامي.. وأتمنى تعادل بورتو وبالميراس    الهلال الأحمر المصرى: تنظيم حملات توعوية لحث المواطنين على التبرع بالدم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مي مرسي تكتب: وثيقةُ الأُخوة الإنسانية وحقوق الطفل المرعية

أصبح 4 فبراير من كل عام ميلادًا جديدًا لمعنى الأخوّة الإنسانية، وإشعارًا بعِظَم مسئوليتها على كل فردٍ منا؛ إذ انبثقت منه وفيه " وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك " (Document on Human Fraternity for World Peace and Living Together)، التي كانت نتاج مناقشات مفتوحة من قِبَل أهم أقطاب دُعاة السلام في العالم، فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب – شيخ الأزهر الشريف- وقداسة البابا فرانسيس - بابا الكنيسة الكاثوليكية- في المؤتمر الذي نظَّمه مجلس حكماء المسلمين في فبراير 2019 ميلادية على أرض الإمارات العربية المتحدة؛ بهدف تعزيز سُبُل التعايش المشترك، ودعم العلاقات الإنسانية بين بني البشر أجمع بمختلف أطيافهم وخلفياتهم الدينية واللادينية.
ومن منطلق وثيقة الأخوة الإنسانية التي تدعو إلى الاعتناء بالخليقة والأشخاص الأكثر حاجة وعوزًا، لا سيَّما الضعفاء منهم، وليس هناك أضعف من الأطفال في مهدهم وبداية نشأتهم وفي مُقتَبَل حياتهم؛ إذ يحتاجون منا الرعاية اللازمة المادّية والروحية على السواء؛ فلا يكفي توفير ما يحتاجونه من مأكلٍ وملبسٍ ومسكنٍ يأويهم؛ بل لا بد من الرعاية التربوية والروحية التي تسمو بهم إلى أن يكون كل طفلٍ منهم أخًا للآخر بحقّ، أخا له في الحقوق والواجبات، أخوة في الإنسانية قبل النسب!
وهو عينُ ما دَعَت إليه الأديان السماوية - وعلى الأخصّ الشريعة الإسلامية-، فنجد أنها قد قررت حقوقًا للطفل من قبل مُستَهَلّ ولادته، ومن أبرزها:
- حقّه في اختيار الأبوين الصالحين؛ بأن يختار كلًا من الزوجين الآخر وِفق أسسٍ معينة تصلح لهذه المهمة وتلك المسئولية الجليلة، وطلبت الشريعة مراعاة ذلك في الجانبين؛ ففي جانب الزوجة، قال صلوات ربّي وسلامه عليه: " تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، ‌فَاظْفَرْ ‌بِذَاتِ ‌الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ" [أخرجه مسلم]، وفي جانب الزوج قال: " إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ ‌مَنْ ‌تَرْضَوْنَ ‌دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ " [أخرجه الترمذي في سننه].
- حقَّه في الحياة وتشريع عقوبات لمن تُسوّل له نفسه الاعتداء عليه حتى وهو في رحم أمه، وتجريم الإجهاض لغير عُذرٍ شرعي، قال تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا ‌النَّفْسَ ‌الَّتِي ‌حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) ﴾ [الأنعام: 151]، وقال جلَّ شأنه: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ ‌مِنْ ‌إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ﴾ [الأنعام: 151]، ويظهر أيضًا في إباحة الفطر في رمضان للمرأة الحامل إن أشار عليها طبيبها في أن صيامها سيضرُّ بها أو بجنينها، فقال –صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ اللهَ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامَ، ‌وَعَنِ ‌الْحَامِلِ ‌وَالْمُرْضِعِ" [أخرجه النسائي في سننه].
- حقه في اختيار اسمًا حسنًا له، محمود الصفات لئلا يُعيّر به ويترك ذلك في نفسه ندوبًا لا تُشفى، فعَن أبي هُرَيرة؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم قال: إن من حقِّ الولد على الوالدِ أن ‌يُحسن ‌اسمَه ويُحسن أدبه" [مسند البزار].
- حقَّه في التغذية بدايةً من الرضاع وإتمام الفطام، فإن أراد أحد الأبوين فطامه قبل الموعد المقرر شرعًا وهو الحَولَين، فيكون ذلك بمشاورة الطرف الآخر، وأن يكون ذلك حسبما يتراءى من مصلحة جنينهم، لقوله تعالى: ﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ﴾ [البقرة: 233]، وقال سبحانه: ﴿ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا ‌عَنْ ‌تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا﴾ [البقرة: 233].
- حقَّه في النفقة حتى وإن طُلَّقت والدته، قال تعالى في أصل النفقة: " ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ ‌رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا﴾ [البقرة: 233]، وقال سبحانه: ﴿وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ ‌حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ [الطلاق: 6].
- حقه في حفظ ماله إلى أن يبلغ رشده، هذا إن كان له مال من إرثٍ مثلًا، فمن حقه أن يُحفظ من الضياع إلى أن يُحسن إتيانه ويتولَّى أمره، وهذا نجده شائعًا في أموال اليتامي، قال عزَّ من قائل في واجب حفظ مالهم والعذاب لمن أكله زورًا وبهتانًا: ﴿وَآتُوا ‌الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (2)﴾ [النساء: 2]، وقال أيضًا: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ ‌الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (10)ُ﴾ [النساء: 10]، وقال سبحانه في دفع مالهم إليهم: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ ‌رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا﴾ [النساء: 6].
