محافظ القاهرة يهنئ الرئيس السيسي بعيد تحرير سيناء    وزير المالية: 6.6 تريليون جنيه إجمالي مصروفات الحكومة في الموازنة الجديدة    مجلس النواب يوافق على استضافة مصر مركز التميز للتغيرات المناخية " نيباد"    النواب يوافق على مجموع مواد مشروع قانون التأمين الموحد    مشروع تطوير التجارة في مصر ينظم الحدث السنوي عن سبل التمويل والاستثمار    دبلوماسي سابق: مصر احتوت الكثير من المخاطر لمساعدة الشعب الفلسطيني    السفير طلال المطيرى: مصر تمتلك منظومة حقوقية ملهمة وذات تجارب رائدة    موقف أراوخو بشأن مستقبله مع برشلونة    الخطيب يغيب عن مؤتمر راعي الأهلي الجديد    العين يواجه مخططات "القوة الزرقاء" والهلال في "المملكة أرينا"    محمود الخطيب يغيب عن مؤتمر الراعي الجديد للأهلي    أطلقا عليه النار .. كشف لغز مق.تل عامل بقنا    كان بيلعب في البلكونة.. دفن طفل سقط من العاشر في الجيزة    احتفالية غنائية للأوبرا بمناسبة أعياد تحرير سيناء    المشاط: نكثف جهودنا ضمن إطار استراتيجية الحكومة لتعزيز دور القطاع الخاص في التنمية    جامعة المنصورة تستقبل وفدا من مركز القياس والتقويم بوزارة التعليم العالي    محافظ شمال سيناء يعلن بدء طرح مشروع إسكان مدينة رفح الجديدة    أثليتك: إيمري يمدد عقده مع أستون فيلا إلى 2027    «النواب» يبدأ الاستماع لبيان وزير المالية حول الموازنة العامة الجديدة    السفير المصري بكوريا الجنوبية: الفترة المقبلة ستشهد ضخ المزيد من الاستثمارات الكورية في مصر    مصرع طفلة سقطت من الطابق الرابع بمساكن عثمان في أكتوبر    11 معلومة مهمة من التعليم للطلاب بشأن اختبار "TOFAS".. اعرف التفاصيل    تأجيل نظر 3 قضايا قتل والبراءة لآخر بمركز بني مزار في المنيا    «تنظيم الاتصالات» يقر أوقات العمل الصيفية لشركات المحمول    مي عمر تكشف عن مفاجأة في رمضان 2025 (تفاصيل)    فيلم يقفز بإيراداته إلى 51.3 مليون جنيه في 13 يوم.. تعرف على أبطاله وقصته    هل يستمر عصام زكريا رئيسًا لمهرجان الإسماعيلية بعد توليه منصبه الجديد؟    احذر- الإفراط في تناول الفيتامينات يهددك بهذه الحالات المرضية    رئيس جامعة عين شمس والسفير الفرنسي بالقاهرة يبحثان سبل التعاون    خلال الاستعدادات لعرض عسكري.. مقتل 10 أشخاص جراء اصطدام مروحيتين ماليزيتين| فيديو    ناتاليا: درسنا أبيدجان جيدًا وهدفنا وضع الأهلي في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    رفع 40 سيارة ودراجة نارية متهالكة بمختلف المحافظات    "ضربها بمزهرية".. تفاصيل مقتل مسنة على يد سباك بالحدائق    غرق شاب في ترعة أخميم بسوهاج    عبدالرحمن مجدي: مباراة الاتحاد بداية تحقيق طموحات جماهير الإسماعيلي    قطاع الدراسات العليا بجامعة القناة يعلن مواعيد امتحانات نهاية الفصل الدراسي الثاني    جيش الاحتلال الإسرائيلي يقصف مناطق لحزب الله في جنوب لبنان    متحدث وزارة العمل: تعيين 14 ألف شخص من ذوي الهمم منذ بداية 2023    وزير الأوقاف من الرياض: نرفض أي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته    البرلمان يحيل 23 تقريرا من لجنة الاقتراحات والشكاوى للحكومة لتنفيذ توصياتها    وزير الصحة: التوسع في الشراكة مع القطاع الخاص يضمن خلق منظومة صحية قوية    تحذيرات هيئة الأرصاد الجوية من ارتفاع درجات الحرارة ونصائح الوقاية في ظل الأجواء الحارة    إطلاق قافلة طبية