إعلان موعد تلقي أوراق الترشح للانتخابات مجلس النواب اليوم    سعر الذهب في السوق المصري اليوم السبت 4 أكتوبر 2025    مسؤول أمريكي يكشف موعد بحث نزع سلاح حماس بعد الرد على خطة ترامب    نشرة أخبار الطقس| الأرصاد تحذر من أمطار والعظمى 33 في القاهرة و38 بالصعيد    جهود أمنية لكشف لغز وفاة طالبة بشكل غامض أثناء تواجدها في حفل زفاف بالفيوم    اليوم.. محاكمة متهم بالانضمام لجماعة إرهابية في بولاق الدكرور    شهادات البنك الأهلي ذات العائد الشهري.. كم فوائد 100 ألف جنيه شهريًا 2025؟    المتخصصين يجيبون.. هل نحتاج إلى مظلة تشريعية جديدة تحمي قيم المجتمع من جنون الترند؟    سيناريوهات تأهل منتخب مصر ل ثمن نهائي كأس العالم للشباب 2025    يتطلع لاستعادة الانتصارات أمام المحلة| الزمالك ينفي رحيل عواد.. وينهي أزمة المستحقات    الأهلي يسعى لصعق «الكهرباء» في الدوري    هل إجازة 6 أكتوبر 2025 الإثنين أم الخميس؟ قرار الحكومة يحسم الجدل    أسعار الفراخ اليوم السبت 4-10-2025 في بورصة الدواجن.. سعر كيلو الدجاج والكتكوت الأبيض    أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 في الأسواق المصرية    رغم تحذيراتنا المتكررة.. عودة «الحوت الأزرق» ليبتلع ضحية جديدة    الخبراء يحذرون| الذكاء الاصطناعي يهدد سمعة الرموز ويفتح الباب لجرائم الابتزاز والتشهير    في ذكرى حرب أكتوبر 1973.. نجوم ملحمة العبور والنصر    في الدورة ال 33.. أم كلثوم نجمة مهرجان الموسيقى العربية والافتتاح بصوت آمال ماهر    مسلسل ما تراه ليس كما يبدو.. بين البدايات المشوقة والنهايات المرتبكة    رئيس الطائفة الإنجيلية يشهد إطلاق المركز الثقافي بالقاهرة الجديدة    وسائل إعلام فلسطينية: إصابة شابين برصاص الاحتلال خلال اقتحام قلقيلية واعتقال أحدهما    عبد الرحيم علي ينعى خالة الدكتور محمد سامي رئيس جامعة القاهرة    البابا تواضروس: الكنيسة القبطية تستضيف لأول مرة مؤتمر مجلس الكنائس العالمي.. وشبابنا في قلب التنظيم    حرب أكتوبر 1973| اللواء سمير فرج: تلقينا أجمل بلاغات سقوط نقاط خط بارليف    إصابة 7 أشخاص في حادث تصادم بالطريق الدائري بالفيوم    "بالرقم الوطني" خطوات فتح حساب بنك الخرطوم 2025 أونلاين عبر الموقع الرسمي    كأس العالم للشباب.. أسامة نبيه يعلن تشكيل منتخب مصر لمواجهة تشيلي    ثبتها حالا.. تردد قناة وناسة بيبي 2025 علي النايل سات وعرب سات لمتابعة برامج الأطفال    «نور عيون أمه».. كيف احتفلت أنغام بعيد ميلاد نجلها عمر؟ (صور)    "أحداث شيقة ومثيرة في انتظارك" موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الموسم السابع على قناة الفجر الجزائرية    مستشفى الهرم ينجح في إنقاذ مريض ستيني من جلطة خطيرة بجذع المخ    اسعار الذهب فى أسيوط اليوم السبت 4102025    بيطري بني سويف تنفذ ندوات بالمدارس للتوعية بمخاطر التعامل مع الكلاب الضالة    تتقاطع مع مشهد دولي يجمع حماس وترامب لأول مرة.. ماذا تعني تصريحات قائد فيلق القدس الإيراني الأخيرة؟    