أيام قليلة ويحل علينا عام ميلادى جديد، يحتفى به العالم أجمع فلا فرق بين مسلم ومسيحى وهناك عادات وتقاليد يشاركون فيها تلك الاحتفالات وأبرزها شجرة «الكريسماس» التى يتصارعون على شرائها قبل صافرة انتهاء العام الجارى، وإلى جانب ذلك يشهد الكثير من الدول استعدادات ضخمة لاستقبال العام الجديد، وتستعد الكنائس لاستقبال الكريسماس، وهناك مظاهر ثابتة للاحتفال بهذه المناسبة في جميع بلدان العالم ومنها شجرة الميلاد، وشخصية بابا نويل الذى يقدم الهدايا للأطفال، و«المغارة». وتعد شجرة «الكريسماس»، والتى تتزين بها الشوارع والمؤسسات والساحات العامة والمحال التجارية، أبرز مظاهر الاحتفال بالعام الجديد، وهى تعنى القيمة الرمزية للمغارة الذى ولد فيه المسيح، وتحمل أيضًا رسالة الأخوة والصداقة والدعوة إلى الاتحاد والسلام، حيث يصطحبها تشغيل الموسيقى والأغانى المرتبطة بالكريسماس، وسط فرحة عارمة من المواطنين دون تمييز بين مسلم ومسيحى. أما بابا نويل، كان لها أساس واقعى مُستمد من شخصية «القديس نيقولاس أسقف ميرا المتوفى سنة 341م»، والذى لقب بصانع العجائب لكثرة العجائب التى أجراها الله على يديه، كما اشتهر بعمل الإحسان، وتوزيع الصدقات على الفقراء، وسُمى «سانتا كلوز» أو «بابا نويل»، واسم «سانتا كلوز» جاء من اسمه بالإنجليزية «سانت نيكولاس»، وأول رسم لبابا نويل كان سنة 1862م، وهو عبارة عن شخص كبير السن يبدو قزما يلبس ملابس حمراء وقبعة صغيرة، وله لحية طويلة بيضاء. ويوجد ما يسمى ب«المغارة» وهى رمز البساطة والتواضع، ويرجع تاريخها إلى القديس فرنسيس الأسيزى، في القرن الحادى عشر، واعتاد الناس على إعداد ما يسمى ب«مزود البقر» وهو المكان المتواضع الذى حل فيه «الطفل يسوع المسيح»، لإحياء ذكرى ميلاده. ولكل طائفة مسيحية طقوس وعادات خاصة بها، فالروم الأرثوذكس، أكد من خلالها الأنبا نقولا مطران طنطا والمتحدث الرسمى باسم بطريركية الروم الأرثوذكس، أن تقليد الكنيسة الأرثوذكسية لم يدرج على تزيين شجرة الميلاد إلا في القرنين الأخيرين بتأثير غربى، ولكن هناك شواهد على أن الغرب نفسه استوحى ذلك من الشرق، حيث وجدت مخطوطة تصف «شجرتين نحاسيتين» في كنيسة بناها الإمبراطور أنستاسيوس في طورعابدين شمال سوريا عام 512م «مزينة بمشاعل بيض وحُمر وأجراس وسلاسل فضية»، ومثلها في كنيسة آيا صوفيا عام 563م حيث يصفها بولس سيليندياريوس، بقوله: «مشاعل وضعت على أشجار معدنية، تتسع في أسفلها وتضيق كلما ارتفعت حتى تصل في القمة إلى مشعل واحد». وتابع الأنبا نقولا، يفسر المطران إييروثيوس فلاخوس معنى الشجرة فيقول: «صحيح أن هناك شكوكًا في مدى انسجام الشجرة مع تقليدنا الأرثوذكسى، إلا أنها ترمز إلى المسيح وليست بعيدة عن نبوءة إشعياء التى قال فيها: ويخرج قضيب من جذع يسّى وينبت غصن من أصوله ويحل عليه روح الرب روح الحكمة والفهم... يقضى بالعدل للمساكين ويحكم بالإنصاف لبائسى الأرض (11:1). وهذا ما يرتّل يوم عيد الميلاد في الكاطافاسيات، بالقول: «لقد خرج قضيب من أصل يسّى ومنه قد نبتّ زهرة» (في إشارة إلى ولادة يسوع من نسل داود ابن يسى)، فالمسيح هو «شجرة الحياة» التى أزهرت من البتول في المغارة، وفى كنيستنا الأرثوذكسية توضع شجرة الميلاد مع المغارة خارج مبنى الكنيسة، كما في كنيسة بيت لحم. وكان المطران عطا الله حنا، رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس، مطران القدس، ترأس صلاة القداس الإلهى المعروف ب«منتصف الليل» مساء الأربعاء الماضى، داخل القبر المقدس في كنيسة القيامة بالقدس القديمة، وأضاء شجرة عيد الميلاد (الكريسماس)، وذلك أثناء مشاركته في الاحتفال الذى أقيم بحضور عدد من الشخصيات الدينية والوطنية.