مجانية في قرى مرسى مطروح.. اعرف الأماكن والتخصصات    بمناسبة اقتراب شم النسيم.. أسعار الرنجة والفسيخ اليوم الثلاثاء 23/4/2024    رئيس الأركان الإيراني: ندرس كل الاحتمالات والسيناريوهات على المستوى العملياتي    الرئيس السيسى يضع إكليلا من الزهور على النصب التذكارى للجندى المجهول    شعبة الأدوية: انفراجة في توفير كل أنواع ألبان الأطفال خلال أسبوع    نيللي كريم تثير فضول متابعيها حول مسلسل «ب100 وش»: «العصابة رجعت»    الرئيس البولندي: منفتحون على نشر أسلحة نووية على أراضينا    طلاب الجامعة الأمريكية يطالبون الإدارة بوقف التعاون مع شركات داعمة لإسرائيل    الدفاعات الأوكرانية: دمرنا جميع الطائرات المسيرة التي أطلقتها موسكو خلال الليل    الإفتاء: لا يحق للزوج أو الزوجة التفتيش فى الموبايل الخاص    بدرية طلبة تشارك جمهورها فرحة حناء ابنتها وتعلن موعد زفافها (صور)    حظك اليوم برج الميزان الثلاثاء 23-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    "بأقل التكاليف"...أفضل الاماكن للخروج في شم النسيم 2024    مستدلاً بالخمر ولحم الخنزير.. علي جمعة: هذا ما تميَّز به المسلمون عن سائر الخلق    الإفتاء: التسامح في الإسلام غير مقيد بزمن أو بأشخاص.. والنبي أول من أرسى مبدأ المواطنة    علي جمعة: منتقدو محتوى برنامج نور الدين بيتقهروا أول ما نواجههم بالنقول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آبى أحمد الحائز على جائزة نوبل يقود البلاد لحرب أهلية
نشر في البوابة يوم 12 - 01 - 2021

صراع البقاء في السلطة والخلاف مع العرقيات والقبائل والطوائف
إثيوبيا: دوافع عديدة وراء التغيرات
آبى يطلب الأمن الشخصى والقبلى أكثر من أى شىء آخر
انتخابات تحت حصار الأورومو.. والدولة العميقة تنتعش مع ظهور المنافس في قمة القبيلة
جوهر وآبى.. بداية تفكك شعبية الطرفين تمهيدًا للعنف
المعارضة: آبى أحمد يحاول إرساء دكتاتورية في إثيوبيا
يظل رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد، يسعى إلى التواجد على الأرض، والسعى إلى الفوز في الانتخابات المؤجلة من مايو 2020 إلى موعد لاحق، في ظل توترات شديدة في أقاليم مختلفة، وتدخل فيها الجيش بتنفيذ أعمال عسكرية.
الخريطة السياسية والقبلية في إثيوبيا معقدة بشكل كبير، فوفقا لآخر إحصاءٍ وطنى للسكان 2007، يشكل المسيحيون 66.5% مِنْ سكانِ البلادِ بينهم «43.5 % أرثوذكسى إثيوبى، و19.3% طوائف أخرى كبروتستانت وكاثوليك)، والمسلمون 30.9%، وممارسو المعتقداتِ التقليديةِ 2.6%، هذا بخلاف التعدد القبلى والعرقى بين قوميات مختلفة منها الأمهرية والصومالية، وطائفة تيجراى، وغيرها.
المراقبون يرون أن آبى أحمد الذى فاز بجائزة نوبل للسلام في 2019، لتحقيقه السلام مع إريتريا، إلا أنه فشل في استيعاب أغلبية قبيلة الأرومو وخاصة من هم ضد انحيازه لعائلته ومصالحه والتقارب إلى إريتريا واعتقال عدد من كبار ضباط القوات المسلحة من والأرومو وعدم انتهاء التحقيق في عمليات قتل واغتيال ساسة ومسئولين.
كان آبى أحمد في البدء، قام بالمصالحة التاريخية بين أديس أبابا وأسمرا لتنهى نزاعا اقترب من ربع قرن، بعد توقيع «إعلان أسمرا»، ووقّع آبى أحمد، والرئيس الإريترى أسياس أفورقى «إعلان سلام وصداقة» مشترك في أسمرا، وكان ذلك أكبر المصالحات، ولتنهى الحرب بينهما. (الغريب أن آبى حاز على جائزة نوبل للسلام وليس بالمشاركة مع اسياس).