وعلى الجانب الآخر تقرر الشريعةَ الغرَّاء له حقوقًا أخرى ليست بالمادية، وإنما تعني بالناحية التربوية والروحية وتسمو بها إلى خير حال، مما ينعكس على تكوين شخصيته وأثرها في بناء المجتمعات، وتتمثَّل في:
- حقَّه في ملاطفة والديه له، وإطلاق عبارات الثناء والمدح على ما يقوم به من إنجازات وإن كانت صغيرة، وعدم التثبيط من عزيمته، بل ومصاحبته في شئون حياته، ففيها ما يعين الأبناء على برِّ والديهم، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَحِمَ اللَّهُ وَالِدًا أَعَانَ ‌وَلَدَهُ ‌عَلَى ‌بِرِّهِ». [أخرجه ابن أبي شيبة في مصنّفه].
- حقَّه في الحنان وإظهار المحبّة له والرفقَ به في غيرِ عُنف، وإن كان هذا لا يمنع الحزم في الأمور التي تستدعي ذلك، وهو عين ما تدعو إليه الدراسات والنظريات التربوية الحديثة، فعَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَا عَائِشَةُ» إِنَّ اللهَ ‌رَفِيقٌ ‌يُحِبُّ ‌الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ، وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ " [أخرجه مسلم]، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ، أَبْصَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ الْحَسَنَ فَقَالَ: إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنَ الْوَلَدِ ‌مَا ‌قَبَّلْتُ ‌وَاحِدًا مِنْهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ مَنْ لَا يَرْحَمْ لَا يُرْحَمْ»، فقوله –صلوات ربّي وسلامه عليه- دلُّ على انتقاد عدم حنو الأقرع على أبنائه وإخفاء محبته لهم، فلا تكون التربية بالعنف فقط ولا بالتدليل فقط لكن نجعلها "التربية بالموقف"، أو كما قال الإمام سفيان الثوري لأصحابه: أتدرون ما الرفق؟ هو أن تضع الأمور مواضعها؛ الشدة في موضعها، واللين في موضعه".
- كما له الحقّ في مراعاة سنه وما تتطلبه مراحله العمرية المختلفة، فيختار أبواه طرقا للتعامل مناسبة لكل عمر؛ فمرحلة الطفولة تختلف في طبيعتها عن مرحلة المراهقة، ولكل مرحلةٍ طريقةٍ مُثلى للتعامل معه وكسبه لا خسارته، قال أحد الصالحين: إذا بلغ الولد سبع سنين فعلِّمه، وإذا بلغ أربعة عشر فصاحبه، وقال آخر: ولدك ريحانتك سبعًا، وخادمك سبعًا، ثم هو عدوّك أو شريكك. فحريٌ بكل أبٍ وأم أن يعلما أن التعامل مع أبنائهم فنٌ ينبغي عليهما تعلّمه وإتقانه.
- حقه في توفير بعض الوقت للمرح والترفيه، وأن يشاركه أبواه ذلك، مما له الأثر على نفس الطفل في التنفيس عنه، وحريٌ بالوالدين أن يراعيا في الألعاب مناسبتها للفئة العمرية لأبنائهما، وأن تعود عليهم بالنفع، فيستهدفا مثلًا الألعاب العقلية والمعرفية التي تشكل وعيهم وتزيد من نسب التركيز والذكاء لديهم بجانب الألعاب الرياضية التي تبني أجسادهم وتقويّها، وإن كانت إلكترونية فيُراعى فيها الضوابط الشرعية لئلا تنقلب الألعاب على أبنائنا بالضد فتؤثر عليهم من الناحية الذهنية أو النفسية أو إضاعة الوقت دون ضابطٍ أو قيد، فقد كان النبي –صلى الله عليه وسلم- يتفقد الأطفال فيجدهم يلعبون فلا ينهاهم ولكن يُسلِّم عليهم.