نسرح في زمان".. أغنية حميد الشاعري تزيّن أحداث فيلم "فيها إيه يعني"    الخولي ل "الفجر": معادلة النجاح تبدأ بالموهبة والثقافة    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم السبت 4102025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة الأقصر    بعد أشمون، تحذير عاجل ل 3 قرى بمركز تلا في المنوفية بسبب ارتفاع منسوب النيل    هدافو دوري المحترفين بعد انتهاء مباريات الجولة السابعة.. حازم أبوسنة يتصدر    تامر مصطفى يكشف مفاتيح فوز الاتحاد أمام المقاولون العرب في الدوري    حمادة طلبة: التراجع سبب خسارة الزمالك للقمة.. ومباراة غزل المحلة اليوم صعبة    النص الكامل ل بيان حماس حول ردها على خطة ترامب بشأن غزة    احتفاء واسع وخطوة غير مسبوقة.. ماذا فعل ترامب تجاه بيان حماس بشأن خطته لإنهاء حرب غزة؟    تفاعل مع فيديوهات توثق شوارع مصر أثناء فيضان النيل قبل بناء السد العالي: «ذكريات.. كنا بنلعب في الماية»    لبحث الجزر النيلية المعرضة للفيضانات.. تشكيل لجنة طوارئ لقياس منسوب النيل في سوهاج    «عايزين تطلعوه عميل لإسرائيل!».. عمرو أديب يهدد هؤلاء: محدش يقرب من محمد صلاح    "مستقبل وطن" يتكفل بتسكين متضرري غرق أراضي طرح النهر بالمنوفية: من بكرة الصبح هنكون عندهم    تفاصيل موافقة حماس على خطة ترامب لإنهاء الحرب    الرد على ترامب .. أسامة حمدان وموسى ابومرزوق يوضحان بيان "حماس" ومواقع التحفظ فيه    محيط الرقبة «جرس إنذار» لأخطر الأمراض: يتضمن دهونا قد تؤثرا سلبا على «أعضاء حيوية»    عدم وجود مصل عقر الحيوان بوحدة صحية بقنا.. وحالة المسؤولين للتحقيق    ضبط 108 قطع خلال حملات مكثفة لرفع الإشغالات بشوارع الدقهلية    لزيادة الطاقة وبناء العضلات، 9 خيارات صحية لوجبات ما قبل التمرين    الشطة الزيت.. سر الطعم الأصلي للكشري المصري    هل يجب الترتيب بين الصلوات الفائتة؟.. أمين الفتوى يجيب    مواقيت الصلاه في المنيا اليوم الجمعه 3 أكتوبر 2025 اعرفها بدقه    تكريم 700 حافظ لكتاب الله من بينهم 24 خاتم قاموا بتسميعه فى 12 ساعة بقرية شطورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مي مرسي تكتب: وثيقةُ الأُخوة الإنسانية وحقوق الطفل المرعية

أصبح 4 فبراير من كل عام ميلادًا جديدًا لمعنى الأخوّة الإنسانية، وإشعارًا بعِظَم مسئوليتها على كل فردٍ منا؛ إذ انبثقت منه وفيه " وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك " (Document on Human Fraternity for World Peace and Living Together)، التي كانت نتاج مناقشات مفتوحة من قِبَل أهم أقطاب دُعاة السلام في العالم، فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب – شيخ الأزهر الشريف- وقداسة البابا فرانسيس - بابا الكنيسة الكاثوليكية- في المؤتمر الذي نظَّمه مجلس حكماء المسلمين في فبراير 2019 ميلادية على أرض الإمارات العربية المتحدة؛ بهدف تعزيز سُبُل التعايش المشترك، ودعم العلاقات الإنسانية بين بني البشر أجمع بمختلف أطيافهم وخلفياتهم الدينية واللادينية.
ومن منطلق وثيقة الأخوة الإنسانية التي تدعو إلى الاعتناء بالخليقة والأشخاص الأكثر حاجة وعوزًا، لا سيَّما الضعفاء منهم، وليس هناك أضعف من الأطفال في مهدهم وبداية نشأتهم وفي مُقتَبَل حياتهم؛ إذ يحتاجون منا الرعاية اللازمة المادّية والروحية على السواء؛ فلا يكفي توفير ما يحتاجونه من مأكلٍ وملبسٍ ومسكنٍ يأويهم؛ بل لا بد من الرعاية التربوية والروحية التي تسمو بهم إلى أن يكون كل طفلٍ منهم أخًا للآخر بحقّ، أخا له في الحقوق والواجبات، أخوة في الإنسانية قبل النسب!