وعلى صعيد الخلافات القبلية، البداية كانت من إقليم الصومال الإثيوبى شرق إثيوبيا في ال7 من أبريل 2018، بهدف إنهاء نزاع حدودى مع إقليم «الأرومو» اندلع في سبتمبر 2017، وأسفر عن سقوط قتلى وجرحى ونزوح نحو 600 شخص إلى إقليم «هرر»، واستطاع آبى أحمد أن يوفق بين شعبى الإقليمين بشكل غير مسبوق.
ثم زار آبى أحمد، مدينة «أمبو»، مركز المعارضة بإقليم «الأرومو"،والأساس للمظاهرات والمعارضة ضد النظام، ثم انطلق إلى إقليم تيجراى وتوقف في مدينة مقلى والتقى قادتها وأعطاهم حق الأمان والسلام، وفى نفس الشهر أبريل زار مدينة جوندر في إقليم أمهرا وحقق تهدئة للأوضاع، واستطاع ان يوقف أعمال العنف، وأخيرا ذهب إلى مدينة أواسا لينهى العنف القبلى هناك، حيث يعيش 56 قومية يشكلون نحو 70٪ من القوميات والقبائل الإثيوبية.
نعود إلى التعددية الدينية في إثيوبيا: وطبقًا لآخر إحصاءٍ وطنى للسكان 2007، يشكل المسيحيون 66.5٪ مِنْ سكانِ البلادِ (43.5 ٪ أرثوذكسى إثيوبى، 19.3٪ طوائف أخرى كبروتستانت وكاثوليك)، مسلمون 30.9٪، وممارسو المعتقداتِ التقليديةِ 2.6٪ كتابَ حقائق وكالة المخابرات المركزيةِ الأمريكية والمسيحية الأرثوذكسية لَها تاريخ طويل في إثيوبيا تَعُودُ إلى القرن الأولِ، ولها حضور مهيمن في وسط وشمال إثيوبيا، والبروتستانتنية لَها وجود كبير في جنوب وغرب إثيوبيا. هناك أيضا مجموعة قديمة صغيرة مِنْ اليهود، ويسمون ب"بيت إسرائيل»، يَعِيشُون في شمال غرب إثيوبيا، مع ذلك أكثرهم هاجرَ إلى إسرائيل في العقود الأخيرة للقرنِ العشرين كجزء مِنْ مهماتِ الإنقاذِ التى قامت بها الحكومة الإسرائيلية، عملية موسى والعملية سليمان يَعتبٍر بَعْض العلماءِ الإسرائيليينَ واليهودِ هؤلاء اليهود الأثيوبيينِ بأنهم القبيلة الإسرائيلية المفقودة، وبدأ الإسلام في إثيوبيا 615 م، ويصل عدد المسلمين إلى 25 مليونا ويعد الديانة الثانية بعد المسيحية.
أما عن التعدد القبلى والعرقى فالقومية الأمهرية: تنتشر في شمال البلاد، تقدر نسبتها ب 25٪، حكمت البلاد لعقود، ومن أبرز السياسيين الذين ينتمون إليها الإمبراطور هايليسيلاسى، وقبله الإمبراطور مينيليك (1889-1913)، وبعده نظام «ديرج» لمينجيستوهايلى مريم هيمنت هذه القومية على جميع القوميات الأخرى وجعلوا لغتهم لغة البلاد الرسمية، استعادت السلطة من التجريين الذين يقطنون ولاية تجرى بوصول مينيليك الثانى إلى الحكم عام 1889، والأمهرية هى لغة جمهورية إثيوبيا الفدرالية الديمقراطية، حيث تعتمد في المراسلات الرسمية، وهى لغة الجيش الإثيوبى ولغة الماركات التجارية وغيرها.
القومية الصومالية: تقدر نسبة هذه القومية بنحو 6.2٪، ويقطن سكانها في إقليم أوغادين الذى يعرف بالإقليم الخامس بحسب التقسيم الإدارى الإثيوبى، وقد ضُمَّ إلى إثيوبيا منذ عام 1954، وتنتمى الغالبية العظمى من السكان إلى الأعراق الصومالية، وخاصة قبيلة الأوغادين إحدى قبائل الدارود، كما توجد فيه جماعات الدناكل، وهناك جالية عربية استقرت في المنطقة واختلطت بالسكان منذ عهد قديم.
