قدم قصر ثقافة الجيزة التابع للهيئة العامة لقصور الثقافة، اليوم السبت، عبر الصفحة الرسمية للفرع بمواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" حلقة جديدة من سلسلة حلقات "حكاية لوحة" ضمن مبادرة وزارة الثقافة التي أطلقتها تحت شعار الثقافة بين إيديك. وقدم القصر حكاية لوحة "مقرئ السرادق" (1960)، التي تعد من أجمل لوحات الفنان محمود سعيد من اعداد الكاتبة مي مجدي. تصور اللوحة ثلاثة من المشايخ داخل سرادق،أحدهم تربع على دكة مرتفعة في منتصف اللوحة مستغرقًا في التلاوة لكلمات الله الشريفة، يؤدى دوره في التلاوة، وقد مال رأسه ووضع كفه الأيمن على أذنه كعادة المقرئين حين يندمجون في التلاوة، وتدلت المسبحة من كفه اليسرى. ويجلس إلى يمين القارئ مقرئ آخر ربما ينتظر دوره للتلاوة وقد أحنى رأسة كأنه يستمع بكيانه كله وليس بأذنيه، وإلى جوار دكة القراءة يسار المقرئ في اللوحة يجلس شيخ آخر وقد أحنى رأسه مستمعًا خاشعًا. الشيوخ المقرئون الثلاثة مرتدين للزي الأزهري الجبة والعمامة، وفيهم حالة من الاستغراق الممتع المتأمل لكلمات الله عز وجل. المشهد المادي الملموس بكاملة ينقلنا إلى حالة روحانية. قد رسم الفنان المشهد باهتمام كبير بالعنصر الزخرفي في الخلفية بستخدام العناصر الزخرفية للفن الإسلامي وجعل دوائر ومنحنيات العناصر الزخرفية تجد لها صدى في المنحنيات العديدة لأكمام ملابس المقرئين واستدارت عماماتهم. فعمل على التوازن بين الخطوط الرأسية والأفقية والمنحنية، "فالكنبة" التي يجلس عليها المقرئ مزدانة بقوائم رأسية من الخشب على شكل الخرط العربي، بينما زينت الخلفية بخطوط أفقية ومقوسة. كما اعتمد الفنان محمود سعيد على الإيقاع الموسيقي المتهادي بتلك الانحناءات طولًا إلى أسفل مقدمة الدكة الخشبية الجالس فوقها المقرىء. وليبدو لنا المشهد بكل عناصره يتجاوب ويكمل الحالة الروحانية لنستشعر أن المشهد والمقرئين يتهادون بين السكون والحركة، بين سكونية أوضاعهم الجسدية وحركية اتجاهات ملابسهم وانسيابتها. لم يشغل محمود سعيد باله برسم تفاصيل ملامح الوجوه، واكتفى بلمسات فرشاة جريئة وسريعة، تلخص في رشاقة المناخ النفسي العام لهذه الوجوه، حتى لا تلفت عين المتلقي عن متابعة المشهد.