وهو عينُ ما دَعَت إليه الأديان السماوية - وعلى الأخصّ الشريعة الإسلامية-، فنجد أنها قد قررت حقوقًا للطفل من قبل مُستَهَلّ ولادته، ومن أبرزها:
- حقّه في اختيار الأبوين الصالحين؛ بأن يختار كلًا من الزوجين الآخر وِفق أسسٍ معينة تصلح لهذه المهمة وتلك المسئولية الجليلة، وطلبت الشريعة مراعاة ذلك في الجانبين؛ ففي جانب الزوجة، قال صلوات ربّي وسلامه عليه: " تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، ‌فَاظْفَرْ ‌بِذَاتِ ‌الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ" [أخرجه مسلم]، وفي جانب الزوج قال: " إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ ‌مَنْ ‌تَرْضَوْنَ ‌دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ " [أخرجه الترمذي في سننه].
- حقَّه في الحياة وتشريع عقوبات لمن تُسوّل له نفسه الاعتداء عليه حتى وهو في رحم أمه، وتجريم الإجهاض لغير عُذرٍ شرعي، قال تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا ‌النَّفْسَ ‌الَّتِي ‌حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) ﴾ [الأنعام: 151]، وقال جلَّ شأنه: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ ‌مِنْ ‌إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ﴾ [الأنعام: 151]، ويظهر أيضًا في إباحة الفطر في رمضان للمرأة الحامل إن أشار عليها طبيبها في أن صيامها سيضرُّ بها أو بجنينها، فقال –صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ اللهَ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامَ، ‌وَعَنِ ‌الْحَامِلِ ‌وَالْمُرْضِعِ" [أخرجه النسائي في سننه].
- حقه في اختيار اسمًا حسنًا له، محمود الصفات لئلا يُعيّر به ويترك ذلك في نفسه ندوبًا لا تُشفى، فعَن أبي هُرَيرة؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم قال: إن من حقِّ الولد على الوالدِ أن ‌يُحسن ‌اسمَه ويُحسن أدبه" [مسند البزار].
- حقَّه في التغذية بدايةً من الرضاع وإتمام الفطام، فإن أراد أحد الأبوين فطامه قبل الموعد المقرر شرعًا وهو الحَولَين، فيكون ذلك بمشاورة الطرف الآخر، وأن يكون ذلك حسبما يتراءى من مصلحة جنينهم، لقوله تعالى: ﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ﴾ [البقرة: 233]، وقال سبحانه: ﴿ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا ‌عَنْ ‌تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا﴾ [البقرة: 233].
- حقَّه في النفقة حتى وإن طُلَّقت والدته، قال تعالى في أصل النفقة: " ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ ‌رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا﴾ [البقرة: 233]، وقال سبحانه: ﴿وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ ‌حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ [الطلاق: 6].
- حقه في حفظ ماله إلى أن يبلغ رشده، هذا إن كان له مال من إرثٍ مثلًا، فمن حقه أن يُحفظ من الضياع إلى أن يُحسن إتيانه ويتولَّى أمره، وهذا نجده شائعًا في أموال اليتامي، قال عزَّ من قائل في واجب حفظ مالهم والعذاب لمن أكله زورًا وبهتانًا: ﴿وَآتُوا ‌الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (2)﴾ [النساء: 2]، وقال أيضًا: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ ‌الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (10)ُ﴾ [النساء: 10]، وقال سبحانه في دفع مالهم إليهم: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ ‌رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا﴾ [النساء: 6].
وعلى الجانب الآخر تقرر الشريعةَ الغرَّاء له حقوقًا أخرى ليست بالمادية، وإنما تعني بالناحية التربوية والروحية وتسمو بها إلى خير حال، مما ينعكس على تكوين شخصيته وأثرها في بناء المجتمعات، وتتمثَّل في:
- حقَّه في ملاطفة والديه له، وإطلاق عبارات الثناء والمدح على ما يقوم به من إنجازات وإن كانت صغيرة، وعدم التثبيط من عزيمته، بل ومصاحبته في شئون حياته، ففيها ما يعين الأبناء على برِّ والديهم، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَحِمَ اللَّهُ وَالِدًا أَعَانَ ‌وَلَدَهُ ‌عَلَى ‌بِرِّهِ». [أخرجه ابن أبي شيبة في مصنّفه].