طائفة تيجراى: تقطن منطقة صغيرة تقع على حدود البلاد الشمالية مع إرتيريا، تشكل نحو 6.1٪ من سكان إثيوبيا، ورغم ذلك فهى العرقية التى تحكم إثيوبيا منذ تولى ميليسزيناوى السلطة عام 1991، وتسيطر تيجراى على قوات الجيش، إذ إن نسبة 99٪ من ضباط قوات الدفاع الوطنى من هذه الطائفة، ونسبة 97٪ منهم من نفس القرية، فيما عدا رئيس الوزراء المستقيل، هيلاميريامديسيلين الذى ينتمى إلى طائفة «وولايات» التى تشكل معظم سكان منطقة الأمم والجنسيات والشعوب الجنوبية. ولم يكن لعرقية التيغراى تأثير على الحياة السياسية، لكونهم لا يشكلون حجما سكانيا يحسب له، غير أن بروز «الجبهة الشعبية لتحرير التيغراي» بزعامة زيناوى عام 1989، قلب المشهد السياسى في البلاد، حيث تولى زعامة البلاد من عام 1991 حتى وفاته 2012.
وعلى غرار المصالحات القبلية والقومية والسياسية التى نجح في إنجازها لتهدئة النزاعات والقضاء عليها في الداخل والخارج، اتجه ابى أحمد نحو حل الخلافات التى تتعلق بأمور دينية
ففى مبادرة منه تمكن آبى أحمد من التوفيق بين المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ولجنة تحكيم المسلمين بإثيوبيا بعد قطيعة بينهما دامت لأكثر من 5 سنوات إثر خلافات بينهما حول إدارة الشئون الإسلامية ومدرسة الأولية الإسلامية التى كانت تديرها في السابق هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية.
ولعل أخطر ما قام به رئيس الوزراء، هو المصالحة بين الكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية بأديس أبابا والكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية بالولايات المتحدة بعودة بطريرك إثيوبيا الرابع «مركوريوس «من منفاه بعد 27 عاما، في ختام زيارة لآبى أحمد غير رسمية إلى الولايات المتحدة استغرقت 6 أيام حينذاك، التقى خلالها نائب الرئيس الأمريكى، مايك بنس، في واشنطن، وقاد مصالحة تاريخية بين الكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية بأديس أبابا والكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية بالولايات المتحدة، توجت باتفاق يعيد للأنبا «مركوريوس» مكانته كرئيس للكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية بأديس أبابا.
إثيوبيا: دوافع عديدة وراء التغيرات
بعد حالة الاغتيالات التى شهدتها إثيوبيا على مدى عامين؟ وقعت احتجاجات في 25 سبتمبر 2018 من عدد من أبناء العرقية الأمهرية في وسط العاصمة الإثيوبية أديس أبابا مطالبين بسرعة التحقيق في حادث اغتيال مهندس سد النهضة سيمجنو بيكلى، مثلما انتهت التحقيقات في محاولة اغتيال رئيس الوزراء آبى أحمد، ولم يربط أحد بين توقيت محاولة اغتيال رئيس الوزراء آبى أحمد المسلم من عرقية أورومو 23 يونيو 2018، واغتيال مهندس السد الإثيوبى «سد النهضة»، سيمجناو بيكلى في 26 يونيو 2018، المسيحى من العرقية الأمهرية والذى تم العثور عليه مقتولا بالرصاص داخل سيارته، ثلاثة أيام تفصل بين الحادثين تؤكد بما لايدعو مجالا للشك في الربط بين الحادثين؟!!».
وبيكلى كان شخصية ذات شعبية كبيرة وأصبح مرادفًا لمشروع السد الطموح للأمة، وهو مصدر للفخر الوطنى بالنسبة وتجمع عشرات الآلاف من الإثيوبيين في جنازة بيكلى في ساحة ميسكيل - وهو المكان نفسه الذى عُثر فيه على جثته قبل بعد اغتياله، كما تجمع في أنحاء العاصمة، متظاهرون دعوا إلى إجراء تحقيق سليم للوقوف على أسباب مقتل بيكلى.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك دلالة أخرى لمكان دفن المهندس بيكلى حيث تم دفنه في مقابر كنيسة الثالوث المقدس، بجوار الإمبراطور هيلا سيلاسى الأول، ورئيس الوزراء الراحل ملس زيناوى، وهم من كبار قادة القومية الأمهرية المسيحية الأرثوذكسية.. وكانت جنازته قد اتسمت حينذاك بطابع عرقى دينى، وشهدت جنازته حينذاك، قيام الشرطة الإثيوبية بإطلاق الشرطة الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين في أديس أبابا، حيث اجتمع عشرات الآلاف لتشييع جثمان.
وكشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، حينذاك، تفاصيل جديدة حول عملية قتل مدير مشروع سد النهضة الإثيوبى الذى وجد مقتولا داخل سيارته، وأشارت الصحيفة إلى أن مقتل المهندس سيمجناو بيكلى ميتا تسبب في ردود فعل غاضبة في إثيوبيا سواء على المستوى الشعبى أو الرسمى، وقالت الشرطة الإثيوبية إنها وجدت مسدسًا بجوار جثة بيكلى داخل سيارته من طراز تويوتا لاند كروزر، وسط تكهنات حول مقتله بسبب طبيعة عمله، وذكرت الصحيفة أن بيكيلى كان في العاصمة أديس أبابا قبل ساعات قليلة من مقتله، ولفتت النظر نيويورك تايمز من أن المؤتمر الصحفى كان سيشرح فيه قلقه من التأجيل غير المسبب لاستكمال السد، وكان سيمجناو بيكلى تحدث في مايو الماضى أمام الجميع مبديًا تفاؤله بمسار سد النهضة، موضحًا أن ثلث المشروع هو المتبقى فقط. يشار إلى أن بيكيلى له الفضل في بناء سدود كهرومائية في إثيوبيا، ويدير سد النهضة الذى يعد أكبر مشروع إثيوبى، وترى الدولة الأفريقية أنه ضرورى للتنمية، حيث لا يحصل 60 مليون مواطن بها على الكهرباء.
وجاء اغتيال بيكيلى ليصبح العملية الدموية الثانية التى يتم تنفيذها في ميدان ميسكيل بأديس أبابا خلال شهر، وذلك بعد مقتل شخص خلال استهداف موكب لرئيس الوزراء آبى أحمد، كل ذلك يشير إلى أن هناك انقساما في «الأورومو» بين الأقلية المسلمة والأقلية الأمهرية، وما تصريحات آبى أحمد الأخيرة إلا أن تكون دعوة داخلية لجمع ولاء أقلية قبلية دينية ضد أقلية أخرى مستخدما عملية بناء السد تكئة في ذلك، ومن المهم أن تشير هنا إلى ذهاب آبى إلى إسرائيل (بدلا من مصر طلبا للأمن أكثر من السد).
انتخابات تحت حصار الأورومو
تتواصل محاولات آبى أحمد لتجميع أنصاره لكسب الانتخابات المؤجلة دائما، ولكن المؤشرات تؤكد أنه يخسر ما تبقى من قبيلته الأورومو ويفتح المجال للخصومة مع تلغراى.
وفى الوقت الذى كان العالم يتابع جلسة مجلس الأمن السابقة والخاصة بسد النهضة، قتل سبعة أشخاص في إثيوبيا خلال احتجاجات أعقبت مقتل المغنى هاشالو هونديسا (وهو مثل الشيخ امام عيسي)، المعروف بأغانيه السياسية» اشالو هونديسا» من أمبو، لغوداتو هورا وهونديسا بونسا. عائلته من شعب أورومو وكبر وهو يغنى في النوادى المدرسيةالجامعات من اجل مصالح الديمقراطية وقبيلة الأرومو، وسبق اعتقاله ويعد من اشد المعارضين لابى أحمد.
وكانت أغانى هاشالو تركز في أغلب الأحيان على حقوق عرقية الأورومو في البلاد وتحولت إلى أناشيد تصدح بها الحناجر في موجة من الاحتجاجات التى قادت إلى سقوط رئيس الوزراء السابق في 2018، وتطالب بسقوط رئيس الوزراء الحالى ابى أحمد، وكان المغنى البالغ من العمر 34 عامًا قد قال إنه تلقى تهديدات بالقتل. ولكن من غير الواضح هوية من يقف وراء إطلاق النار عليه. وتظاهرت جماهير غفيرة خرجت إلى الشوارع في أديس أبابا عقب سماعها بنبأ مقتله.. وأطلقت الشرطة النيران مما أدى إلى إصابة ومقتل العشرات، وقد قطعت شبكة الإنترنت عن مناطق في البلاد مع انتشار الاحتجاجات في ولاية أوروميا الإقليمية.