- حقه في التربية والتعليم والنشأة الحسنة على مكارم الأخلاق، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا نَحَلَ وَالِدٌ وَلَدَهُ أَفْضَلَ مِنْ ‌أَدَبٍ ‌حَسَنٍ " [أخرجه أحمد في مسنده]، وكذا حقه في المعرفة الدينية والعلمية وغيرها من مختلف العلوم الحديثة وآداب الدين والدنيا، وهذا يتأتَّى من طُرُقٍ متعددة، فقد يكون عن طريق الملاحظة، أو الإشارة أو النصيحة والموعظة، فعُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ، يَقُولُ: كُنْتُ غُلَامًا فِي حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَتْ ‌يَدِي ‌تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا غُلَامُ، سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ» فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِي بَعْدُ. [أخرجه البخاري]، أو العادة، ويقول الإمام الغزالي في كتابه «إحياء علوم الدين» (3/ 72): «والصبيان ‌أَمَانَةٌ ‌عِنْدَ ‌وَالِدَيْهِ وَقَلْبُهُ الطَّاهِرُ جَوْهَرَةٌ نَفِيسَةٌ سَاذَجَةٌ خَالِيَةٌ عَنْ كُلِّ نَقْشٍ وَصُورَةٍ وَهُوَ قَابِلٌ لِكُلِّ مَا نُقِشَ وَمَائِلٌ إِلَى كُلِّ مَا يُمَالُ بِهِ إِلَيْهِ فَإِنْ عُوِّدَ الْخَيْرَ وَعُلِّمَهُ نَشَأَ عَلَيْهِ وَسَعِدَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وشاركه في ثوابه أبوه وَكُلُّ مُعَلِّمٍ لَهُ وَمُؤَدِّبٍ وَإِنْ عُوِّدَ الشَّرَّ وَأُهْمِلَ إِهْمَالَ الْبَهَائِمِ شَقِيَ وَهَلَكَ وَكَانَ الْوِزْرُ في رقبة القيم عليه والوالي له».
ويقول الشاعر: وينشأ ناشئ الفتيان منَّا *** على ما كان عوَّده أبوه، ويعلم كثير منّا المَثَل الشهير القائل: من شبَّ على شيءٍ شابَ عليه، أو عن طريق مجال التربية بالقدوة أيضًا، ولا أّسوة أفضل من رسول الله –صلوات ربِّي وسلامه عليه- قال جلّ شأنه: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ ‌أُسْوَةٌ ‌حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)﴾ [الأحزاب: 21]، فنجده –صلى الله عليه وسلم- اتَّخذ هذا المنهج مع الصغار، حتى يعلّمنا نحن الآباء أن هذا من خير طُرُق التربية وعلى الأخصّ في ناحية العبادة، فيروي لنا سيدنا ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ‌بِتُّ ‌عِنْدَ ‌خَالَتِي ‌مَيْمُونَةَ لَيْلَةً فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ اللَّيْلِ، فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَتَوَضَّأَ مِنْ شَنٍّ مُعَلَّقٍ وُضُوءًا خَفِيفًا وَقَامَ يُصَلِّي، فَتَوَضَّأْتُ نَحْوًا مِمَّا تَوَضَّأَ، ثُمَّ جِئْتُ فَقُمْتُ، عَنْ يَسَارِهِ فَحَوَّلَنِي فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ صَلَّى مَا شَاءَ اللَّهُ. [أخرجه البخاري].
- ومن حقوق الطفل التربوية أيضا تنفيره من الصفات السيئة ليس بالقول فقط وإنما بالفعل أيضًا في كَوْن الوالدين القدوة الأولى التي يتعرَّف عليها الطفل في حياته؛ فعَن عبدِ الله بن عامرٍ، أنه قال: دعتْني أُمي يومًا ورسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- قاعِدٌ في بيتنا، فقالت: ها تَعالَ أُعطِيكَ، فقال لها رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- "وما أرَدْتِ أن تُعطِيَهُ" قالت: أُعطِيهِ تمرًا، فقال لها رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "أما إنَّك لو لم تُعْطِيه شيئًا كُتِبَت عليك كِذْبةٌ". [أخرجه البخاري].
- الحق في التعبير عن رأيه، منذ نشأته دون خوفٍ أو مجاوزة حدود الأدب في الوقت نفسه؛ فعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَدَحٍ، فَشَرِبَ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ هُوَ أَحْدَثُ القَوْمِ وَالأَشْيَاخُ عَنْ يَسَارِهِ، قَالَ: «يَا غُلَامُ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ ‌أُعْطِيَ ‌الأَشْيَاخَ»، فَقَالَ: مَا كُنْتُ لِأُوثِرَ بِنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ. [أخرجه البخاري].
وفي اعتماد يوم وثيقة الأخوة الإنسانية الموافق الرابع من فبراير من قِبَل منظمة في ثِقل منظمة الأمم المتحدة للاحتفال به ما يُعززّ منها ويجعلها صحوةً مجتمعيةً دولية وإعلانًا مشتركًا للإنسانية جمعاء على اختلاف الأديان والطوائف والخلفيات الثقافية في جميع الأنحاء.
هذا وبإلقاء الضوء بنظرةٍ تفصيلية على أحد البنود المهمة التي تضمنتها الوثيقة ألا وهو حقوق الطفل، وهو جانبٌ من الأهميةِ بمكان، أقول: ينبغي أن تُوَفَّر مثل هذه الحقوق وأن يُدافع عنها، وألا يُحرم منها أي طفل في أي مكان، وأن تُدان أيةّ ممارسة تنالُ من كرامتهم أو تخلُّ بحقوقهم، وكذلك ضرورة الانتباه إلى ما يتعرَّضون له من مخاطر - خاصةً في البيئة الرقمية - وتجريم المتاجرة بطفولتهم البريئة، أو انتهاكها بأيةِ صورة من الصور.
وصلِّ اللهم وسلِّم على الحبيب المختار المولود في ربيع الأنوار المترفّق بالأطفال الذي ننال بشفاعته الدخول إلى خير الجِنان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.