- حقَّه في الحنان وإظهار المحبّة له والرفقَ به في غيرِ عُنف، وإن كان هذا لا يمنع الحزم في الأمور التي تستدعي ذلك، وهو عين ما تدعو إليه الدراسات والنظريات التربوية الحديثة، فعَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَا عَائِشَةُ» إِنَّ اللهَ ‌رَفِيقٌ ‌يُحِبُّ ‌الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ، وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ " [أخرجه مسلم]، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ، أَبْصَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ الْحَسَنَ فَقَالَ: إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنَ الْوَلَدِ ‌مَا ‌قَبَّلْتُ ‌وَاحِدًا مِنْهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ مَنْ لَا يَرْحَمْ لَا يُرْحَمْ»، فقوله –صلوات ربّي وسلامه عليه- دلُّ على انتقاد عدم حنو الأقرع على أبنائه وإخفاء محبته لهم، فلا تكون التربية بالعنف فقط ولا بالتدليل فقط لكن نجعلها "التربية بالموقف"، أو كما قال الإمام سفيان الثوري لأصحابه: أتدرون ما الرفق؟ هو أن تضع الأمور مواضعها؛ الشدة في موضعها، واللين في موضعه".
- كما له الحقّ في مراعاة سنه وما تتطلبه مراحله العمرية المختلفة، فيختار أبواه طرقا للتعامل مناسبة لكل عمر؛ فمرحلة الطفولة تختلف في طبيعتها عن مرحلة المراهقة، ولكل مرحلةٍ طريقةٍ مُثلى للتعامل معه وكسبه لا خسارته، قال أحد الصالحين: إذا بلغ الولد سبع سنين فعلِّمه، وإذا بلغ أربعة عشر فصاحبه، وقال آخر: ولدك ريحانتك سبعًا، وخادمك سبعًا، ثم هو عدوّك أو شريكك. فحريٌ بكل أبٍ وأم أن يعلما أن التعامل مع أبنائهم فنٌ ينبغي عليهما تعلّمه وإتقانه.
- حقه في توفير بعض الوقت للمرح والترفيه، وأن يشاركه أبواه ذلك، مما له الأثر على نفس الطفل في التنفيس عنه، وحريٌ بالوالدين أن يراعيا في الألعاب مناسبتها للفئة العمرية لأبنائهما، وأن تعود عليهم بالنفع، فيستهدفا مثلًا الألعاب العقلية والمعرفية التي تشكل وعيهم وتزيد من نسب التركيز والذكاء لديهم بجانب الألعاب الرياضية التي تبني أجسادهم وتقويّها، وإن كانت إلكترونية فيُراعى فيها الضوابط الشرعية لئلا تنقلب الألعاب على أبنائنا بالضد فتؤثر عليهم من الناحية الذهنية أو النفسية أو إضاعة الوقت دون ضابطٍ أو قيد، فقد كان النبي –صلى الله عليه وسلم- يتفقد الأطفال فيجدهم يلعبون فلا ينهاهم ولكن يُسلِّم عليهم.
- حقه في التربية والتعليم والنشأة الحسنة على مكارم الأخلاق، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا نَحَلَ وَالِدٌ وَلَدَهُ أَفْضَلَ مِنْ ‌أَدَبٍ ‌حَسَنٍ " [أخرجه أحمد في مسنده]، وكذا حقه في المعرفة الدينية والعلمية وغيرها من مختلف العلوم الحديثة وآداب الدين والدنيا، وهذا يتأتَّى من طُرُقٍ متعددة، فقد يكون عن طريق الملاحظة، أو الإشارة أو النصيحة والموعظة، فعُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ، يَقُولُ: كُنْتُ غُلَامًا فِي حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَتْ ‌يَدِي ‌تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا غُلَامُ، سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ» فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِي بَعْدُ. [أخرجه البخاري]، أو العادة، ويقول الإمام الغزالي في كتابه «إحياء علوم الدين» (3/ 72): «والصبيان ‌أَمَانَةٌ ‌عِنْدَ ‌وَالِدَيْهِ وَقَلْبُهُ الطَّاهِرُ جَوْهَرَةٌ نَفِيسَةٌ سَاذَجَةٌ خَالِيَةٌ عَنْ كُلِّ نَقْشٍ وَصُورَةٍ وَهُوَ قَابِلٌ لِكُلِّ مَا نُقِشَ وَمَائِلٌ إِلَى كُلِّ مَا يُمَالُ بِهِ إِلَيْهِ فَإِنْ عُوِّدَ الْخَيْرَ وَعُلِّمَهُ نَشَأَ عَلَيْهِ وَسَعِدَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وشاركه في ثوابه أبوه وَكُلُّ مُعَلِّمٍ لَهُ وَمُؤَدِّبٍ وَإِنْ عُوِّدَ الشَّرَّ وَأُهْمِلَ إِهْمَالَ الْبَهَائِمِ شَقِيَ وَهَلَكَ وَكَانَ الْوِزْرُ في رقبة القيم عليه والوالي له».