وكانت جثة هاشالو في طريقها إلى مسقط رأسه «أمبو» التى تبعد عن العاصمة 100 كيلومتر إلى الغرب، ولكن المحتجين حاولوا إيقاف العملية وأصروا على وجوب دفنه في أديس أبابا.
وتأتى وفاة هاشالو والاحتجاجات التى تلته في وقت تتنامى فيه التوترات السياسية في أعقاب تأجيل الانتخابات التى كان من المقرر إجراؤها في أغسطس 2020، وذلك بذريعة انتشار وباء كورونا. وكان ينتظر أن تكون تلك الانتخابات أول اختبار انتخابى لرئيس الوزراء آبى أحمد بعد تسلمه مهام منصبه في أبريل 2018.
أسباب التعنت الإثيوبي..
احتجاجات الأورومو
يشتكى الأورومو، وهم أكبر جماعة عرقية في إثيوبيا، منذ زمن طويل من تعرضهم للتهميش، ولا يكفون عن الاحتجاج منذ 2016، ولمواجهة ذلك لجأ الائتلاف الحاكم في نهاية المطاف إلى استبدال رئيس الوزراء في حينه هايلى مريام ديسالين بآبى أحمد، الذى ينتمى إلى جناح من عرقية الأورومو، وقد أدخل آبى سلسلة من الإصلاحات غيرت صورة البلاد التى كانت تعتبر «دولة قمعية».
وفاز بجائزة نوبل للسلام في 2019، ويرجع ذلك بشكل أساسى إلى تحقيقه السلام مع إريتريا، ولكنة فشل في استيعاب اغلبية قبيلة الارومو وخاصة من هم ضد انحيازه لعائلته ومصالحه والتقارب إلى اريتريا واعتقال عدد من كبار ضباط القوات المسلحة من الأورومو وعدم انتهاء التحقيق في مقتل نتائج التحقيقات يبدو أنها جاءت غير متوقعة لكثير من الإثيوبيين والمهتمين بالشأن الإثيوبى، خاصة أن التصريحات الصادرة عن التحقيقات الأولية للشرطة الإثيوبية، عقب الحادث، كانت تلمح إلى أن الحادث مرتبط بالتغيرات الداخلية والخارجية التى تشهدها الدولة منذ تولى رئيس الوزراء الجديد آبى أحمد، في إشارة إلى تعرضه لعملية اغتيال مدبرة، لأسباب سياسية، وطالبت الشباب بدعم تلك التغيرات الجارية، وكشفت الشرطة وقتئذ أن الحادث جنائيًا، وألقت القبض على عدد من المشتبه بهم، وتوالت التحقيقات.
في تلك الفترة تناقلت وسائل إعلام محلية ودولية والوكالات العالمية، تقارير توجه أصابع الاتهام لعدد من الأطراف، فما بين وجود بعد قبلى وعشائرى في مقتله، والحديث عن دلائل تشير لوجود أياد خفية داخلية، (الدولة العميقة)، راغبة في اعتراض عملية الإصلاح التى يقوم بها رئيس الوزراء الإثيوبى، من منطلق أن التحوّلات التى يقودها ستقلص نفوذ المكون الأكبر من الارومو لصالح مكون مختلف دينيا، فيما طالت الاتهامات الحركة الشعبية لتحرير التغراى، وآخرين اتهموا جناح آبى أحمد.
مما يؤكد ذلك أن نتائج تحقيقات الشرطة الفيدرالية، ومحاولة قفل ملف القضية نهائيًا، بإعلان انتحار مدير مشروع سد النهضة، مازالت مثيرة للشكوك، وغير مقنعة للرأى العام الإثيوبى، إلا أن فرضية انتحار مدير سد النهضة الإثيوبى، تظل نقطة جدل. لكن ومع اندلاع المظاهرات ضد آبى أحمد في 2019 وإعلان الشرطة الإثيوبية ارتفاع حصيلة قتلى المظاهرات المناهضة لرئيس الوزراء آبى أحمد إلى 67 شخصا، لم يمنع ذلك من تواصل أنصار المعارض جوهر محمد من التظاهر للتنديد بمحاولة السلطات إبعاد موظفى حمايته الشخصية عنه، قبل أن تتحول إلى صدامات بين أنصار محمد وقوات الأمن الإثيوبية، حتى مع إعلان وزارة الدفاع نشر عسكريين في سبع مناطق، وقد اندلعت أعمال عنف وقتها في العاصمة أديس أبابا قبل أن تمتد إلى منطقة أوروميا إثر نزول أنصار المعارض للشارع وحرق إطارات سيارات وإقامة حواجز وسد الطرقات في عدة مدن.
جوهر وآبى.. بداية تفكك شعبية الطرفين تمهيدًا للعنف
في سياق التوترات الدينية والقبلية في إثيوبيا وفى خضم المظاهرات التى تشهدها إثيوبيا برز اسم جوهر محمد (33 عاما) كرمز جديد يمثل المعارضة، وبعد أن ساند جوهر محمد في البداية رئيس الوزراء آبى أحمد، أصبح من أشد أعدائه، رغم أنه كان يعتبر جوهر محمد صانع فوز رئيس الوزراء الحالى آبى أحمد، الذى ينتمى مثله إلى إثنية الأورومو التى تمثل الأغلبية في إثيوبيا. وجوهر محمد هو خريج جامعتى ستانفورد وكولومبيا الأمريكيتين
لكن جوهر محمد انتقل إلى صفوف المعارضين لآبى أحمد ليصبح من أبرز خصومه، حيث انتقد في عدة مناسبات علنا إصلاحات رئيس الوزراء. ثم رسخت اتهامات جوهر محمد على مواقع التواصل الاجتماعي لآبى أحمد بأنه يحاول إرساء دكتاتورية في إثيوبيا القطيعة التامة بين الرجلين، وهو ما أثار امتعاض آبى أحمد الحائز مؤخرا على جائزة نوبل للسلام
خطورة الخلاف بين آبى وجوهر أنها تقسم «الأورومو» وتثير القلاقل القبلية من جديد، والتعددية الدينية في إثيوبيا، خصوصا مع التركيبة السكانية في البلاد، وبذلك يكون جوهر قد استطاع ان يشعل النار في أغلب منجزات آبى التى حصل بها على جائزة نوبل للسلام مثل انهائه خلافات 2017، حول الحدود مع إقليم «الأورومو» اندلع في سبتمبر 2017، وأسفر عن سقوط قتلى وجرحى ونزوح نحو 600 شخص إلى إقليم «هرر»، واستطاع آبى أحمد أن يوفق بين شعبى الإقليمين حينذاك.
الأمر الذى يستدعى تأجيج الصراع من جديد حول مدينة «أمبو»، مركز المعارضة بإقليم «الأرومو»، والأساس للمظاهرات والمعارضة ضد النظام ويهدد باندلاع خلافات أخرى في ابريلزارومدينة جوندر في إقليم أمهرا، وفى مدينة أواسا، حيث يعيش 56 قومية يشكلون نحو 70٪ من القوميات والقبائل الإثيوبية.
جوهر محمد الذى يقدم نفسه على أنه «أورومو أولا»، قبل أن يكون إثيوبيا، كثيرا ما يتهم بتأجيج التوترات الدينية. لكن من المؤكد أن لديه ثقلا لا يستهان به على مواقع التواصل الاجتماعي حيث يتابعه أكثر من 1.7 مليون شخص على فيس بوك و125 ألف شخص على تويتر. هؤلاء يتابعون كل يوم انتقاداته الشديدة للسلطة.
وفى هذه الفترة التى تسبق الانتخابات التشريعية التى كان من المقرر إجراؤها في مايو 2020 وتم تأجيلها، قد تضعف هذه المواجهة آبى أحمد، ويرى المتخصص في القرن الأفريقي إيلوا فيكات في حديث لفرانس 24، أن كلا من الرجلين يحاول اختبار الآخر وتقييم قدرته على الحشد. لا أحد منهما يرغب في سيناريوهات مرعبة إلا أن كلاهما يرغب في دفع الآخر إلى الخطأ. وهو ما قد يؤدى إلى التسبب في أعمال عنف واسعة وهذا ما حدث بالفعل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.