ويقول الشاعر: وينشأ ناشئ الفتيان منَّا *** على ما كان عوَّده أبوه، ويعلم كثير منّا المَثَل الشهير القائل: من شبَّ على شيءٍ شابَ عليه، أو عن طريق مجال التربية بالقدوة أيضًا، ولا أّسوة أفضل من رسول الله –صلوات ربِّي وسلامه عليه- قال جلّ شأنه: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ ‌أُسْوَةٌ ‌حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)﴾ [الأحزاب: 21]، فنجده –صلى الله عليه وسلم- اتَّخذ هذا المنهج مع الصغار، حتى يعلّمنا نحن الآباء أن هذا من خير طُرُق التربية وعلى الأخصّ في ناحية العبادة، فيروي لنا سيدنا ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ‌بِتُّ ‌عِنْدَ ‌خَالَتِي ‌مَيْمُونَةَ لَيْلَةً فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ اللَّيْلِ، فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَتَوَضَّأَ مِنْ شَنٍّ مُعَلَّقٍ وُضُوءًا خَفِيفًا وَقَامَ يُصَلِّي، فَتَوَضَّأْتُ نَحْوًا مِمَّا تَوَضَّأَ، ثُمَّ جِئْتُ فَقُمْتُ، عَنْ يَسَارِهِ فَحَوَّلَنِي فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ صَلَّى مَا شَاءَ اللَّهُ. [أخرجه البخاري].
- ومن حقوق الطفل التربوية أيضا تنفيره من الصفات السيئة ليس بالقول فقط وإنما بالفعل أيضًا في كَوْن الوالدين القدوة الأولى التي يتعرَّف عليها الطفل في حياته؛ فعَن عبدِ الله بن عامرٍ، أنه قال: دعتْني أُمي يومًا ورسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- قاعِدٌ في بيتنا، فقالت: ها تَعالَ أُعطِيكَ، فقال لها رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- "وما أرَدْتِ أن تُعطِيَهُ" قالت: أُعطِيهِ تمرًا، فقال لها رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "أما إنَّك لو لم تُعْطِيه شيئًا كُتِبَت عليك كِذْبةٌ". [أخرجه البخاري].
- الحق في التعبير عن رأيه، منذ نشأته دون خوفٍ أو مجاوزة حدود الأدب في الوقت نفسه؛ فعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَدَحٍ، فَشَرِبَ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ هُوَ أَحْدَثُ القَوْمِ وَالأَشْيَاخُ عَنْ يَسَارِهِ، قَالَ: «يَا غُلَامُ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ ‌أُعْطِيَ ‌الأَشْيَاخَ»، فَقَالَ: مَا كُنْتُ لِأُوثِرَ بِنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ. [أخرجه البخاري].
وفي اعتماد يوم وثيقة الأخوة الإنسانية الموافق الرابع من فبراير من قِبَل منظمة في ثِقل منظمة الأمم المتحدة للاحتفال به ما يُعززّ منها ويجعلها صحوةً مجتمعيةً دولية وإعلانًا مشتركًا للإنسانية جمعاء على اختلاف الأديان والطوائف والخلفيات الثقافية في جميع الأنحاء.
هذا وبإلقاء الضوء بنظرةٍ تفصيلية على أحد البنود المهمة التي تضمنتها الوثيقة ألا وهو حقوق الطفل، وهو جانبٌ من الأهميةِ بمكان، أقول: ينبغي أن تُوَفَّر مثل هذه الحقوق وأن يُدافع عنها، وألا يُحرم منها أي طفل في أي مكان، وأن تُدان أيةّ ممارسة تنالُ من كرامتهم أو تخلُّ بحقوقهم، وكذلك ضرورة الانتباه إلى ما يتعرَّضون له من مخاطر - خاصةً في البيئة الرقمية - وتجريم المتاجرة بطفولتهم البريئة، أو انتهاكها بأيةِ صورة من الصور.
وصلِّ اللهم وسلِّم على الحبيب المختار المولود في ربيع الأنوار المترفّق بالأطفال الذي ننال بشفاعته الدخول إلى خير الجِنان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.